رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لوتارية» ساهمت في بنائه.. 92 عامًا على إنشاء ستاد الإسكندرية الأقدم في إفريقيا

استاد الإسكندرية
استاد الإسكندرية الاقدم بإفريقيا

مر على إنشائه 92 عامًا، وما يزال استاد الإسكندرية واحدًا من أهم المباني التراثية بعروس البحر المتوسط، فهو أقدم ستاد في إفريقيا والشرق الأوسط، وكان لتشييده العديد من التحديات، وتعاون في اكتمال هذه العلامة الفارقة في تاريخ المدينة الكثير من محبي الإسكندرية.

received_234730048608868

وكان حلم قد راود أحد محبي الإسكندرية، نتج عنه إنشاء احدى الأبنية العريقة، الذي 
صمم على الطراز اليوناني الروماني، مع لمسات الطراز الفرنسي في المقصورة الملكية، وكان شاهدًا على كثير من الأحداث، وعرف بعدة أسماء، حيث أنشأ تحت اسم ملعب البلدية للياقة البدنية، ثم أطلق عليه ملعب فؤاد الأول، ثم استاد الإسكندرية.
 

received_319593626345411

- أول ملعب تم تأسيسه على نسق أولمبي بإفريقيا

وقال الدكتور إسلام عاصم ، أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر، ونقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية، إن استاد الإسكندرية، يعد واحد من أهم الملاعب في إفريقيا والشرق الأوسط وأقدمهم، وهذا لا ينفي وجود ملاعب قبله، ولكنه يؤكد على أنه أول ملعب تم تأسيسه على نسق اوليمبي، حيث لم يتم إنشاء ملعب اوليمبي في إفريقيا والشرق الأوسط قبله.

- الفكرة بدأت باقتراح استضافة الإسكندرية دورة من دورات الألعاب الأولمبية

واضاف «عاصم» لـ« الدستور» ان الفكرة بدأت في بداية القرن العشرين، بين 1906-1907، من خلال اليوناني الأصل والسكندري المولد «انجلو بولاناكي»، والذي كان من عائلة يونانية كبيرة ورياضي معروف، حيث تعرف على «بيير دي كوبرتان» الفرنسي، والذي يقال عنه باعث الألعاب الأولمبية في العصر الحديث، وخلال مناقشاتهم، تم اقتراح استضافة الإسكندرية دورة من دورات الألعاب الأولمبية، وكان الحلم هو إنشاء ملعب لاستضافة تلك الدورة وهو ما يحتاج أرض وتمويل واقتناع من المسؤولين.

received_443306860523236

- رفع راية الأولمبياد لأول مرة بالإسكندرية


وأوضح أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر، أن الإسكندرية كانت تدار في تلك الفترة من خلال المجلس البلدي، والذي كان أكثر أعضائه من رجال الأعمال، حيث حاول «بولاناكي» اقناعهم، حيث دعم فكرته الأمير عمر طوسون أمير الإسكندريه، ثم بدأوا في الحصول على الموافقة من الخديوي عباس حلمي الثاني، والذي وافق مبدئيًا على هذا الأمر ونتج عنه إقامة احتفالية في عام 1914 بداخل ستاد الشاطبي، وتم خلالها إقامة دورة اوليمبية بسيطة، ورفع بها راية الأولمبياد لأول مرة في التاريخ خارج فرنسا وكان ذلك على أرض الإسكندرية.

received_406676927797669

- المصريون ساهموا في بناء الاستاد بـ «لوتارية»

وتابع، انه كان هناك تشجيع للفكرة، وتم تحديد موقع الاستاد، ولكن اندلعت الحرب العالمية الأولى، وتم عزل الخديوي عباس حلمي الثاني، وتوقف المشروع، حتى تولى الملك فؤاد الاول الحكم، وتجدد الأمل من جديد، وكان هناك اقتناع من بلدية الإسكندرية بالمشروع، ولكن المشكلة كانت التمويل، فتم عمل« لوتارية» يمكن من خلال الأموال الخاصة بها، تغطية تكاليف إنشاء مشروع الاستاد، بالإضافة إلى طلب دعم الحكومة، و لم يكف عائد اللوتارية لتكلفة إنشاء الاستاد التي تخطت تكلفته  130 ألف جنيه فى تلك الفترة.

received_609852993395171

وأوضح ان المهندس الذي خطط لتصميم ستاد الإسكندرية هو فلادمير نيكوزوف، وهو أوكراني من اصل روسي، وشركة المقاولات التي أوكلت لها اعمال البناء في الاستاد، هي شركة «دنتمارو وكارتاريجيا»، والتي يمتلكها إيطاليين الجنسية، لافتًا انه تشارك في فكرة إنشاء الاستاد خليط من الجنسيات بين يوناني وفرنسي وروسي وايطالي، فضلا عن دور المصريين واللذين ساهموا وبشدة في «اللوتارية» التي تمت للحصول على تكلفة بناء الاستاد.

