رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشيخ شلتوت يوضح حقيقة طيران النعش للصحابة والموتى

الشيخ شلتوت
الشيخ شلتوت

يتحدث كثير من الناس عن طيران بعض الموتى، وهم محمولون على أعناق الرجال، وعن تراجع النعش بحامليه إلى الوراء، ويتحدثون عن ثقله مرة، وخفته أخرى، وتنشر هذه الأحاديث، وتأخذ بين الناس صبغة الواقع الصحيح، كما يأخذ الموتى في معتقداتهم مكانة الأولياء الذين تبدو كراماتهم الحسية.


وكثيرًا ما ينشأ عن ذلك إقامة أضرحة لهؤلاء الموتى باسم الولاية، وتصبح تلك الأضرحة مزارات تلتمس يركاتها، ويدعى من فيها، ويتجه إليه في قضاء الحاجات ودفع الملمات والكروب، كما يصبح الضريح أيضًا خدم وموظفون، يتلقون النذور والصدقات باسم ساكنه، وغيرها من الكثير من تلك الأسئلة التي وردت للشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الراحل، والتي لح عليه العديد من الناس لتوضيح صحة هذه الأسئلة.


من جهته، قال الإمام الأكبر الراحل الشيخ شلتوت، الواقع أن صدق هذه الأخبار لا يكفى مجرد سماعها، ولا مجرد رؤية النعش وهو محمول على الأعناق يتقهقر إلى الوراء أو يتقدم إلى الإمام، فضلا عن سماع طيرانه في السماء، لا يكفى سماع شيء من هذا في تصديقه.


وأضاف في رده على هذه الأسئلة في كتابه "الفتاوى.. دراسة لمشكلات المسلم المعاصر في حياته اليومية والعامة" أن الناس مولعون بتناقل الأخبار الغربية، وفيهم من هو قابل لتصديق كل شيء، يسمعه فينتقله ويتحدث به ويقسم عليه.

وتابع الشيخ شلتوت: إن صدق الأخبار يحتاج إلى الوثوف بصدق حاملى النعش، والوثوف بسلامة نفوسهم من الانفعالات الخاصة، التي تورث الضعف في أعصابهم، وتجعلهم يتقهقرون أو يندفعون إلى الإمام بغير انتظام، والوثوف بأنه ليس لهم نوايا خاصة في إشاعة أن الميت له عند الله منزلة، ينبي له بها ضريح، وتصنع له مقصورة، وتفتح أبوابه للزيارة والنذور، وتقام له الموالد والليالي، إلى غير ذلك مما يكون في واقعة مورد رزق جديد لحامليه، وإلى من أوعز إليهم بإيجاد هذا المظهر.


هل طار النعش بأحد من الصحابة؟
وأشار شلتوت إلى أننا لم نسمع شيئًا من ذلك عن أحد من الربانيين الذين ماتوا في العصور الأولى للإسلام، خير القرون، وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة، وحماة الإسلام من الصديقين والشهداء والصالحين، وإذن فنحن في حل من تكذيب كل ما نسمع من هذا القبيل ونرفضه ولا نعنى بالبحث عن أسراره وأسبابه، والإنسان متى فارق الحياة انفطعت صلته بالدنيا، وصار أمره لله وحده.
هل يطير نعش الميت المحمول في سيارة؟


وأكد شيخ الأزهر الراحل أنه من غريب الأمر أن مثل هذه الأقاصيص المخترعة لا تروج إلا قى زمن التقهقر الفكري، وانصراف الناس عن العمل الجاد المثمر، ولا تروج إلا في بيئات خاصة عرفت بالسذاجة وتصديق كل ما يقال.
ووجه نصيحة في رده على تلك الأسئلة قائًلا:"نصيحتى للسائلين أن يتجهوا بأسئلتهم نحو ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وليعلموا أن الحياة حياة السائل، وحياة المجيب، وحياة القارئ والمستمع أعز من أن تضيع في السؤال والجواب عن طيران الموتى أو تقهقرهم أو تقدمهم، وليس في النعش سوى جثة هامدة ذهبت روحها إلى خالقها، وهو وحده العليم بحالها مالها وما عليها.