رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسبوع حسم ضريبة البورصة.. السوق يترقب تحركات النواب رسميًا

البورصة
البورصة

يعتزم عدد من نواب البرلمان "أعضاء اللجان الاقتصادية" بمجلسي الشيوخ والنواب مناقشة ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة، بالتزامن مع بدء دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب، ودور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الأول لمجلس الشيوخ الذى بدأ اليوم السبت. 

وأعلن عدد من نواب البرلمان التقدم بطلبات تشمل إلغاء أو تأجيل تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة والمقرر تطبيقها بداية العام المقبل نتيجة التأثيرات السلبية المباشرة على البورصة، وإنقاذ برنامج الطروحات الحكومية، فضلا عن الحفاظ على الأداء الإيجابي للبورصة، ومن ثم الاقتصاد الوطنى بشكل عام، وفقا لمحللين بالسوق.

موقف نواب البرلمان 

تقدم النائب محمد طه الخولي، عضو مجلس النواب، بمشروع قانون لتأجيل سريان قانون ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة حتى نهاية عام 2022.

وحسب المذكرة الإيضاحية للتعديل، فقد صدر القانون ١٩٩ لسنة ٢٠٢٠، واستهدف تأجيل الضريبة على الأوراق المالية في البورصة حتى نهاية ٢٠٢١ مراعاة للظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصرى، خاصة تداعيات أزمة كورونا.

ومع قرب تطبيق القانون وصدور تصريح من وزير المالية بهذا الشأن، ما كان له أثر سلبي على البورصة، وتوالت الخسائر وقرر عدد كبير من الشركات والأفراد الخروج من البورصة، والتوجه إلى دول أخرى.

وأكد عضو مجلس النواب، فى تصريحات صحفية له، أن الأسباب التي دفعت إلى تأجيل التطبيق حتى نهاية هذا العام ما زالت سارية، وما زالت جائحة كورونا مستمرة وتداعياتها الاقتصادية مستمرة، ما يتطلب تأجيل التطبيق لمدة عام حتى نهاية عام 2022، وإجراء حوار موسع بين وزارة المالية وسوق الأوراق المالية ولجنتى الخطة والاقتصادية بمجلس النواب للوصول إلى بدائل لهذه الضريبة الطاردة للاستثمار في البورصة.

فيما أكد النائب محمود الصعيدي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، ضرورة تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة لصعوبة تطبيقها في الوقت الراهن بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية الحالية، مشيرا إلى أنه بمجرد عودة المجلس للانعقاد الأسبوع القادم سيتقدم بطلب لمناقشة هذا الأمر داخل لجنتي الخطة والموازنة والاقتصادية، واستدعاء المسئولين عن الأمر لمناقشتهم في مدى إمكانية تأجيل تطبيقها حتى يناير 2023 بدلا من 2022.

وأضاف الصعيدي أن تطبيق تلك الضريبة غير ملائم الآن، خاصة أن البورصة المصرية ليست في أحسن حالاتها.

من جانبه، أكد النائب أحمد سمير زكريا عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ، أنه بمجرد عودة المجلس للانعقاد يوم الثلاثاء المقبل، سيتقدم بطلب مناقشة لإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة وليس تأجيلها، لكون خطوة التأجيل مجرد حل مسكن لهذه الضريبة التي تم تأجيلها منذ 2014 لأكثر من مرة، موضحا أن البورصة لا تتحمل تطبيق قوانين بهذا الشكل لكونها ستؤثر سلبا على المتعاملين بها.

وأشار، في تصريحات صحفية، إلى أن طرق محاسبة ضريبة الأرباح الرأسمالية تختلف عن ضريبة الدمغة التي استوعبها السوق، فلماذا نربك البورصة بهذه الضريبة الجديدة في هذا التوقيت الصعب، مضيفا أنه لم تكن هناك إمكانية لإلغائها، فمن الضروري تأجيلها مرة أخرى لحين تحسن وضع السوق والبورصة بشكل عام.

كانت الحكومة قد أقرت تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة بنسبة 10% في يوليو من عام 2014، لكن الضريبة أدت لاضطرابات في سوق المال وأزمة في طريقة احتسابها، وهو ما اضطرت معه الحكومة لتأجيل الضريبة لمدة عامين في مايو 2015.

وعاد الجدل بشأن الضريبة مع انتهاء فترة التأجيل الأولى في عام 2017 لتؤجلها الحكومة مجددا لمدة 3 سنوات، ولكنها فرضت في المقابل ضريبة دمغة تصاعدية على التعاملات.

