رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النمو السكانى.. نقمة تحتاج حلولًا عاجلة

إننا فى حاجة مُلحة لاعتبار حل مشكلة الزيادة السكانية أولوية وتكريس كل جهود الدولة لوقفها.. لقد تحولت الزيادة السكانية إلى نقمة، لذا لا بد من وضع حلول عاجلة لها، قبل أن تلتهم ثمار كل المشروعات القومية والإنجازات الكبرى التى نراها على أرض الواقع، التى تنفذ بسرعة صاروخية.

مواجهة الزيادة السكانية المتصاعدة مؤخرًا أمر مطلوب بشكل عاجل حتى يشعر المواطن والمواطنة بمردود هذه المشروعات والإنجازات فى حياته اليومية هو وأسرته، والتى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى بنفسه فى عمل يومى وجهد استثنائى نشاهده ونحس به مع كل صباح.

نحن فى حاجة إلى حلول تتسم بالشجاعة والسرعة والحسم حتى نُوقف النمو السكانى المتزايد، الذى يزيد مع كل دقيقة فى بلدنا، ويتصاعد بشكل مخيف، وكان الرئيس السيسى قد شدد مؤخرًا على خطورة الزيادة السكانية على الاقتصاد المصرى ووجه بضرورة إيجاد حلول لها.. إلا أننا أصبحنا الآن وبدلًا من أن نرى تناقصًا فى نسبة النمو السكانى فإذ بنا منذ أيام نجد أنفسنا أمام حقيقة صادمة وأرقام خطيرة تتطلب تكاتف كل الجهود الحكومية والمجتمع المدنى والإعلام للقضاء عليها، والتصدى لها بأقصى سرعة ممكنة.

ففى تحذير واضح ومدعم بالأرقام، نجد أننا أمام قضية لا بد أن تحل عاجلًا، حيث أكدت د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط، منذ أيام، أن حتمية التصدى للقضية السكانية جاءت فى ضوء ما تمت ملاحظته مؤخرًا من عودة معدل النمو السكانى للارتفاع ليسجل ٢,٥ فى المائة كمتوسط سنوى بين التعدادين الأخيرين ٢٠٠٦ و٢٠١٧، بعد أن كان فى تناقص مطرد فى التعدادات السابقة.

وأضافت أن أهم المستهدفات هو خفض المعدلات من ٣ أو ٤ لكل سيدة عام ٢٠١٧ بصورة تدريجية إلى ١ أو ٢ طفل لكل سيدة فى عام ٢٠٣٢، عن طريق الالتزام بالتدابير وتطبيق السياسات الفاعلة لضبط النمو السكانى.. كما أن قضية النمو السكانى المتسارع تمثل إحدى أهم القضايا التى تبذل الدولة جهودًا حثيثة لمجابهتها، وتضعها على رأس أولوياتها بهدف الحد من تأثيراتها السلبية على مقومات التنمية الشاملة وعدالة التوزيع.

وفى اعتقادى أننا أمام موروث ثقافى لا بد من مواجهته بالتوعية والإعلام والتعليم، إذ إن فكرة كثرة الإنجاب هى موروث ثقافى له جذور ضاربة فى معتقدات ومفاهيم متوارثة منذ عقود، ومحفورة فى العقول، خاصة فى القرى المصرية والريف المصرى وبين الفئات الأمية، حيث يتم ربط كثرة الإنجاب بالاستقرار فى الزواج، كما تربط تلك الفئات أيضًا بين كثرة الإنجاب والتربح من عمل الأبناء.

ومن المؤكد أن للإعلام الآن دورًا أساسيًا ومهمًا لا بد من أن يقوم به، وهو ضرورة التوعية بالحد من الإنجاب، حتى يمكن أن تأتى خطط التنمية ثمارها، وحتى تتحسن أحوال الأسرة المصرية، لأن إنجاب طفلين يؤدى إلى حسن تربيتهما وتعليمهما، كما يخفف العبء عن الأم والأب فى توفير أساسيات المعيشة الكريمة للأبناء وفى صحة الأم وفى قدرتها على رعايتهم وتنشئتهم تنشئة سوية ولائقة.

