رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكم نهائي ينقذ طلاب الطب من التدريب على أسنان الجاموسة

 الدكتور محمد عبد
الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى

حصل طلاب كلية طب الأسنان ومحاميهم علاء غالب على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا، بعدم حصول طعن على الحكم  الصادر لصالح دفعتين كاملتين بالفرقتين الأولى والثانية بكلية طب الأسنان بجامعة دمنهور من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة.

 بإلزام المجلس الأعلى للجامعات بتوزيع طلاب الفرقتين الأولى والثانية عام 2015 وعددهم 320 طالبًا من كلية طب الأسنان بجامعة دمنهور على كليات طب الأسنان المناظرة لها بالجامعات المصرية باعتبار أن دراسة طب الأسنان بدمنهور دون توفير المعامل والأجهزة والمعدات اللازمة لتلك الدراسة ضرورة قصوى وضررًا فاحشًا بمستقبل الطلاب يجب إزالته.

على أن يكون ذلك التوزيع طبقًا لقواعد التوزيع الجغرافى بحسبانه معيارًا موضوعيًا وحيدًا عادلًا يحول دون شطط جهة الإدارة فى توزيع هؤلاء الطلاب على الجامعات المختلفة، وذلك بتوزيع كل طالب على أقرب جامعة لمحل إقامة كل منهم وهى جامعات الإسكندرية وطنطا وكفر الشيخ والمنصورة، تطبيقًا للقاعدة الأصولية التي تقضي بأن "الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف" مع عدم المساس بالمراكز القانونية التي اكتسبها هؤلاء الطلاب في اجتيازهم الامتحانات السابقة على صدور الحكم، وإلزام الجامعات الأربع المذكورة بمنح هؤلاء الطلاب برامج دراسية مكثفة نظرية وعملية تعوضهم عما فاتهم من مناهج دراسية، وقد تخرج هؤلاء الطلاب كأطباء من الجامعات التى تم توزيعهم عليها تنفيذًا للحكم عامي 2018 /2019 و2019/2020، وقد أصبح هذا الحكم نهائيًا وباتًا. 

وفى حكم نهائي أنقذ طلاب الطب من أسنان الجاموسة، فى أغرب قضية نادرة الحدوث فى تاريخ التعليم المصري الذي دومًا ما يشهد على التفوق والتفرد والنبوغ، حيث وقف طلبة وطالبات دفعتين بكلية طب الأسنان بجامعة دمنهور وقالوا للقاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة: “لا يوجد معامل بالكلية ولا تجهيزات وبيدربونا على أسنان الجاموسة”، فما كان من القاضي إلا أن أغلق الكلية وأمر بتحويلهم لـ4 جامعات طبقًا للمعيار الجغرافي، ولأول مرة في تاريخ القضاء العربي القاضي المصري يطبق قاعدة من وسطية الإسلام الحنيف "الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف" في قصة نادرة وأليمة كانت نهايتها سعيدة بإنقاذ مستقبل دفعتين من طلاب الطب من أسنان الجاموسة!.

 تفاصيل القضية

وترجع قصة طلاب الفرقتين الأولى والثانية بكلية طب الأسنان بجامعة دمنهور أنهم عام 2015 وقفوا جميعًا بأسرهم أمام المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، واكتظت بهم المحكمة عن أخرها وخارجها فأعطى لهم الفرصة وشرحوا قضيتهم فقالوا: "إنه تم افتتاح كلية طب الأسنان عام 2015 جامعة دمنهور وتم قبول دفعتين فقط وجاءت الفاجعة أن الكلية وهي من الكليات العملية خالية من الأدوات اللازمة للدراسة بالكلية" فسألهم القاضي أمام الحاضر عن الجامعة: هل الكلية بدأت الدراسة بدون توفير أى معامل حتى الآن؟.

وقال الطلاب سيدي القاضي: "الوضع كارثي والكلية استقبلتنا كدفعتين دون أن تكون مجهزة بالمعامل مثل باقى كليات طب الأسنان بالجامعات المصرية الأخرى"، ثم سألهم القاضي: "ألا يوجد أى تدريب لكم في دراستكم العملية؟، أجاب الطلاب بشئ جلل وقالوا: "أنهم كانوا يدربوننا بكلية الطب البيطري على أسنان الجاموسة!" ومن هول المفاجأة أعاد القاضي ذات السؤال، فأجاب 320 طالب فى صوت واحد بصحة التدريب على أسنان الجاموسة!، فسألهم القاضى هل لكم طلبات أخرى؟، فقال الطلاب: "أن بقاءنا بتلك الكلية ضار بمستقبلنا وبالصحة العامة للمواطنين لعدم تدريبنا على مختبرات أسنان الإنسان ونطلب العدل".