وفي العام الماضي 2020، أجّلت الحكومة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة للمرة الثالثة حتى نهاية 2021، كما خفضت ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة وألغتها على الشراء والبيع في نفس اليوم، ليعود الجدل من جديد بشأنها بعد نشر دليل قواعد المعاملات الضريبية للأرباح الرأسمالية في الجريدة الرسمية خلال شهر أغسطس الماضي.

وضريبة الأرباح الرأسمالية تخضع لوعاء ضريبة الدخل، ويتم تحديدها على أساس قيمة صافى الأرباح الرأسمالية لمحفظة الأوراق المالية المحققة فى نهاية السنة الضريبية على أساس الفرق بين سعر بيع أو استبدال أو أى صورة من صور التصرف فى الأوراق المالية، وبين تكلفة اقتنائها، بعد خصم عمولة الوساطة.

تأثير الضريبة على برنامج الطروحات الحكومية 

تسعى الحكومة إلى تقليص حصص ملكيتها في شركات القطاع العام، من خلال طرح حصص منها في البورصة، وأعلنت فعلا عن طرح 23 شركة في برنامج طروحات حكومية، لم ينفذ منها سوى طرح حصة إضافية صغيرة من الشرقية للدخان المدرجة أصلا في البورصة.

وخلال العام المالي الجاري، تستهدف الحكومة طرح 5 شركات، تبدأها بطرح شركة "إي فاينانس" خلال الفترة المقبلة، فيما تستهدف زيادة عدد الشركات الخاصة المتداولة في السوق.

وفجرت أزمة فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة أزمة جديدة لدى المحللين والمتعاملين بالسوق، والذين أجمعوا على أن تلك الضريبة لا جدوى لها سوى تراجع البورصة وهروب المستثمرين، لما بها من ازدواج ضريبى، خاصة أن المستثمر يتحمل بالفعل ضريبة الشركة المساهم بها والتى يتم استقطاعها من الشركة ذاتها وبالتبعية المستثمر بصفته المالك لعدد من الأسهم فى تلك الشركة، بالرضافة إلى ضريبة التوزيعات، فضلا عن ضريبة الدمغة على التعاملات اليومية سواء مكسبا أو خسارة، بالإضافة إلى عدم دراسة وزارة المالية لعمليات الشراء بالهامش، خاصة مع فرض فوائد على نسبة "المارجن" ومن ثم تحقيق خسائر للمستثمر نظير دفع الفائدة حتى وإن كانت بعض أسهمه حقق مكاسب لكن مقارنة بالفوائد المستقطعة فهى خاسرة.

وأكد المحللون، أيضا، أن الأوضاع الحالية للسوق لا تبشر بنجاح أي طروحات، حكومية أو خاصة، مشيرين إلى أنه لجذب مزيد من المستثمرين لإنجاح الطروحات الجديدة لا بد من تخفيف الأعباء الضريبية، وتهيئة المناخ الاستثماري، وليس العكس.

محمد ماهر، رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية "إكما" أكد أن الآثار السلبية لزيادة الأعباء الضريبية تقع في الأساس على المستثمر في البورصة، وهو يتحمل بالأساس مخاطر عالية، وتؤثر على قراره الاستثماري، ولا يمكن توقع أن تنجح طروحات حكومية أو خاصة، في ظل زيادة الأعباء على الاستثمار بقرارات الضريبة، إضافة إلى المتغيرات العالمية وجائحة كورونا.

وأضاف ماهر أن المخاوف ستطال طرفي الاكتتابات، فصاحب الشركة سيخشى من عدم قدرة المستثمرين على تغطية الاكتتاب نفسه، إضافة إلى عدم اليقين من التداول الإيجابي على السهم بعد القيد، وبالتالي قد تتعرض الشركة لانخفاض قيمتها السوقية، وهو عكس هدف الطرح بالأساس.

أما المستثمر فسيعزف عن ضخ استثمارات جديدة وسط كل هذه الضرائب، وقد يتجه لأوعية ادخارية أقل مخاطرة، ولا تتحمل عوائدها ضرائب كبيرة، مثل الأرباح من الاستثمار بالقطاع المصرفي .

وأشار ماهر إلى أن قرار تأجيل الضرائب قرار سيادي، تحتاج السوق لإعادة النظر فيه، نظرًا لما يمثله من عائق أمام رغبة الدولة لتعميق السوق وطرح شركات كبيرة به.

