رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البحث عن «ملكة الغموض».. هل اقترب العالم من معرفة حقيقة وفاة كليوباترا؟

كليوباترا
كليوباترا

لم تفصل كليوباتر خلال حياتها، عشقها وولعها بابراز أنوثتها الطاغية عن كونها ملكة تدير حروبًا سياسية وعسكرية، حرصت على ان تعيش حياة مكتظة بالشهرة والنجاح وانجذاب الجميع حول عرشها.

حتى بعد موتها، احتلت آخر ملوك الأسرة المقدونية مكانتها فى الأساطير ليتغنى بها أكبر شعراء مصر والعالم، ولكن الغريب والمدهش في قصة كليوباترا هي أنها بعد موتها ظلت لغزًا نسائيًا شهيرًا في غواية المهتمين بالبحث والتنقيب عن الآثار في كافة أنحاء العالم ليفنوا أعمارهم بحثًا عن الدار الأخير لسيدة الغموض التاريخي.

 فلم يتمكن العالم حتى يومنا هذا، من الوصول إلى مقبرة كليوباترا، كما لا توجد مخطوطات جازمة عن حياتها التي جسدها الكثر من الفنانين العالميين والمصريين في السينما وعلى خشبة المسارح.

موت محير

"انتحار كليوباترا" كانت بداية شقاء وحيرة علماء الآثار حول الحياة الأخرى لأشهر ملوك مصر في عصر البطالمة، حيث اتجه المؤرخين إلى انتحارها بثعبان الكوبرا، والذي قدمته لها إحدى الوصيفات، بعد أن سمعت بهزيمة زوجها القائد الرومانى مارك أنطونيوس في الحرب، لتقوم الكوبرا بلدغ صدرها وتموت على الفور.

من جانبه نفى البروفسور كرستوف شايفر، أستاذ التاريخ في جامعة ترير غرب ألمانيا، واقعة وفاة كيلوباترا بلدغة ثعبان الكوبرا، ورجح أنها ماتت لشربها توليفة من العقاقير، مستندًا بذلك إلى أن لدغة الافعى كانت ستعرض كيلوباترا لالم شديد ومبرح وطويل قبل الوفاة بجانب التشويه الجسدي الذي كان سيلحق بها، وهو ما يتنافى مع اعتزازها بجمالها وأنوثتها.

لغز قبر كليوباترا

بدأت التكهنات منذ زمن طويل وقديم حول مكان مدفن كليوباترا، حيث اعتقد  البعض أن انتحار كليوباترا جاء عقب انتحار ماركوس أنطونيوس بفترة قصيرة، وقد كتب المؤرخ القديم "بلوترك" أنهما دفنا بأسلوب ملكي رائع في قبر بالقرب من الإسكندرية.

فيما يعتقد البعض أن الضريح أصبح في أعماق البحر بعد الزلزال الرابع في القرن الثامن حيث تغيرت تضاريس الإسكندرية، في حين يدعي البعض الآخر، أن الزوجين دفنا بالقرب من "تابوزيريس ماجنا" أو "قبر أوزوريس" وهو معبد قديم يحوي على العشرات من القبور والمومياوات في الإسكندرية.

اختفاء جثمان كليوباترا

مرت رحلة البحث عن مقبرة الملكة الغامضة بسلسلة من النظريات التي جعلت البعض يظن انه ليس هناك مقبرة او جثمان لكليوباترا من الأصل.

وانقسمت النظريات بين عدم وجود قبر لكليوباترا من الأساس، مشككين في كونها انتحرت بنفسها، استنادًا إلى أنه كان من المتاح أن يدخل الجيش الروماني المحتشد بالاسكندرية الى مقر إقامتها ، ويمنعها من قتل نفسها أو حرق كنوزها، حتى يعود بها إلى روما، ولو كان سمح بذلك فهذا أيضًا يتعارض مع امكانية السماح بتحنيطها، وأنصار هذه النظرية يعتقدون أن كليوباترا تم حرقها وحرق قصرها حتى أصبحوا رمادًا.

وهناك كذلك من يشير إلى أنه بعد الهزيمة الساحقة التي مني بها أنطونيو ، أهين جسد كليوباترا بعد موتها أو تم حرقه وإلقاء الرماد بعيدًا حتى لا تعيش أسطورتها مقدسة في نفوس المصريين .

أما السواد الأعظم اجمع ان هناك احتمال آخر قائم وهو أنها دفنت بشكل أو بآخر على أطراف المدينة المصرية الكوزموبولتينية، أي الإسكندرية ، وقد يكون الكشف عن موقع وموضع جثمانها مرتبط ارتباطا وثيقا ولصيقا بسر آخر من أسرار تلك الحقبة ، أي جثث البطالمة وزوجاتهم ، ومقابرهم الفارهة المليئة بالمتعلقات الشخصية النفيسة والتي لا يعرف أحد حتى الساعة أين دفنوا .