ثم نطق القاضي بالحكم بغلق الكلية فورًا وتحويل الطلاب إلى الجامعات الأخرى طبقًا للمعيار الجغرافي وسط فرحة عارمة وبكاء هستيري من طلاب الطب وأبائهم وأمهاتهم بإنقاذ مستقبلهم فى أغرب القضايا وأدهشها كما يبدو في فيديو سجلته عدسة الزمن للطلاب باكين مهللين فرحًا. 

 

حيثيات الحكم

قالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، أن العلم أضحى وقود التقدم، وصار تلازمًا لا ينفك بين التفوق العلمي والنهضة الاقتصادية، فلا اقتصاد بدون جودة التعليم، فالتعليم هو الوسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة هو أساس التنمية المستدامة وأداة رئيسية لغرس القيم وخلق  المهارات والسلوكيات الحميدة في نفوس الشباب، ومن ثم فإن جودة التعليم لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا لتحقيق التقدم الحقيقي. 

فقد أدركت الدولة المصرية أن  التقدم الحقيقي والنهوض من عثرتها إنما يتوقف على الاهتمام بجودة التعليم ورفع كفاءة المؤسسات التعليمية، وقد تجلت عبقرية العلماء المصريين حينما تحرروا من قيود الإهمال، سعيًا لجودة التعليم بكثير من الإنجازات في المحافل الدولية. 

وأضافت المحكمة أن المعامل والمختبرات تمثل عنصرًا هامًا وأساسيًا في نجاح العملية التعليمية في كليات الطب قاطبة خاصة طب الأسنان التي تستلزم التأسيس المتكامل لمعامل ومختبرات نوعية حديثة ومتطورة تحتوى كافة الأجهزة والآلات والمعدات التى تمكن الطالب من التطبيق العلمي والعملي وتسلحه بالمهارات الحديثة التى تمكنه من الالتحاق بسوق العمل والمنافسة بقوة على المستويين المحلي والدولي، وما تؤدي إليه من  تأسيس مستقبل مهنى واعد للطلاب. 

وقد تعارفت كليات طب الأسنان على وجود معمل متكامل حديث ومتطور لإنتاج التيجان والجسور مجهز بوسائل التكنولوجيا الحديثة لتصنيع أطقم الأسنان الثابتة والمتحركة وزراعة الأسنان وكذلك معمل المحاكاة - الرؤوس الوهمية - التى تقدم للطالب فرصة لمحاكاة ما يتم تقديمه من علاج للمرضى وذلك من خلال المجسمات الصناعية ويشمل هذا المعمل منظومة كاملة من أدوات الحفر وأجهزة التنظيف بالماء والهواء بما يماثل كل ما هو موجود فى كرسى طبيب الأسنان ، فضلاً عن الأجهزة التي تهتم بإختبار الخواص الفيزيائية والميكانيكية لمواد تعويضات الأسنان بالإضافة إلى المجسمات الصناعية لكيفية علاج جذور الأسنان وتمكن الطلاب من التدريب في مجال تخدير الأسنان وجراحتها، وهو ما خلت منه جميعًا كلية طب الأسنان بدمنهور، وبدون تلك المعامل تصبح دراسة طب الأسنان هى والعدم سواء. 

وأوضحت المحكمة أنه تم حرمان طلاب الفرقتين الأولى والثانية بكلية طب الأسنان جامعة دمنهور من حقهم الدستوري  الطبيعي في التعليم بعدم وجود معامل وتجهيزات وأدوات بالكلية التى يتلقون فيها العلم، وأن تعطيل تنفيذ وجود تلك المعامل من شأنه إلحاق الضرر الجسيم بمستقبلهم الجامعي. 

وإذ صبر كل من المجلس الأعلى للجامعات  ورئيس جامعة دمنهور على تلك الكارثة التعليمية بوضع الطلاب فى فصول صماء خالية من أية تجهيزات لمدة عامين جامعيين بدءًا من 2015  دون أن يعبأ كلاهما بمستقبل هؤلاء الطلاب، فإن المحكمة لن تستطيع صبرًا، ولا تؤاخذ الطلاب بما تناسته الجهة الإدارية على قمة مسئولية التعليم فى مصر ولا ترهق الطلاب من أمرهم عسرًا، بعد أن حطوا بمستقبلهم شيئا نكراً ,وكان يجب أن يثابوا على تفوقهم فعلاً حسنًا، فهم أمل مصر لبلوغ أمرها رشدًا، وقد شارف العام الجامعي الثانى بكليتهم على الانقضاء دون أن تعيرهم الإدارة اهتمامًا أو استجابة أو تقدم لهم أسفًا، مما يستدعي استنهاض عدل المحكمة بمنح الحماية القضائية العاجلة لمن لاذ فى محرابها طالبًا العدل والانصاف لمن أحسن عملاً، وكان عاقبة أمر المدعى عليهما خُسرًا، وتلك أمور كالنار فى الهشيم يتعين اخمادها وبينهم سدًا، فتستجيب معه المحكمة لهم سمعًا وعضدًا.

الحكم
الحكم