وأضاف أن الجمعيات المعنية بسوق المال لم تعقد اجتماعات بخصوص الضرائب خلال الفترة الماضية، حيث قدمت النصيحة بضرورة إلغاء أو تأجيل الضرائب بكافة أشكالها في الفترة الحالية لحين تحسن وضع السوق، وهو ما أسفر عن تأجيلها مرتين.

أما إيهاب سعيد، عضو مجلس إدارة البورصة الاسبق، فأكد أن مجتمع سوق المال أو شركات الوساطة بشكل خاص يبحثون بالأساس عن المصلحة العامة للدولة وليس كما يشاع أنهم يبحثون عن مصالح شخصية ضيقة، مؤكدا أن هناك مشكلات متعددة نتجت عن تطبيق الضريبة خلال السنوات الماضية ما دفع بالحكومة إلى أرجائها أكثر من مرة، لاسيما مع الأجانب الذين تخارجوا من السوق بشكل متسارع بسبب أزمة المالك المسجل والمالك المستفيد واستحالة تطبيق الضريبة الرأسمالية عليهم باعتبارها تحاسبهم ضريبيا فى نهاية العام المالى، وهو ما لا يتماشى مع سياستهم قبل عملائهم، ما دفع السوق إلى تراجعات حادة، ليقوم الرئيس بإعلان تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة 3 سنوات بداية من مايو 2017 على هامش قرارات المجلس الأعلى للاستثمار مع 16 قرارا آخر تبعها تحرير سعر الصرف وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولى.

ولجأت الحكومة فى تلك الفترة لتطبيق ضريبة دمغة بواقع 1.25 فى الألف على مدار تلك السنوات الثلاث المؤجل فيها القانون، على أن تصل الضريبة فى نهاية العام الثالث إلى 1.75 فى الألف.

وأضاف: بلغت قيمة الضريبة على تعاملات الدمغة خلال عام 2018 نحو 1.5 فى الألف، تصل إلى 3 فى الألف بيعا وشراء دون النظر إلى المكسب أو الخسارة، وانهارت السوق تماما من أعلى مستوى وصلت إليه وفقدت التأثير الإيجابى لتحرير سعر الصرف وتوقيع اتفاقية صندوق النقد، لتصل قيم وأحجام التعاملات إلى قرابة 300 مليون جنيه فقط يوميا، نتيجة ارتفاع تكلفة التداول إلى مستويات قياسية غير موجودة بأى سوق بالعالم، الأمر الذى دفع وزارة المالية وقتها لإيقاف المرحلة الثالثة من الضريبة والتى كان من المفترض أن تصل إلى 1.75 فى الألف، وأرسلت المقترح لمجلس النواب الذى وافق عليه.

ومع تصاعد الأزمة طلب أطراف السوق سرعة لقاء رئيس الوزراء لإنقاذ الموقف وإعادة الحياة للسوق التى ماتت إكلينيكيا وقتها، وبالفعل استجاب رئيس الوزراء وتم عقد لقاء موسع وقتها ضم رئيس مجلس إدارة البورصة والجمعية المصرية للأوراق المالية ونائبه ونائب رئيس هيئة الرقابة المالية ووزير قطاع الأعمال ووزير المالية ونائبه.

وطالب عضو مجلس إدارة البورصة السابق بضرورة عقد اجتماع مع وزارة المالية للنظر فى استمرار تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين على أقل تقدير لحين استقرار وضع السوق وتعافى الاقتصاد من أزمة كورونا، وتكون الدولة خلال تلك الفترة قد نجحت فى طرح بعض شركاتها المزمع طرحها.

وكانت وزارة المالية قد أوضحت، في بيان لها مطلع الشهر الجاري، بعد نشر دليل استرشادي بخصوص الضريبة في الجريدة الرسمية، أن القرار الوزاري رقم 428 لسنة 2021 جاء تطبيقًا لأحكام القوانين السارية، والمعمول بها الآن، ويتضمن فقط القواعد والتعليمات الخاصة بالمعالجة الضريبية للأرباح الرأسمالية، ويهدف إلى توضيح وتبسيط الإجراءات والمعالجة الضريبية لمختلف الأوراق المالية المتداولة للتيسير على الممولين.

وأضاف البيان أن هذا الدليل ليس الأول من نوعه بل سبق وصدر دليل إرشادي آخر يوضح المعالجة والإجراءات الواجب اتباعها لسداد الضريبة على الأرباح الرأسمالية لغير المقيمين عن الأسهم غير المقيدة.