رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حزن وألم على فراق أولادهم بـ«معدية الموت».. «الدستور» في قلب القرية المنكوبة

معدية الموت
معدية الموت

بحادث مأساوي لمعدية “القطا” فقدت فيه عزبة التفتيش بالمنوفية ثمانية من أبناؤها، ولرب يخلق الله من قلب العتمة نور وكان هذا الحادث سلط الضوء على القرية المنسية والضائعة حيث وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بإنشاء كوبري يربط بين محافظتي البحيرة والجيزة. 

عايشت “الدستور” في زيارة دامت أكثر من 6 ساعات حكايات وقصص مأساوية لأهالي عزبة التفتيش في قرية طليا بمحافظة المنوفية، تحكي حالة من الفجع والقهر عاشها أهالي تلك القرية بعد أن وقعت على رأسهم مصيبة إصابتهم بالعجز ودمرت أحلام براعم كانوا يزينون القرية.

في تلك الليلة التي سمع أهالي عزبة التفتيش بقرية طاليا التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية عن نباء حادث وقع على مشارف قريتهم وسقوط سياره كانت محملة بـ26 طفلًا يعملون في مزارع بمحافظة الجيزة سقطت السيارة في معدية القطا نجا من نجا وراح ضحية الحادث 8 أطفال لكل منهم حلم وقصه تُدمي القلوب عند سماعها.

منذ خمسة أيام لم تستطيع قوات الإنقاذ النهري أو الأهالي إنقاذ واستخراج جثة “شروق” التي كانت تحلم بدخول امتحان الصف الرابع الابتدائي اليوم. 

ولكن كان للقدر رأي آخر، قررت “شروق” الذهاب هذا الأسبوع حتى تقوم بدفع مئتي جنيه مصاريف المدرسة حتى تتمكن من دخول الامتحان على رواية عمتها التي أكدت أن “شروق” كانت ذاهبه للعمل حتى تقوم بجمع مصاريف مدرستها التي كانت سوف تحرم من دخول الامتحان من أجلها. 

والتي أكدت أن “شروق” ابنة العشر أعوام كانت تعتاد العمل؛ لتوفير احتياجات دراستها تلك الطفلة البريئة التي ابتلعها النهر بجسدها النحيل، وحتى الآن ينتظر أهالي القرية في هذا الجو القاسي ليل نهار ظهور جثتها حتى يرتاح بالهم بدفنها وتكريم جثتها الملائكية.

وبمرور موقع “الدستور” على كل منازل الأهالي الملكومين في أبناؤهم وفلذات اكبادهم ولم يحتمل أي إنسان مآساة قصة أم زينب عبد المؤمن عبد العزيز التي راحت ابنتها زينب ابنة الـ17 العروس وكان من المقرر عقد قرانها الشهر المقبل وهي جالسه بجوار جهاز عرسها تبكي وتنوح وتلطم الخدود وتلعن الحظ والقدر الذي كان قاسي على ابنتها التي كانت تذهب فجرًا حتى غروب الشمس بشكل يومي؛ لتستطيع أن تكمل جهاز عرسها دون أن تطلب مساعده من أحد، تلك الطفلة التي حملت على عاتقها حمل تأسيس حياتها دون المساعدة من أحد، وزُفت للمقابر وتركت أمها بجوار ما قد كانت كونته من جهاز لعرسها.

وعندما تقف على أعتاب منزل الفقيد الطفل البطل محمد صبري من سكان عزبة التفتيش تجد نفسك أمام منزل مهدد بالانهيار في أي وقت مثله كمثل باقي منازل العزبة. 

أما عن البطل محمد صبري والذي كان هو الوحيد الذي لديه خبره بالسباحة، وقت الحادث سارع إلى إنقاذ اصدقاوه ولكن تعلق به اثنين في وقت واحد ولم يستطيع بجسده النحيل التحكم وإخراجهم فتسببوا هم في غرقه وراح ضحية لرجولته وشهامته والتي أصيب والدته منذ حينها بصدمة نفسية ولا تنطق غير "ابني كان حلو أوي ابني كان حنين أوي".

أما عن دعاء نبيل عبد الرسول والتي تبلغ من العمر 13 عامًا وكانت بصحبة شقيقتها هدى والتي تعاني حتى الآن من صدمة نفسية وعصبية جراء الحادث والذي أكد والدها لـ"الدستور" أن بناته اعتادوا العمل يوميًا حتى يتمكنوا من مساعدته في الإنفاق على المنزل وأخواتهم الصغار ماتت دعاء وهي تثتغيث وتصرخ وحتى الآن تستيقظ شقيقتها على صراخها في المياه وتصرخ هي الأخرى وفي كل مره يحترق قلب والديهم على ضيق الحال الذي اوصل بهم وتسبب  في موت افضل أولاده على حد قوله.

وعلي أعتاب منزل هاجر هاني، تجتمع المواجع نصف من أهلها يعزون بها والنصف الآخر بمنزل ابن خالتها سعيد وهي أول جثة تم استخراجها ودفنت بعدها بساعات قليلة وكان هذا الفارق في توقيت الدفن الشئ الوحيد الذي طبطب على قلب والديها بالمقارنة مع جثث الأخرين الذين ظلوا أيام في النيل وسط حالة من الصراخ والعويل والقهر لأهاليهم على حافة نهر الموت الذي خطف أرواح ذويهم.

أما عن سعيد مسعد، كان لوالدته ووالده هديه من الله بعد انتظار أكثر من 14 عامًا دون أبناء وبعد أن رزقهم الله به تعرضت والدته لعمل عمليه وستأصلت الرحم وبعد فتره وهو عمره 8 سنوات عجز والده عن العمل وخرج سعيد إلى المزارع مع أطفال القريه حتى يتمكن من الإنفاق على والده ووالدته العزل المرضى حتى رجع لهم في اليوم المشؤم جثه هامده والتي عبرت والدته قائلة: "كان ليا سند وعين واحده وراحت أنا وأبوه بقينا يتامى بعد موتك ياسعيد".

ندى أحمد حسن طفلة في هذا اليوم بالذات أكد والدها وهو يبكي، أنها كانت تحاول أن تقنعه بعدم الذهاب وتقول له عندما أيقظها في الصباح الدنيا برد أوي يابا وأنا تعبانة ولكن راحت ياريتني ما وديتها أنا سلمتها لعزرائيل بأيدي، بنتي راحت علشان كانت سندي كانت بتساعدني وعمرها ماطَلبت حاجه كانت أكثر من سند أنا ضيق حالي وقلة حيلتي هي إللي ضيعتها، بنتي كانت زي القمر".

زياد أحمد حسن بشهادة أهالي القرية طفل بدرجة راجل مسئول يذهب يوميًا للعمل في المزارع حتى يساعد والدته التي تعرضت لصدمة نفسية وعصبية.

يعيش زياد وأسرته في عشه تقيهم من البرد وحالهم لا يرثي له وزاد عليهم موت ابنهم السند الذي راح ضحية معدية الموت وإذا تحدثت إليهم لا يتكلمون بغير الحمد لله وتخرج من مجلسهم مذهول من كمية الصبر التي أنزلها الله على أسرته مع كل هذا الخراب الذي يعيشون فيه.

وبمنزل ندى أحمد حسن أم تبكي منذ أيام لا تهدأ أخواتها مذعورون وأب يجلس يضع يده على وجهه وكأنه حمل كل ماسي العالم فوق رأسه كانت تساعده وتسانده في المعيشة ولكن رحلت دون سابق إنذار وفجعت كل أهلها وذويها.