رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«رؤية الشام الجديد».. تحالف مصري عراقي أردني لقيادة الازدهار بالمنطقة العربية

تحالف مصر-العراق-
تحالف مصر-العراق- الاردن

اجتمعت مصر والعراق والأردن، خلال العام الجاري، معًا لتعزيز العلاقات وبناء رؤية إقليمية مشتركة وسط الحقائق الجيوسياسية المتغيرة، فضلاً عن التحالف ضد التدخلات والتحديات الإقليمية، والاتفاق على تعزيز التعاون الاقتصادي.

ويعتبر التحالف المصري –العراقي- الاردني، رؤية تشهد ظهور بلاد الشام الجديدة، بعد عقود من الاضطرابات التي اجتاحت المنطقة، وخاصة في العراق وتدهور الأوضاع في البلاد التي مزقتها الحروب، بالإضافة إلى ظهور داعش وتفرعاتها.  

وقد كان لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العراق في يوليو الماضي، عامل هام ومؤثر لرؤية الشام الجديدة والتحالف الثلاثي، حيث تعتبر أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلي بغداد منذ عقود، كما أنه مؤشر آخر على استعادة القاهرة لدورها القيادي الإقليمي.

وفي هذا الإطار ترصد «الدستور» آراء الخبراء والسياسيين بشان هذا التحالف ومستقبله:

قمة بغداد

كان أحد الأهداف الرئيسية لقمة بغداد هو مساعدة العراق الذي مزقته الحرب على استعادة موقعه في العالم العربي، بعد سنوات من العزلة والفوضى وسفك الدماء.

ومنذ أن تولى الكاظمي منصب رئيس الوزراء في مايو 2020، حاول تحييد التدخل الاقليمي في السياسة الداخلية للعراق، بنتائج متواضعة، كما سعى لإخراج بلاده من المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.

وفي عهد الكاظمي أيضًا، اقتربت بغداد من دول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، التي عززت وجودها الدبلوماسي في العراق في السنوات الأخيرة، كما تأمل بغداد أن تلعب دور الوسيط بين الرياض وطهران.

وبصرف النظر عن جلب العراق إلى الحظيرة العربية، وهي خطوة رحبت بها الولايات المتحدة – تأمل مصر والأردن في أن تستفيد الدول الثلاث من تعاون اقتصادي أكثر تركيزًا.

منذ عام 2019، وقعت كل من القاهرة وعمان عددًا من مذكرات التفاهم مع بغداد تغطي مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية.

كما تسعى الدول الثلاثة الآن إلى رفع مستوى تعاونها الاقتصادي من خلال تحالف بوابة الشرق الجديدة.

حيث تم تمرير خط أنابيب نفط يربط البصرة بالعقبة - وهو مشروع قديم - تم تنفيذه أخيرًا، فضلاً عن إطلاق مدينة صناعية مشتركة على الحدود الأردنية-العراقية، مع إعادة التفاوض بشأن اتفاقيات التجارة الحرة. 

بالنسبة لمصر، فإن ربط شبكتها الكهربائية بالأردن والعراق يمكن أن يخفف من النقص المزمن في الكهرباء في بغداد، بينما تأمل القاهرة أيضًا أن تلعب دورًا رئيسيًا في مشاريع إعادة الإعمار في جميع أنحاء العراق.

رؤية الشام الجديدة

أما على الصعيد السياسي، يقف الزعماء الثلاثة على نفس الصفحة في الإشارة إلى مركزية القضية الفلسطينية وضرورة حلها ودور الأردن الخاص في القدس الشرقية.

كما يدعمون التسويات السياسية للأزمات في اليمن وليبيا وسوريا، فضلاً إن رؤية الكاظمي لـ "بلاد الشام الجديدة" سوف تتعزز أكثر إذا تمكنت سوريا الانضمام إلى هذا التحالف.