إن النمو السكانى المتسارع قد وصل إلى رقم مخيف وغريب وهو ٥٠٠٠ مولود يوميًا، حيث أعلن جهاز التعبئة العامة والإحصاء منذ أسبوع رقمًا مخيفًا يتحتم معه اتخاذ إجراءات حاسمة أيضًا، حيث وصل عدد السكان إلى ١٠٢ مليون و٥٠٠ ألف نسمة بزيادة قدرها ٥٠٠ ألف نسمة خلال ١٠٠ يوم، مما سيترتب عليه التهام أى تنمية أو تقدم تحرزه الدولة المصرية فى أى مجال.

أما أنا، فأخشى أن تستمر هذه الزيادة المتسارعة، والتى تعنى زيادة البطالة وزيادة الفقر وعدم الاستقرار المجتمعى وظهور أجيال لم تتوافر لها التربية المناسبة ولا الرعاية الضرورية ولا التعليم المناسب، نظرًا لدخل الأسر الذى لا يتناسب مع عدد الأطفال الكبير.

ولأن دخل أى أسرة عادية لن يكفى بأى حال من الأحوال لتوفير ضرورات حيوية لا بد من وجودها لكل طفل من تربية وتعليم وتغذية وصحة لو زاد عدد الأطفال على ٢.. ونظرًا لأن الأسعار فى ازدياد مستمر وفى كل المجالات مما يعنى أننا أمام قنبلة موقوتة قد تنفجر فى وجه المجتمع كله إذا لم تتوقف الزيادة السكانية، لأنه لن تكفى أى مشروعات قومية أو صحية أو اجتماعية تقوم بها الدولة لمساعدة الفئات الأكثر فقرًا مثل «حياة كريمة» و«تكافل وكرامة» أو غيرها من مشروعات لدعم الفئات الفقيرة.

لهذا فإنه لا بد من إيجاد حلول عاجلة وحاسمة، وأقترح على سبيل المثال لا الحصر رفع الدعم المالى عمن ينجبون ٣ أبناء فأكثر ممن يستفيدون من بطاقات التموين، ولا بد للجهات المعنية من حملات توعية وطرق الأبواب مثل المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للطفولة والأمومة.

ولا بد أيضًا وقبل كل هذا من حملات توعية إعلامية متواصلة ومستمرة يشارك فيها كبار الفنانين والكتاب والشخصيات العامة من أجل المساعدة مع الدولة فى التصدى لهذه النقمة، مع تقديم دراما وأفلام سينمائية وأفلام تسجيلية بهدف رفع درجة الوعى بتبعات وبأخطار كثرة الإنجاب على المجتمع.. وأيضًا لا بد من توفير وسائل منع الحمل للسيدات فى القرى والنجوع وبينها المناطق الأكثر إنجابًا والأكثر احتياجًا.

إننا أمام تحدٍّ كبير لا بد من اعتباره أولوية مُلحة، وهذا التحدى لا بد من أن يتضافر كل الجهات المعنية للانتصار عليه بوقف النمو السكانى المتصاعد والمتسارع.. إن وقف الزيادة السكانية لا بد أن تكون أولوية للدولة ومسئولية كل مواطن محب للوطن وكل مواطنة محبة للوطن وتأمل فى توفير حياة كريمة لأبنائها.. إنه أيضًا ضرورة مُلحة لجنى ثمار التنمية الاقتصادية والاستفادة من المشروعات القومية ولتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.. إنه أيضًا مسئولية مجتمعية لكل من يأمل فى حياة كريمة لأسرته، إنه ليست قضية فرد أو وزارة فقط، لكنه قضية وطن يريد أن يتقدم إلى الأمام بثبات واستقرار وسلام اجتماعى.. وكل عام وأنتم بخير ومصر بخير بمناسبة المولد النبوى الشريف.