رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حلم نقل الكهرباء المصرية إلى العالم يقترب من التحقق

وقعت مصر والسعودية يوم الثلاثاء الماضى عقود ترسية مشروع الربط الكهربائى بين البلدين، وفى مثل يوم توقيع هذا العقد التاريخى، قبل ٤٨ عامًا، كانت القيادة العليا للقوات المسلحة المصرية تحبس أنفاسها وتنتظر ساعة العبور وبدء حرب ١٩٧٣.

هذه الحرب العظيمة كان لها الكثير من النتائج الاقتصادية المؤثرة على حياتنا اليوم، أهمها على الإطلاق هو استعادة السيادة المصرية الكاملة على قناة السويس التى بنيناها بأموالنا ورجالنا وأممناها من المستعمر عام ١٩٥٦ فى ملحمة مصرية بارعة بقيادة الزعيم الخالد «جمال عبدالناصر».

ثم كررنا الكرّة مرتين فى ٢٠١٥ و٢٠٢١ بمعدات وماكينات وبنوك وتمويل مصرى خالص من جيوب ومدخرات المصريين عبر تجميع نحو ٦٤ مليار جنيه فى ١٠ أيام فقط، لتصبح قناة السويس ومنذ تأميمها هى العضلة الاقتصادية الوحيدة التى تملكها مصر فى سباق الاقتصاد العالمى الشرس.

لكن مصر فى عهد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» أصبحت تدرك خطورة المنافسة الدولية وشراسة النزاع على المقدرات الاقتصادية بين الأمم وأننا بِتْنا فى حاجة إلى أسلحة ودروع أكبر فى القدرة النيرانية وأكثر فى السماكة والصلابة، تحمى مصر من تقلبات الظروف والمصالح على الساحة الدولية، فكان التفكير فى سلاح الطاقة المصرى.

تسعى كل من مصر والسعودية إلى تنويع مصادر الطاقة الكهربائية والتحول من العصر الهيدروكربونى إلى العصر الكهربائى، واستخدام الطاقة النظيفة فى إطار قناعة قيادتى البلدين بأهمية مسألة مكافحة التلوث، والحفاظ على صحة الإنسان والبيئة المحيطة، لكن من ناحية أخرى تسعى «القاهرة» إلى استثمار أزمة العلاقات الروسية الأمريكية الأوروبية لمصلحتها.

مسألة التحول نحو الطاقة النظيفة لم تكن حبرًا على ورق أو خططًا تفتقد للفاعلية، وإنما بدأت البلدان فى التنفيذ على الأرض بمشروعات تدخل العالمية:

¿ أشهر مشروع للطاقة المتجددة فى السعودية: سكاكا

¿ أشهر مشروع للطاقة المتجددة فى مصر: بنبان

المستهدفات التى تم وضعها كبيرة وطموحة وليست كلمات دعائية فى مؤتمرات صحفية:

¿ مستهدفات السعودية: تغطية الغاز والطاقة المتجددة لـ٥٠٪ من إجمالى احتياجات الكهرباء.

¿ مستهدفات مصر: تغطية الطاقة المتجددة لـ٤٠٪ من إجمالى احتياجات الكهرباء.

فى توقيت توقيع عقود الربط المصرية السعودية وبالتزامن كان يحدث ما يلى حول العالم:

١- الصين تعانى من انخفاض إنتاج الكهرباء نتيجة تباطؤ عمليات استخراج الفحم اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، مزيج الطاقة الكهربائية الصينى يعتمد بشكل أساسى على الفحم.

٢- أوروبا تعانى من شح تدفقات الغاز للمنازل للتدفئة والمصانع لتشغيل الآلات والمطاعم لتسوية الطعام والتدفئة وللسيارات ولمحطات الكهرباء «فقط التى تعمل بالغاز»، مزيج الطاقة الكهربائية الأوروبى يعتمد بشكل أساسى على الغاز، أسعار الغاز ارتفعت ٥٠٠٪ منذ بداية العام حتى الآن.

٣- روسيا تبتز الأوروبيين الذين تحالفوا مع «جو بايدن» لتكسير مصالح «موسكو» فى عدة مناطق بالعالم ومواجهة التوسعات المخيفة للروس فى شرق أوروبا، الناتو اتخذ موقفًا صارمًا وقويًا بدعم واضح من الرئيس الأمريكى، خفضت «موسكو» من إمدادات الغاز لأوروبا مؤخرًًا بالتزامن مع اقتراب خط «نورد ستريم» من الوصول للمحطة النهائية من البناء ومتوقع التشغيل خلال أسابيع قليلة.

من ناحية أخرى، أوروبا التى يغطيها الضباب معظم أوقات السنة، تبنى مشاريع مع شمال إفريقيا المشمس دائمًا لتوصيل كابلات بحرية تأخذ من فائض الطاقة الشمسية لدى هذه الدول المشمسة وتحوله إلى أوروبا التى تعانى من العجز، على رأس هذه المشاريع:

١- المشروع المصرى: مشروع Euro-Africa Interconnector من مصر إلى أوروبا.

معلومات عن مشروع Euro-Africa Interconnector من مصر إلى أوروبا: 

- طول الكابلات البحرية ١٦٥٠ كم

- تكلفة المرحلة الأولى ٣ مليارات دولار

- سعة الطاقة المولدة ١ جيجاوات

- تاريخ انتهاء المرحلة الأولى للمشروع ٢٠٢٣

٢- المشروع المغربى: مشروع X-links من المغرب إلى بريطانيا.

معلومات عن مشروع X-links من المغرب إلى بريطانيا: 

- طول الكابلات البحرية ٣٨٠٠ كم

- تكلفة المشروع ٢١.٩ مليار دولار

- سعة الطاقة المولدة ١٠.٥ جيجاوات

- تاريخ انتهاء المشروع ٢٠٣٠

بالطبع، مصر لا تستطيع أن تحل محل روسيا وتحل ١٠٠٪ من احتياجات أوروبا، لكن تستطيع «القاهرة» بالشراكة مع الدول الشقيقة فى المنطقة، تقديم نفسها لأوروبا على أنها حل ملائم وتستطيع أن تكون جزءًا من خطة عمل مشتركة وجماعية لتنويع موارد أوروبا من الإمدادات الطاقوية، وهو السلاح الاقتصادى الجديد بعد قناة السويس الذى صارت مصر قريبة من امتلاكه واستثماره قريبًا.