مصر عنصر من عناصر اتزان المنطقة

 

مختار غباشي

 

 

 

 

 

 

 

قال مختار غباشي، دكتور العلوم السياسية، ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، ان التحالف المصري- العراقي- الأردني، والذي تم ازدهاره خلال العام الجاري يعتبر نواة اقتصادي كبير، فضلاً على أنه بناء سياسي هام بين الدول الثلاثة.

كما أكد غباشي، أن مصر عنصر من عناصر اتزان المنطقة، مشيرًا إلى أنها تمتلك جيشًا قويًا قد يعتبر من أهم وابرز الجيوش حول العالم، موضحا في تصريحاته لـ "الدستور"، أن التحالف المصري- الأردني – العراقي، يقضي على الأطماع الداخلية والخارجية من خلال رؤية مشتركة للدول الثلاث، فضلاً عن تحقيق التنمية المستدامة والرخاء لدول المشرق العربي.

كما أكد غباشي، ان التحالف المصري- العراقي – الأردني ، بناء سياسي هام أمام التجذبات والتحديات الإقليمية، معرباً عن فخره بالتحالف الذي يشكل داخل الوطن العربي شكل من هذه التحالفات، لولادة الشام الجديد، مع الترشيح لانضمام دول عربية أخرى كبيرة.

وأوضح دكتور العلوم السياسية، أن الدول الثلاث الكبرى تمتلك تحديات معينة، لتكوين كيان كبير، ففي العراق ثورة نفطية هائلة، والذي يعتبر ثاني أكبر احتياطي نفطي بعد المملكة العربية السعودية، وقدرته في الانتاج النفطي في اليوم يصل من 4 إلي 6 مليون برميل في العراق، والمقترح بأن هذا التحالف أن يكون خط نفط يخرج من ميناء البصرة العراقية إلي ميناء العقبة وينتهي إلي شبة جزيرة سيناء. 


التكامل البري


وأوضح «الغباشي» إن التحالف الثلاثي يشكل نوعاً من أنواع التكامل البري، لافتاً إلى أنه على رأس النقل البري بين دول التحالف جاءت شركة السوبر جيت للاتحاد العربي في مصر، وحددت قيمة التذكرة حوالي 130 دولار لنقل العمالة او الطلاب والدارسين بين الدول الثلاث، وبذلك تعتبر منطقة اقتصادية جمركية كاملة بين العراق والأردن.  


ولفت، أن ولادة الشام الجديد والتحالف المصري-العراقي-الاردني، هو مقترح عراقي في الأصل دعا اليه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ومن قبله رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ثم طرحت هذه الفكرة على مصر والأردن وحدث الترحيب المصري الأردني، لمواجهة التحديات الإقليمية الذي يواجهها العراق في الداخل، لافتاً إلي ان الآلية السياسية للتحالف هي كيفية سحب العراق مرة أخرى إلي عمق منظومة الوطن العربي من يدي من يستنزفها في الداخل، وهي الاصل لتكامل اقتصادي بين الدول الثلاث وبناء ولادة الشام الجديد.


وتحدث نائب رئيس الدراسات العربية الاستراتيجية، عن استفادة الدول الثلاث في المجال الاقتصادي بينهما، لافتاً إلى أن عدد السكان في دول التحالف تقدر بحوالي 150 مليون نسمة، فضلا عن استفادة مصر من خلال تمرير خط الغاز المسال الطبيعي الموجود، وخط الغاز او النفط في العراق، بالإضافة إلى ربط الكهرباء، بالاضافة للخط البري المتكامل والمنطقة الجمركية، وسوق العمالة المصرية التي تفتح آفاقاً من فرص العمل المقننة، فقد يعتبر ذلك نواة مهمة من الممكن أن تتشابك لربط التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث. 
وأضاف ان الاهم مواجهة التدخلات الاقليمية وحركة تكالب القوى الإقليمية والدولية على مقدرات المنطقة العربية وهو العنصر الخطير جدا في العالم العربي، ولذلك خلقت الثلاثية مصر الأردن والعراق، أو الصلح مع قطر ومجلس التعاون الخليجي وتوقيع اتفاق العلا من الممكن أن يكون هناك إطار تعاون بين مجلس الخليجي والثلاثية مصر الأردن العراق والتي من الممكن أن تنضم لها تكتلات أخرى. 


