رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منطقة التجارة الحرة الإفريقية تتجه نحو التكامل المالى

 السوق الأفريقية
السوق الأفريقية المشتركة المستقبلية

طورت السوق الإفريقية المشتركة المستقبلية منصة للمدفوعات عبر الحدود برعاية البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك)، والتي تعد بمثابة البنية التحتية للسوق المالية عبر الحدود لتسهيل المدفوعات في إفريقيا بالعملات الوطنية.
وأشار تقرير للمنصة الإخبارية لصحيفة "لوبوان" الفرنسية - إلى أنه بإطلاق هذه المنصة فقد تم اتخاذ خطوة جديدة نحو التكامل المالي لإفريقيا في سياق منطقة التجارة الحرة القارية، والتي تضم 54 دولة أفريقية من أصل 55 دولة إفريقية (باستثناء إريتريا)، أي نحو 2ر1 مليار نسمة، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي التراكمي نحو 2500 مليار دولار، وهو ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي.
وأضاف التقرير أن منطقة التجارة الحرة القارية تعد أكبر سوق مشتركة على مستوى العالم من حيث عدد السكان. 

وقد تم إطلاقها في مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي في نيامي في العام 2019، بهدف طموح يتمثل في التقدم السريع للتجارة فيما بين البلدان الإفريقية، لتعزيز اقتصادات أقل البلدان نموا، مشيرا إلى أن التجارة البينية الإفريقية لا تمثل سوى 15% من إجمالي التجارة في القارة، مقارنة بنسبة 70% بالنسبة للاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، ولكن العملية تباطأت نحو عامين بسبب جائحة كورونا.
ونوه التقرير إلى أن إطلاق نظام تسوية مدفوعات المنطقة الحرة القارية الإفريقية (PAPSS) مطلع الشهر الجاري، وهو الأداة الرئيسية التي من شأنها تمكين المدفوعات والتسويات بالعملات الإفريقية المحلية جعلت منطق السوق المالية هذا، الذي ينوي المنطقة الحرة القارية الإفريقية أن يكون جزءًا منه أكثر واقعية.
وأوضح التقرير أنه تم اختبار هذا النظام بالفعل في ستة بلدان من المنطقة النقدية لغرب إفريقيا: وهي غانا ونيجيريا وجامبيا وليبيريا وغينيا وسيراليون، مضيفا أنه على الرغم من صغر مساحة المنطقة النقدية إلا أنها تمثل الصعوبات التي يمكن مواجهتها في أماكن أخرى.

