رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محطات فى سجل المشير طنطاوي: بطولات أسطورية فى حرب أكتوبر.. وحمى الوطن من السقوط

المشير طنطاوي
المشير طنطاوي

العالم لا يلد أبطالًا كل يوم، دائمًا الرائعون نادرون، والمشير محمد حسين طنطاوى أحد أبرز هؤلاء الرائعين، الذى عاشوا من أجل وطنهم فقط، ولم يسعوا لأى مجد شخصى، وخاضوا من أجل ذلك المعارك الطاحنة وكادوا يضحون بحياتهم من أجل أهدافهم النبيلة. 

والصدق كان الشعور الأبرز الذى يحس به كل من يستمع إلى المشير طنطاوى، حتى فى أحاديثه القليلة، وحينما اشتدت المحن على الوطن بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، واجه كل الصعوبات بشجاعة نادرة وصدق لا مثيل له، واستمع إليه المصريون وهو يواجه الأزمة بقوله: «بقاتل بقالى ٤٠ سنة، وهفضل أقاتل لآخر يوم فى عمرى علشان مصر». 

فى السطور التالية، تستعرض «الدستور» المحطات الرئيسية فى التاريخ العسكرى للمشير طنطاوى، وجوانب من بطولاته التى خاضها فى سبيل نصرة الوطن.

حكمته وكفاءته حمتا مصر فى أحلك الظروف

اعتبر الكثير من الساسة والمؤرخين أن مجهودات المشير طنطاوى بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ حمت الدولة من السقوط، لأنه استطاع بمنتهى الحكمة والقدرة والكفاءة أن يحافظ على سفينة الوطن من الغرق بعد تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد. وفور تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى مسئولية السلطة فى البلاد، استطاع المشير فى وقت قصير الحفاظ على هيبة ومكانة القوات المسلحة حول العالم، وكان الضامن الأمين للتطور الديمقراطى فى مصر، حيث كان يتمتع بثقة كبيرة فى الداخل والخارج.

وألقيت على المشير أعباء عهد جديد على مصر والمنطقة، وقد نجح فى كل الاختبارات التى تعرض لها بنجاح منقطع النظير، ورغم كل محاولات الاستفزاز التى تعرض لها الرجل وتعرضت لها القوات المسلحة فى تلك الفترة الدقيقة، فإنه كان بمثابة حائط الصد و«القميص الواقى» الذى يتلقى الضربات عن الشعب.

أحبط هجوم العدو الإسرائيلى فى ملحمة «المزرعة الصينية»

كان المشير طنطاوى مقاتلًا عسكريًا مخضرمًا خاض ٤ حروب دخلتها مصر ضد أعدائها، فكان أحد أبطال حرب ٥٦، كما شارك فى حرب ١٩٦٧، وبعدها فى حرب الاستنزاف، ويحكى بطلنا الراحل عن تلك الفترة قائلًا: «حرب الاستنزاف كانت فترة زاهرة فى تاريخ القوات المسلحة المصرية، حيث كان الجيش يقاتل ويستعد ويعيد بناء القوات فى الوقت نفسه، فقد أعطت الحرب الجنود والضباط الثقة بالنفس، كما منحت الشعب الثقة فى الجيش».

وكان البطل الراحل أحد أبطال حرب أكتوبر ١٩٧٣ المجيدة، حيث كان قائدًا للكتيبة ١٦ مشاة، التى حققت بطولات كبيرة خلال ملحمة عبور قناة السويس وتحرير سيناء.

وفى تسجيل تليفزيونى نادر يحكى فيه المشير للمصريين، عن دور «العميد أركان حرب محمد حسين طنطاوى» قائد الكتيبة ١٦ مشاة فى حرب أكتوبر، وعن بطولات كتيبته، حيث دخل فى مواجهة مباشرة مع القوات الإسرائيلية بقيادة أرييل شارون».