تحالف جماعي للوطن العربي


ويهدف التحالف الثلاثي، إلى آليات الوصول لتحالف جماعي في المنطقة العربية بين 22 دولة موجودة في الوطن العربي، مشيرًا إلى أن الحديث عن مجلس التعاون الخليجي يلتئم بين الصلح الذي تم ما بين قطر والدول الثلاث، مشيراً إلى أن التحالف الثلاثي المصري الأردني العراقي يعزز من قدرة العالم العربي بأكمله على الشكل الجمعي في المعاملة. 


وكيفية تعزيز التجارة البينة بين العالم العربي، والتي تعتبر في أدنى مستوياتها من 8% الي 10% حركة التجارة البينية بين العالم العربي، وبين بعض الدول العربية والعالم الخارجي تصل حركة التجارة ما بين 80 إلى 90%، مشيراً الي ان التحالف يحاول أن يخلق شكلا من أشكال الترابط بين العالم العربي في حركة التجارة والتكامل الاقتصادي في الايد العاملة، وشكل من أشكال التكامل والاكتفاء الذاتي في الوطن العربي، وانضمام الوطن العربي لمنظومة دفاع عربي يدافع عن امنه العربي من التدخلات والتحديات.


وخلص «غباشي» حديثه بتأكيده أن ولادة الشام الجديد أو غيره من التحالفات الاخرى الهامة بين الوطن العربي فهو بناء مهم جدًا نبني عليه مستقبلاً حركة بناء عربي متكامل.

 

إياد المجالي


 

 

وفي ظل الاستقطابات الدولية والإقليمية، التي تشهدها عموم منطقة الشرق الأوسط، يعتبر التحالف المصري- العراقي- الاردني نواة لتكامل عربي اقتصادي كبير، بدأ الدكتور إياد المجالي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة مؤتة الأردنية.  

الأهداف والابعاد السياسية


كما أوضح المجالي لـ «الدستور»، أن الابعاد السياسية هي المحرك لهذا الشكل من التحالف خاصة مع  حجم الضرر الذي يتعرض له العراق من تفكيك وتشرذم وأزمات مركبة، ليأتي هذا التحالف الاستراتيجي بدور الهدف  لجر العراق إلى بيئته العربية، وإبعاده عن إيران، واقترابه أكثر من المحور الذي تقوده السعودية، وهو ما يثير خلافات داخلية في العراق، الذي تملك فيه إيران مساحات واسعة من النفوذ عبر حلفاء لها داخل السلطة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني العراقي وتياراته الفكرية السياسية والدينية، إلى جانب الرغبة الملحة لدى الأطراف العربية في ضبط ايقاع عدد من الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية.

وأضاف: «لذلك جاء هذا التحالف ليعالج جانب مهم وحيوي من التدخلات الإقليمية والخارجية في مجموعة العراق والأردن ومصر وسوريا لاحقا، في إطار بلاد الشام الذي يسعى التحالف إلى تحقيقه بإطار المصالح المشتركة.
واستطرد: «الأردن ومصر، يمكننهما أن يساندا العراق سياسيا، في سعيه لمنع التدخلات الخارجية، عبر جامعة الدول العربية، حيث تتمتع مصر بدور فاعل يقترب من السيطرة على قرار الجامعة، وتوجيهه بما يتفق مع سياساتها الخارجية، ومواقفها، وفق تصريحات الباحث الأردني».