 وفي نهاية المطاف، يمكن للقارة أن توفر أكثر من 5 مليارات دولار من تكاليف معاملات الدفع كل عام، كما يمكن أيضا الحد من التأخيرات حيث تستغرق المدفوعات داخل المنطقة ما بين يومين و14 يومًا في المتوسط، مما يؤدى إلى انخفاض مستوى التجارة بين البلدان الإفريقية.
وأضاف التقرير أن المدفوعات عبر الحدود في القارة تتطلب اليوم تدخل عملة ثالثة، عادة ما تكون الدولار الأمريكي أو اليورو، مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف التي تسعى منطقة التجارة الحرة القارية إلى تجنبها، وكذلك الاعتماد المفرط لإفريقيا على العملات الأخرى لدفع ثمن المعاملات التي تتم على أراضيها.
ووفقا لرئيس بنك الاستيراد والتصدير الأفريقي، بنديكت أوراما، فإنه "لم يتم تصميم نظام تسوية المدفوعات الأفريقية ليحل محل أنظمة الدفع الإقليمية والوطنية الحالية، ولكن للتعاون والعمل معها لتحسين تكامل الاقتصادات الأفريقية لصالح الجميع".
ومن جانبه، قال سكرتير عام اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وامكيلي میني: "لدينا أكثر من 42 عملة في إفريقيا ونرغب في خفض هذه التكلفة والقضاء عليها في نهاية المطاف (5 مليارات دولار)، لأنها تحد من القدرة التنافسية للشركات الصغيرة والمتوسطة وتجعل التجارة باهظة التكلفة ولا يمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال الشباب من الوصول إليها.
وفي إشارة إلى نظام تسوية المدفوعات الخاص بمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، قال وامكيلي میني: "إنه حل أفريقي لمشكلة أفريقية"، مشيرا إلى أنه يعد الإنجاز الأهم على الإطلاق نحو تحقيق تكامل نظام الدفع في القارة منذ استقلال بلدان القارة.
وأشار مايك أوجبالو، الرئيس التنفيذي لنظام المدفوعات والتسويات الإفريقية، إلى أن الحواجز أمام التجارة بين البلدان الفريقية في الوقت الحالي كثيرة، بالإضافة إلى النقص الصارخ في السيولة، وصعوبة الوصول إلى العملات الأجنبية، كما يواجه الأفارقة مشكلة المخاطر مع ضوابط تنظيمية صارمة، منوها إلى أن الخبراء الاقتصاديين يرون أن مغادرة الكثير من البنوك الدولية للقارة الإفريقية في السنوات العشر الماضية تعد من أحد أسباب ذلك.
ولفت مايك أوجبالو إلى أن البنية التحتية للمدفوعات موجودة منذ فترة على المستوى الوطني ودون الإقليمي، مشيرا إلى افتقار هذه الأنظمة إلى إمكانية التشغيل البيني.
وتابع قائلا: "لا يمكن لأنظمة الدفع الوطنية والإقليمية المجزأة أن تدفع التنمية الاقتصادية لعموم إفريقيا والتجارة بين البلدان في حين أن هذه بداية جيدة، فمن الأهمية بمكان أن نقوم الآن بدمج كل إفريقيا ماليًا".
وأضاف: "لقد أثبتت نظام تسوية مدفوعات المنطقة الحرة القارية الأفريقية مصداقيته من خلال مرحلتها التجريبية الناجحة"، مشيرا إلى أن هذه المنصة ستركز الآن على دمج بقية القارة في هذه البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك أنظمة الدفع الوطنية وأنظمة الدفع الإقليمية ومقدمي الخدمات المالية الآخرين"، منوها إلى أن العام الحالي سيكون حاسمًا لـ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، حيث يجب على الدول إنهاء المفاوضات حول قواعد المنشأ، ولكن أيضًا تسريع آلية التمويل المستقبلية للشركات الصغيرة والمتوسطة وإطلاق المنصة الرقمية لبوابة التجارة الإفريقي.
وبحسب التقرير، من المتوقع أن تتحرك الأمور بسرعة، حيث يخطط أفريكسيم بنك لمنح خط ائتمان بقيمة 8 مليارات دولار إلى 500 بنك إفريقي لتسهيل المعاملات التجارية.
ولفت بنديكت أوراما، رئيس البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسيم بنك" إلى أن هذا سيمثل أكبر علاقة مصرفية أقامتها مؤسسة مالية في القارة، مشيرا إلى أن أفريكسيم بنك قام بدمج أكثر من 480 مصرفا حتى الآن.
وأشار إلى أن نظام تسوية المدفوعات الخاص بمنطقة التجارة الحرة القارية اإافريقية يستهدف تيسير العلاقات المصرفية القارية، بغرض تسهيل حركة التجارة البينية والأنشطة الاقتصادية بين الدول الإفريقية في إطار المنطقة، بما يضمن التدفق الفعال للمدفوعات بشكل آمن عبر الحدود الإفريقية، وتقليل المخاطر إلى الحد الأدنى، مشيرةً إلى أنه سيتم بدء المعاملات التجارية بموجب نظام الـ (PAPSS) بين البنوك المركزية في المنطقة النقدية لغرب افريقيا (WAMS)، وذلك تمهيداً للإطلاق التجاري للنظام.
جدير بالذكر أن مشروع نظام تسوية المدفوعات الخاص بمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية تم تنفيذه بالتعاون مع بنك التصدير والاستيراد الإفريقى وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية بالدول الإفريقية، بهدف تطوير الإطار التنظيمي للمدفوعات عبر الحدود وتوفير خدمة الدفع والتسوية التي يمكن للبنوك التجارية، ومقدمي خدمات الدفع والشركات المالية في جميع أنحاء المنطقة التعامل بها.
ويتيح هذا النظام التبادل التجاري بين الدول الإفريقية بالعملات المحلية وهو ما يسهم في توفير العملة الصعبة وتيسير حركة التجارة بين الدول أعضاء الاتفاقية.
ويعد النظام إحدى الأدوات التشغيلية الخمس الخاصة باتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال ترؤس مصر للاتحاد الأفريقي عام 2019، وذلك خلال فعاليات القمة الاستثنائية الثانية عشرة للاتحاد الإفريقي والتي عقدت بمدينة نيامي عاصمة دولة النيجر.