رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

موضة مزاحمة الدولة للقطاع الخاص

يتردد فى الأعوام الأخيرة بين مراكز الأبحاث والمجتمع الاقتصادى عبارة «مزاحمة» وأحيانًا يقولونها بالإنجليزية «Crowding-out» وهى عبارة مقصود منها استحواذ الدولة وأجهزتها على فرص الاستثمار المتاحة فى السوق بدلًا من القطاع الخاص، وطرد الشركات الخاصة خارج السوق، بسبب ما تتمتع به الشركات التابعة للدولة من نفوذ وصلاحيات ومزايا لا يتمتع بها القطاع الخاص، مثل صفر جمارك وصفر ضرائب وعمالة رخيصة... إلخ.

حقيقة الأمر أن هذه الأحاديث محض هراء، وليس لها أى صلة بالواقع، بل هى مجرد «موضة» استوردناها من المراكز البحثية الأجنبية التى تتسم بتوجهات معادية للدولة المصرية، والرئيس عبدالفتاح السيسى شخصيًا، ومشروع ٣٠ يونيو بأكمله، مثل مركز «كارنيجى» وغيره، هى نغمة يعزفونها منذ سنوات فى الخارج عن دور الدولة، خاصة شركات القوات المسلحة فى تسميم مناخ الأعمال فى مصر، كما يزعمون، وأن الجيش يتمتع بعمالة رخيصة، ولا يسدد أى ضريبة جمركية أو ضريبة أرباح، كما أنه لا ينفق أجورًا باهظة على العمالة، كما أنهم يزعمون أن العالم المتقدم، بل وكل دول العالم قد توقفت حكوماتها عن التدخل فى الاقتصاد، وأن السوق يجب أن تترك فى يد القطاع الخاص بالكامل دون حدود.

أين الحقيقة؟

١- معدل تدخل الدولة فى الاقتصاد حول العالم لم يتراجع، بل يزداد منذ الأزمة العالمية ٢٠٠٨، فعلى سبيل المثال ٩٦٪ من أكبر ١٠ شركات فى الصين، هى شركات تابعة للدولة، ٨٨٪ فى الإمارات، ٨١٪ فى روسيا، ٥٠٪ فى البرازيل، ١٧٪ فى فرنسا، ١١٪ فى ألمانيا.

٢- الشركات التابعة للحكومات حول العالم تتخصص فى قطاعات حيوية لا تصلح معها طريقة تفكير القطاع الخاص، التى تركز على الربحية، بينما تركز الدولة على الأمن القومى ومصالح الدولة العليا التى قد لا تكون ربحية، فعلى سبيل المثال ٤٣٪ من الشركات الحكومية حول العالم تعمل فى مجال أنشطة التعدين، ٤١٪ فى الهندسة المدنية، ٤٠٪ فى أنابيب النفط، ٢٧٪ فى توصيل الكهرباء والغاز للمنازل، ١٧٪ فى التخزين واللوجستيات، ١٤٪ فى التشييد والبناء.

٣- يبلغ عدد الشركات التابعة للحكومات فى دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية الـOECD، وأغلبها دول غربية ليبرالية: ٢٤٦٧ شركة تبلغ قيمتها السوقية ٢.٤ تريليون دولار يعمل بها ١٠ ملايين عامل.

٤- القطاع الخاص فى مصر أسهم بعقود فى مجال التشييد والبناء فى عام واحد «٢٠٢٠/٢٠٢١» تبلغ قيمتها ٤٥٠ مليار جنيه، وهو حجم استثمارات غير مسبوق، بحسب وزارة المالية، أكثر من ٩٠٪ من الشركات التى تنفذ المشروعات القومية هى شركات خاصة، أما دور الشركات والهيئات الحكومية، سواء الوزارات المعنية أو الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فهو دور إشرافى وتخطيطى.

٥- يقوم الصندوق السيادى بتجهيز شركات جهاز الخدمة الوطنية لتوسيع قاعدة ملكيتها وفتح فرص الاستثمار بها أمام القطاع الخاص، ثم طرحها بالبورصة قريبًا، وهو ما يعتبر واحدة من المهام الجوهرية من تأسيس هذا الصندوق المعنى بتشجيع القطاع الخاص وتحفيزه لمزيد من المساهمة والاستثمارات فى الاقتصاد الوطنى عبر الشراكة المشتركة بين الحكومة ورجال الأعمال.