كما أوضح، أنه على رغم اختلاف الأولويات أمام صانع القرار السياسي في الدول العربية الثلاث إلا أن الاختلاف أولويات:

حيث تضع العديد من القواسم المشتركة ضمن اطار الموضوعات التي نوقشت بين الدول الثلاث، دفعت باتجاه ترجمة شكل التوافق بينها الى الشروع بوضع آليات تكامل الربط الشبكي للطاقة الكهربائية، ومد خط أنابيب نفط من العراق عبر الأردن إلى مصر، مع طريق بري مواز لنقل البضائع والسلع بين الدول الثلاث. وتحتاج كل دولة من الدول الثلاث، إلى الدولتين الأخريين، اقتصاديا، وإلى مساندة ودعم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الإرهاب

أما في جانب ملف الإرهاب ومكافحته، قال المجالي إن الشركاء دون استثناء في هذا التحالف متوافقين وبشدة على اتخاذ كل التدابير اللازمة لتجفيف منابع التطرف ومواجهة الارهاب وحفظ الامن والسلم المجتمعي، فالعراق لا يزال بحاجة لمساعدات خارجية في إعادة الإعمار، وفرض سلطة الدولة، واسترداد قرارها، ووقف التدخلات الخارجية، ونزع أسلحة المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران، ومواجهة خلايا التطرف التي تزيد من تداعياتها الأزمات الاقتصادية المركبة التي تعصف بالمنطقة، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية جراء انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية، وتداعيات جائحة كورونا على اقتصاديات دول العالم.

كما أوضح الباحث الأردني، أن البعد السياسي مرتبط الى حد بعيد في البعد الاقتصادي لهذا التوافق الاستراتيجي, وقد لا يكون لمصر والأردن، اللتان تعيشان ظروفا اقتصادية متأزمة بشكل أكبر من العراق، ما يكفي من الإمكانيات والقدرات لمساعدة العراق في مجمل أزماته، التي تمثل في معظمها أزمات اقتصادية.

لذلك يشكل البعد السياسي محرك قوي للقادة الثلاث في كل من مصر والاردن والعراق، لبحث وتوفير كل ما يلزم لتفعيل أدوات التنفيذ والتمويل لمشروعات كبرى طموحة، تخدم استقرار المنطقة وتنمية شعوبها
وهو الأمر الذي تبرره مساعي القمم الدبلوماسية المتكررة لتسهيل مهام اللجان الفنية في تعظيم حجم الاستثمارات بين التحالف لتعزيز المكاسب الاقتصادية، والتي تتطور إلى سياسية يمكن أن تتسع لاحقا لتشمل سوريا ولبنان في مراحل أخرى.

مصر محور الأجهزة الأمنية في الوطن العربي

علي التميمي

 

 

 

 

 

 

 

قال الباحث السياسي والقانوني العراقي علي التميمي، إن سياسة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تهدف لسياسة التعاون المفتوح مع الدول العربية بعد التدخلات الإقليمية في الشؤون العراقية.

وأضاف «التميمي» لـ«الدستور»، أن العراق يعزز التعاون مع مصر حيث تعتبر مصر المركز الرئيسي واصفًا إياها بأن القاهرة تعتبر كالشمس التي تدور حولها الكواكب، كما أنها من أهم الدول بالنسبة للعراق فهي الأصل الذي يتعامل معه العراق  في السابق وحتى الآن، مشيرًا إلى أن القاهرة لها مواقف مشيدة تجاه العراق منذ الثمانينات وكذلك الأردن والسعودية ودول الخليج، ولهذا يساعد التحالف المصري- العراقي- الأردني في الارتقاء الاقتصادي بين الدول الثلاث.

وأشار التميمي إلى أن للتحالف الثلاثي أهمية كبيرة العديد من المجالات الهامة والتي من بينها المجال العسكري، مشيرًا إلى أن الاستفادة من المستوى الأمنية خاصة من القاهرة التي هي تعتبر محور الأجهزة الأمنية في الوطن العربي الراقية، والتي لها دورا كبيرا في ضبط الأمن في المحيط العربي.

ولهذا يتطلع العراق للاستعانة بالخبرات المصرية خصوصًا بعد خروج القوات الامريكية، منوهاً للتنسيق بين الحكومة المصرية ومثليتها العراقية لمنح الشركات المصرية الفرصة في إعادة الإعمار بالعراق.