received_724744995166209


- الاحتلال عرقل إقامة الدورة الأولمبية الإفريقية الأولى


وأشار أستاذ مساعد التاريخ الحديث، إلى أن مشروع الاستاد كان هدفه استضافة دورة من دورات الألعاب الأولمبية، ولكن لم يتم استضافة الدورة اختلاف التوقيتات بعد انتهاء الإنشاء، فتقرر عمل دورة ألعاب أولمبية إفريقيا، ولكن في تلك الفترة حدثت العديد من المشاكل بسبب الاحتلال والذي كان مسيطر على الكثير من الدول في إفريقيا، ومنع الاحتلال مشاركتهم في تلك الدورة، لعدم تجمع الدول ووحدتهم، ووقف أمام تنفيذ دورة الألعاب الأولمبية الإفريقية الأولى في مصر، والتي كان مقرر إقامتها في إبريل عام 1929، برغم الانتهاء من جميع التفاصيل الخاصة بها من الشعار الخاص بالدورة والميداليات.

وتابع أنه عقب فشل إقامة دورة الألعاب الأولمبية الإفريقية، تم افتتاح الاستاد في 17 نوفمبر عام 1929، وافتتحه الملك فؤاد الأول، بمباراة بين منتخبي القاهرة والإسكندرية، لافتًا انه رغم اهمية الافتتاح إلا أنه كان هناك خيبة أمل لأن الإنجاز كان إقامة دورة الألعاب الأولمبية التي لم تتم.

واوضح انه عندما افتتح الاستاد كان اسمه في البداية ملعب البلدية للياقة البدنية، وبعد وفاة الملك فؤاد عام 1936، وتولى الملك فاروق الحكم، تم إقامة دورة ألعاب البحر المتوسط الأولى، وهي أول بطولة دولية تقام على الاستاد عام 1951، وأطلق عليه «ستاد فؤاد الأول»، ثم تغير اسمه بعد ثورة يوليو 1952 إلى ستاد الإسكندرية، وأقيمت به دورة الألعاب العربية عام 1953 وافتتحها الرئيس محمد نجيب.

FB_IMG_1637230539785


- الاستاد الوحيد بالعالم الذي يضم بين جنباته أثرا من القرن الرابع عشر

أكد« عاصم» أن الاستاد كان يسع 20 ألف متفرج عند إنشاءه، ويتميز بوجود جزء من أسوار الإسكندرية القديمة« بوابة الزهري»، وهو الاستاد الوحيد بالعالم الذي يضم بين جنباته آثر من القرن الرابع عشر، حيث تم الإبقاء عليه كجزء من الاستاد، وكان هناك خطط بجعل هناك متحف للرياضة في هذا المكان. 

وكان يضم ايضًا ملاعب سباحة تم ردمها منذ وقت قريب، بالإضافة صالة من صالات السلة المتميزة، والتي أنشأت خصيصا لدورة العاب البحر المتوسط، بالإضافة إلى البوابة الرئيسية والتي تطل على حديقة الاستاد والاسعاف، ويطلق عليها «بوابة المارثون»، وذلك لأنها كانت الممر في ماراثون افتتاح الاستاد، وكانت تلك البوابة الخاصة بدخول وخروج المشاركين، وصمم الاستاد على الطراز اليوناني الروماني، ما عدا المقصورة الملكية، ويعد من الاستادات النادرة والقليلة التي تحتوى على مقصورة تسمى «المقصورة الملكية»، والتي معدة لاستقبال الملك، ومكان للرجال، وآخر للسيدات الملكة والاميرات،. 

وصمم على الطراز الفرنسي، وبها العديد من الزخارف المتميزة والهلال والنجمة وهم رمز العلم المصري في الفترة الملكية، والاستاد ما زال يحتفظ باللوحات التأسيسية، والتي تذكر المساهمين في تكلفة بناء الاستاد ومنهم الملك فؤاد الأمير عمر طوسون والأجانب الذين كانوا يعيشون بالإسكندرية، وأعضاء البلدية، واحد من المباني التراثية المسجلة في مجلد التراث المعماري السكندري، وهو أحد الأماكن التي نسعى لتحويله إلى مكان سياحي.

14717164_966035980164370_1236571474823716318_n


- استضاف قادة وشخصيات شهيرة ولعب محمد علي كلاي به

وأشار إلى أن الاستاد استضاف محمد علي كلاي، عندما زار مصر ولعب في صالة الملاكمة به، كما لعب عليه في فترة الحرب العالمية الثانية دورات لكرة القدم الأمريكية، والعديد من الدول الاجنبية من قوات الحلفاء التي كانت بالإسكندرية، كما زار الاستاد  العديد من القادة المشهورين، منهم محمد رضا بهلوي الذي تزوج من شقيقة الملك فاروق الأميرة فوزية، كذلك فيكتور إيمانويل الثالث، آخر ملوك ايطاليا، احتفالات الجالية اليونانية كان يقام في الاستاد، 

وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان يلقى خطاباته فيه وكان يقام به العديد من الاحتفالات، حيث لم يكن مكان رياضي فقط، بل كان له بعد اجتماعي وسياسي ايضا.