رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: التخلية من القبيح والتحلية بالصحيح أمر ينبغي أن نؤمن به

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، إن عملية التخلية من القبيح والتحلية بالصحيح أمر ينبغي أن نؤمن به، وأن نسعى إليه، وأن نفهمه، وأن نطبقه حتى ننال رضى الله عنا، وتخلية القلب من الغل عمل يؤدي بالإنسان إلى حالة التوازن، يؤدي بالإنسان إلى أن يرى الحقائق على ما هي عليه؛ لا يُغَبِّشُ عليه غلُّه شيئًا من الحقائق، بل ينظر إلى ما حوله بقلب صافٍ، يتخلى حينئذ عن الكبر وعن الأنانية وعن الحقد وعن الحسد، يتخلى حينئذ عن الظلم ، يتخلى حينئذ عن التصرفات الهوجاء التي قد يرتكبها في حق نفسه، أو في حق غيره، أو في حق أمته .


وتابع "جمعة" في منشور عبر صفحته الرسمية اليوم الجمعة: أن الغل يؤدي إلى اختلال الميزان في يد الإنسان، يأكل قلبه ويغبش عليه طريقه، ونحن ندعو الله - سبحانه وتعالى - كل يوم في صلواتنا دائمًا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} والصراط المستقيم هو طريق الله، وطريق الله لا يعرف الغل، فإذا تخليت عن الغل من قلبك ودربت نفسك على ضبطه، وعلى تخلية قلبك منه فإنك ستسعد.


وأضاف: وهو أمر قد لا يلتفت إليه كثير من الناس، ويظن أن التخلي عن الغل إنما هو محض خلق راق رائق عالٍ ! أبدًا، إنه أيضًا يسبب لك السعادة في الدنيا، وجعله الله - سبحانه وتعالى - علامة على السعادة في الآخرة، بل جعله - سبحانه وتعالى - جزاء للمتقين على تقواهم { إِن الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ " ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ" وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ * نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ } ساقها الله - سبحانه وتعالى - في سياق المنّة، ولم يسقها في سياق التكليف الذي يتكلف فيه الإنسان المشقة لإزالة هذا الأمر من قلبه طلبًا لرضوان الله - جل جلاله. 

 

واستكمل: بل إنه جعله من هذه الأمور التي يمنّ الله علينا بها في الجنة جزاءً وفاقًا لما سبق أن قدمناه من التقوى {إِن الْمُتَّقِينَ} ما جزاؤهم؟ هم في جنات وعيون، {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} فالسلام نعمة، وليس هو محض تكليف فقط بل هو أيضًا تشريف، تكليف عندما تتكلفه في نفسك لربك وتجعل سلامك مع نفسك ومع الناس لله رب العالمين وتحت كلمة الله رب العالمين، ويكون أثره نعمة قد مَنَّ الله عليك بها فتنبه! 
{آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} كل ما أمرك الله به من إزالة الغل من قلبك إنما هو راجع إليك بالسعادة، وراجع إليك بالسلام، وراجع إليك بعدم النَّصَب (التعب) في هذه الحياة الدنيا وفى الآخرة {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} هذه نعمة ، {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ } (نعمة)؛ إذًا نزع الغل من قلوبهم إنما هو نعمة .

 

وتابع: إذا خليتم قلوبكم من الغل وهو أمر قد يحتاج إلى وقت؛ فالتربية تحتاج إلى وقت، وتحتاج إلى همة، وتحتاج إلى استمرار، وتحتاج إلى نقل لمن بعدنا في أولادنا فالتربية تحتاج إلى سن صغيرة، نربي فيها أبناءنا على ما قد يكون فاتنا، لابد عليك أن تفعل هذا بهمة وبديمومة، و(كانَ ﷺ عَمَلُهُ دِيْمَة) ، ويقول ﷺ: (أحَبُّ الأعْمَالِ إلى اللهِ أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ) سيطِر على نفسك، وحاول أن تقاوم الغل في قلبك تجاه إخوانك وتجاه العالمين، وتجاه هذا الكون الذي هو مخلوق لرب العالمين، حاول أن تضبط هذا الغل، وألا تجعله كبِرًا أو ظلمًا أو أنانية تملأ القلوب، فسوف تسعد في الدنيا ثم تنقلب إلى ربك وهو راض عنك، إذا أنت خليت قلبك من ذلك القبيح فإن الله لا يترك القلب فارًغا أبدا، فإنه سوف يحليه بالرضا والتسليم والسماحة، سوف يحليه بالبصيرة والنور وأن نرى الأشياء على وجهها؛ فاللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل فى قلوبنا غلاً للذين آمنوا، وخَلِّ قلوبنا من القبيح وحَلَّها يا ربنا بالصحيح.