وروى أنه «فى يوم ١٢ أكتوبر، تم دفع إحدى الوحدات التى كان يقودها المشير لتأمين الجانب الأيمن للفرقة لمسافة ٣ كيلومترات، وكانت الفرقة قد تم إخراجها من المنطقة، وتمكنت الوحدة بقيادته من الاستيلاء على نقطة حصينة على الطرف الشمالى الشرقى من البحيرات المرة».

وقال: «كان جنود هذه النقطة من الإسرائيليين قد اضطروا للهرب منها تحت جنح الظلام، وفى مساء يوم ١٥ أكتوبر، أحبطت الكتيبة ١٦ مشاة عملية «الغزالة المطورة» الإسرائيلية، حيث تصدت بالمقاومة العنيفة لمجموعة «شارون»، وكانت الكتيبة ضمن فرقتى مشاة ومدرعات مصريتين فى الضفة الشرقية، وحدث هذا فى منطقة مزرعة الجلاء المعروفة باسم المزرعة الصينية، حيث كبّدت الكتيبة الإسرائيليين خسائر فادحة».

وملحمة «المزرعة الصينية» تثبت أن المشير طنطاوى يتميز بالذكاء والتخطيط، لاسيما أنه عندما هاجمته مدرعات العدو، لم يكشف الرجل أوراقه، وقرر التحلى بالصبر، وكتم أنفاسه حتى آخر لحظة وحبس نيران مدفعيته لحين معاينة وتقدير القوة المعادية على الطبيعة، وفى اللحظة المناسبة انطلقت نيران أسلحته وقذائف مدفعيته، وانطلق رجال كتيبته على مدرعات ومجنزرات العدو، فدمروها، وقد فشل هجوم العدو فى الوصول للقناة، وأخذ يبحث عن مكان آخر بعيدًا عن رجال الفرقة ١٦ مشاة التى كان يقودها العميد عبدرب النبى حافظ والكتيبة ١٦ مشاة التى كان يقودها «طنطاوى».

أما فرقتا «شارون وآدن» اللتان قامتا بالمجهود الرئيسى فى إحداث الثغرة، ففقدتا أكثر من ٥٠٠ جندى، إضافة إلى قتل ضباط الصفين الأول والثانى من قادة الألوية والسرايا، وهو ما اعترف به قادة إسرائيل فيما بعد، مؤكدين أن شراسة معارك الثغرة لم تحدث فى تاريخ الحروب بعد تلاحم المدرعات المصرية والإسرائيلية، وحرق المئات من العربات المدرعة والمجنزرات.

ووصف «طنطاوى» تلك المعركة بـ«معركة المعارك» فقال عن أبطال الكتيبة: «كل همى إن أنا مرجعش ولا فرد من الأفراد اللى جم الموقع أحياء، تلك هى معركة من المعارك التى خاضتها الكتيبة منذ العبور حتى إيقاف إطلاق النار، يكفينا فخرًا أن الكتيبة لم تتكلف فى العبور إلا شهيدًا واحدًا وهو عادل بصاروف».

اقترح تقاضى رجال الجيش نصف رواتبهم لزيادة قدرات القوات المسلحة

«اسمحولى أوجه التحية ليه لوحده.. سيادة المشير حسين طنطاوى».. بهذه الجملة وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى تحية خاصة إلى المشير طنطاوى، فى أثناء الاحتفالية الـ٤٢ لذكرى انتصار أكتوبر، تعبيرًا عن التقدير لدوره الوطنى.

وجاءت تلك التحية فى سياق حديث الرئيس عن أن رجال الجيش المصرى ظلوا ٢٠ عامًا يتقاضون نصف رواتبهم لتحقيق قدرة اقتصادية تساعد الجيش، موضحًا وكاشفًا للمرة الأولى عن أن المشير طنطاوى كان صاحب هذه الفكرة.

وفى احتفالية أخرى، حينما كان السيسى وزيرًا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، تحدث عن دور المشير طنطاوى، قائلًا: «كان أكثرنا تفهمًا، وأكثرنا حرصًا على بلده، ربنا يجازيه عنَّا خير الجزاء؛ حيث تحمَّل ما لا تتحمله الجبال».