رحلة البحث الشاقة

منذ عشر سنوات بدأت بعثة المجلس الأعلى للآثار، برئاسة الدكتور زاهى حواس،  بمنطقة "تابوزيرس" ببرج العرب، رحلة جديدة للبحث عن مقبرة كليوباترا، والتي أكدت من خلال الشواهد الأثرية وجود مقبرة كليوباترا في الجانب الشرقي من قبر إيزيس، بمنطقة ابو صير بالاسكندرية.

من ناحية أخرى هناك العديد الآثريين الذين اعتقدوا بوجود مقبرة الملكة المصرية فى أماكن مغايرة لما أعلن عنها الدكتور زاهى حواس، فبحسب كتاب " الإسكندرية .. المكتبة و الأكاديمية فى العالم القديم" للكاتب محمد عبد المنعم عامر، أنه لم تكن مقبرة كليوباترا وأنونيوس بعيدة عن مقبرة الإسكندر، حيث ذكر أنها تقع بالقرب من الجدار الشرقى لمبعد إيزيس بلوزيا بالإسكندرية، وأن ما يؤكد وجود قبر الإسكندر فى الإسكندرية، ما ذكر بلوتارك من أن التابوت الذهبى، الذى كان يحوى جثمان الفاتح العظيم أخذه بطليموس الحادى عشر سنة 101 ق.م، ووضع مكانه تابوتا من الزجاج، كما ذكر أن  كليوباترا فى عهد من العهود القحط نهبت النفائس الموجودة فى مقابر أبائها وأجدادها، ومن بينهم الإسكندر نفسه.

بينما يرى الكاتب علاء خالد، فى كتابه " وجوه سكندرية"، قبر الملكة كليوباترا قد يكون فى منطقة السلسلة الموجود بكورنيش الإسكندرية، والتى كانت ضمن الحى الملكى فى العصور البطلمية.

 هل اقتربت الحقيقة؟

يبدو أن العالم بات على مشارف اكتشاف مكان دفن الملكة المصرية الجميلة، حيث أكدت عالمة الآثار "كاثلين مارتينيز" رئيسة البعثة المصرية الدومينيكانية التابعة لجامعة سانتو دومنيجو، والتي تنقب في معبد "تابوزيريس ماجنا" بغرب الإسكندرية، أن المعبد يضم مقبرة كليوباترا وأنها سوف تعلن النتائج قريبًا.

وأضافت في حوار لصحيفة ذا ناشيونال أمس، "إذا كان العالم مهووسا بشأن الملك توت عنخ آمون، فسيكون أكثر هوسا بشأن مقبرة كليوباترا إذا تم العثور عليها.

وأشارت إلى أنه بجانب القيمة العلمية لاكتشاف المقبرة فإن اكتشاف المقبرة في مصر في حد ذاته سوف يحدث طفرة كبيرة في قطاع السياحة المصرية.

وتابعت: "كانت كليوباترا هي الفصل الأخير من حضارة مصر القديمة، بينما كان الملك توت مجرد ملك صبي لم يفعل شيئًا يذكر لمصر ولكنه جذب الكثير من الاهتمام أساسًا لأنه تم العثور على مقبرته سليمًا".

وأضافت "لقد أوشكنا على الانتهاء عمليات التنقيب ولكنني أستطيع أن أقول إن مقبرة كليوباترا هنا في معبد "تابوزيريس ماجنا" بغرب الإسكندرية".

ويقع معبد "تابوزيريس ماجنا" الذي تبلغ مساحته حوالي 7 كيلومترات مربعة على بعد حوالي 50 كيلومترًا غرب مدينة الإسكندرية المطلة على البحر الأبيض المتوسط ​​والمخصص للآلهة المصرية القديمة إيزيس.

وأوضحت لصحيفة ذا ناشونال أن "الفراعنة تحدثوا إلينا من خلال مقابرهم حيث يوجد حوالي 60 من مقابر الفراعنة في وادي الملوك وحده"، مضيفة "لذا، إذا تمكنا من اكتشاف قبر كليوباترا، أو أي من أسلافها البطالمة، يمكن أن يكون تابوزيريس ماجنا النسخة اليونانية لوادي الملوك."

وبحسب الصحيفة، تقود "كاثلين مارتينيز" فريقًا مصريًا من علماء الآثار والمساعدين، وقد اكتشفت أشياء على مر السنين أبقت الأمل على قيد الحياة بأن كليوباترا، التي انتحرت بعد أن أسرها الرومان، قد تكون مدفونة هناك، جنبًا إلى جنب مع زوجها الجنرال الروماني مارك أنتوني.