رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: تمرين النفس فيه مقاومة ويعتبر بداية التربية الحقيقية

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن تمرين النفس فيه مقاومة وتعتبر بداية التربية الحقيقية، وأي شيء ترى أن نفسك تريده خالفها فيه، ويُذكر في الآثار أنهم ذكروا لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أحد اليهود في المدينة - قبل أن يُجليهم عن الجزيرة- يُخبر من وراء الكثيف وكأنه لطيف، يعني: «يعرف ما وراء الحائط، فأخذ سيدنا عمر - رضي الله عنه - السيف وذهب إليه فلما ذهب وطرق الباب»، قال اليهودي: علام جئتني تقتلني يا عمر؟ من وراء الباب عرف أنه عمر وعرف أيضًا أنه جاء يقتله، قال له: افتح ولك الأمان. فلما فتح قال له: كيف وصلت إلى هذا؟! قال: «ما عُرِض عليّ شيء قط إلا عرضته على نفسي فإن اشتهته أبيته، وإن أبته فعلته، قال له: هذا الذي وصلت إليه من مقاومة نفسك».


وتابع «جمعة» عبر صفحته الرسمية: «عندما قاوم نفسه منحه الله خوارق العادات وليس الرامات، فالكرامات لا تطلق إلا على الأولياء والمؤمنين، وخوارق العادات قد تكون لغير المسلمين، فهي ليست دليلًا على شيء وإنما نعمة من نعم الله مثل الغنى والبصر.. إلخ، ممن في الأديِرة أناس يطيرون في الهواء، وفي "التبت" ينظر إليك يقول لك فيما تفكر أو أين كنت بالأمس - هذه نعمة لكنه كفرها أو حَصّلَها كنعم الله كلها، لكنه لم يقم بشكرها، لأن أول الشكر الإيمان. فقد يطير في الهواء ويمشي على الماء، لكنه قد يكون كافرًا أو عاصيًا.. لئلا تخدع بمثل هذه الأمور الخوارق؛ فليس هذا دليلًا على الولاية، ولا هو لب الدين.. ولا هو أصل طريق الله، وإنما طريق الله: الذكر والتربية والخلوة، في أثناء هذا يمكن أن تطير في الهواء.. لا مانع فنحن نطير بالطيارة.. ماذا حدث؟! ويمكن أن تمشي على الماء برجليك.. وماذا يعني هذا؟ لا شيء.. فأنت تمشي بالسفينة.. فلا داعي لهذا الخبَل الذي يحدث في الدماغ...! سيدنا المرسي أبوالعباس سمع ضجة فقال: ما هذا؟ قالوا: ضبطنا أحد العُبّاد يفعل الفاحشة، ومع امرأة متزوجة، فلما أردنا أن نمسك به، جرى فأخرج منديلًا من جيبه وفرشه على الماء ومشى عليه بعيدًا، قال: هذا رجل فاسق، قالوا: أفْهِمْنَا ما هذا؟! قال: إن الكريم إذا وهب ما سلب.. ربنا عَرّفه كيف يمشي على الماء فلا يسلبها منه لأنه عصي وزنا وأصبح فاسقًا، إذًا فالفاسق يصدر منه الخارقة، والكافر يصدر منه الخارقة أشد من الفاسق.

 

وأوضح : طريق الله ليس هذا، وإنما طريق الله الذكر والتربية والخلوة أثناء هذا ممكن أن تطير في الهواء تمشى على الماء، ولذلك قال أهل الله: لو رأيت الرجل يطير في الهواء أو يمشى على الماء فأعرِض أمره على الشرع فإن وافقه فهو على جادة الطريق، ولكن ليس لأنه طار أو مشي ولكن لأنه وافق الشرع، وإن خالفه فهو شيطان، شيطان طيّره معه في الهواء، فيجب عليك أن تؤمن بالغيب في الشهود، فسيدنا عمر قال له: أسلم فأنت رجل صالح، لو أسلمت ستكون في مرتبة عالية، ولذلك فإن ربنا - وهو يتكلم عن هؤلاء في القرآن- يقول: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} وهذا إنصاف، ولم يقل "كلهم"، بل قال: "ومنهم" وهذا منهم، هذا يدل على أن القرآن من عند الله؛ لأنه مُنصف إنصافًا لا يرد على خاطر البشر، فقال له: أعطني ثلاثة أيام أفكر، ثلاثة أيام ثم جاء وقال له: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، قال له: ماذا حدث ؟! قال له: عرضت الإسلام على نفسي فأبت إباءً شديدًا فأسلمت! إذن؛ صدق التربية نَجّاه وهذه هي الرياضة.. هذا هو الصدق مع النفس.. وكان سبب إسلامه أنه عرف المفتاح، فلما جاءت في هذه القضية كان منصفًا، فقد سأل نفسه: لماذا أنت ضد الإسلام؟ العنجهية.. العرقية.. الحقد والحسد، كُشِفَ أمام نفسه، فقال: أنا أهرب من كل هذا وإذ بي ملآن في قلبي منه- من الحقد ومن الحسد ومن التفاخر والتعالي.. إلخ - إذن أنا رجل شرير تُبنا إلى الله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فأسلم فنجا... الله.. الله مقصود الكل.