رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التصعيد مستمر.. التفاصيل الكاملة حول «أوكوس» ولماذا أغضب فرنسا بشدة؟

تحالف أمني بين أمريكا
تحالف أمني بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا

أثار التحالف الأمني الاستراتيجي الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا "أوكوس"، حالة من الغضب لدى فرنسا، حيث ابرم الثلاثي اتفاقية أمنية تاريخية، تمنح واشنطن ولندن بموجبها، تكنولوجيا ضرورية لكانبرا، لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية بهدف تعزيز التعاون العسكري والدفاعي في المحيطين الهندي والهادئ. 

وتعليقا على التحالف، أكد جان لودريان وزير الخارجية الفرنسي، اليوم السبت، أنه لا يجب على الحلفاء أن يرتكبوا خيانة بحق بعضهم  البعض، مشيرا إلى إلغاء استراليا لعقد غواصة بعشرات المليارات من الدولارات مع باريس لصالح صفقة جديدة مع واشنطن.

قصة الاتفاق الثلاثي الأمني وأهميته

وأطلقت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، شراكة أمنية واسعة النطاق مع أستراليا وبريطانيا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، من أجل مساعدة استراليا في الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية الأمريكية ، في ظل تنامي النفوذ الصيني في المنطقة، ما من شأنه إلغاء صفقة الغواصات الفرنسية مع كانبرا الموقَّعة قبل 5 أعوام. 

وستلتقي أستراليا ضمن هذه الشراكة تكنولوجيا الغواصات النووية الأمريكية خلال الأشهر الـ18 المقبلة، والتي سيتم بناؤها في أديلايد.

وأعلنت أستراليا، الخميس، أنها ستلغي صفقة بقيمة 40 مليار دولار  وُقِّعت عام 2016 مع مجموعة نافال الفرنسية لبناء أسطول من الغواصات التقليدية ، وستقوم بدلاً من ذلك ببناء ثماني غواصات تعمل بالطاقة النووية على الأقل بتكنولوجيا أمريكية وبريطانية بعد إبرام الشراكة الأمنية الثلاثية، حيث سيسمح التحالف للدول الثلاث بتبادل التكنولوجيا التي تشمل الأمن الإلكتروني والذكاء الاصطناعي والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربات بعيدة المدى.

وقال رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، إن بلاده انسحبت من الاتفاقية الموقعة مع فرنسا بشأن بناء الغواصات، وبدلًا من ذلك ستطلق شراكة أمنية، وصفها بالتاريخية، مع الولايات المتحدة وبريطانيا، مشيرًا إلى أن بلاده ستحصل في إطار هذه الشراكة على غواصات تعمل بالطاقة النووية.

الشراكة الجديدة أعلنت باسم "أوكوس"، خلال مؤتمر صحفي مشترك عن بُعد بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ونظيره الاسترالي سكوت موريسون، بحسب وكالة "رويترز" للأنباء.

لماذا أغضب التحالف الثلاثي فرنسا؟

أغضب التحالف الثلاثي باريس ووصفته بأنه "طعنة في الظهر" ودخلت على اثره في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع الولايات المتحدة وأستراليا وقامت باستدعاء سفراءها من كلا البلدين، وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان إن الرئيس إيمانويل ماكرون اتخذ هذا القرار النادر بسبب خطورة الحادث. 

وتم الإعلان عن الاتفاقية التاريخية بعد ساعات من إلغاء أستراليا، صفقة بقيمة 66 مليار دولار لغواصات تعمل بالديزل والكهرباء مع فرنسا، مما أثار الغضب في باريس والرضا في لندن.

وصرح لودريان لـ"راديو فرانس انفو": "هذا القرار الوحشي والأحادي الجانب، الذي لا يمكن التنبؤ به، يذكرني بما كان ترامب يفعله(..) أنا غاضب وأشعر بالمرارة... هذا لا يحدث بين الحلفاء"، ووصف الصفقة بأنها غير مقبولة، قائلا "إلغاء المشروع  وإعلان شراكة جديدة مع الولايات المتحدة، بهدف إطلاق دراسات عن تعاون محتمل في المستقبل، بشأن الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، يشكلان سلوكًا غير مقبول بين الحلفاء والشركاء"..

وأضاف المسؤول الفرنسي، أن العواقب "تؤثر بشكل مباشر في الرؤية التي لدينا، لتحالفاتنا وشراكاتنا وأهمية منطقة المحيطين الهندي والهادئ لأوروبا".

فيما قال مصدر دبلوماسي في فرنسا إن هذه هي المرة الأولى التي تستدعي فيها باريس سفرائها بهذه الطريقة.

وأثار هذا الإعلان على صفقة الغواصات الفرنسية التي وقعتها باريس مع كانبرا، حيث اختارت استراليا في عام 2016 شركة بناء السفن الفرنسية Naval Group لبناء أسطول غواصات جديد بـ 40 مليار دولار، لتحل محل غواصات Collins التي مضى عليها أكثر من عقدين.

وقال المحللون، إن خسارة عقد الغواصة الأكبر بكثير، كانت ضربة كبيرة لفرنسا، التي بذلت آلة بيع الأسلحة ذات الخبرة الخاصة بها قصارى جهدها، لانتزاع صفقة الغواصات من اليابان، الفائز المحتمل في عهد وزير الدفاع آنذاك لو دريان عام 2016.

وجاء فوز فرنسا عام 2016 بالصفقة، بعد عقد من إصلاح فرنسا جذريًا للطريقة التي تعاملت بها مع مبيعات الأسلحة، بعد إحراج باريس لخسارة مسابقة لبيع مقاتلين للمغرب.

أمريكا وأستراليا يهدئان الغضب الفرنسي

من جانبها، قالت أستراليا، صباح السبت ، إنها تأسف لقرار فرنسا باستدعاء سفيرها في كانبيرا وإنها تقدر علاقتها مع فرنسا وستواصل التواصل مع باريس بشأن قضايا أخرى، ورفض رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، الانتقادات الفرنسية القائلة إنه لم يتم تحذيرها بشأن الصفقة الجديدة، قائلًا إنه أثار احتمالًا -في محادثات مع الرئيس الفرنسي- بأن أستراليا قد تلغي صفقة المجموعة البحرية.

وأضاف موريسون إن أستراليا تتطلع إلى مواصلة العمل "بشكل وثيق وإيجابي" مع فرنسا، مضيفًا أن «فرنسا صديق وشريك رئيس لأستراليا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ".

فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيان أن "فرنسا شريك حيوي وأقدم حليف لنا ، ونحن نولي أعلى قيمة لعلاقتنا"، وأضاف أن واشنطن تأمل في مواصلة النقاش حول هذه القضية على مستوى عال في الأيام المقبلة ، بما في ذلك خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع.

دور بريطانيا وتشديدها لى الدفاع عن مصالحها

ومن جهتها، قالت ليز تروس وزيرة خارجية بريطانيا، اليوم الأحد، أن لندن ستسعى للدفاع عن مصالحها وللتحالف مع الدول القريبة من التفكير والقيم الاستراتيجية للبلاد، مشيرة إلى أن الاتفاق الأخير مع أمريكا وأستراليا “أوكوس” يظهر بوضوح أن لندن ستدافع بقوة عن مصالحها. 

وأضافت وزيرة الخارجية البريطانية، في مقال لها نشرته صحيفة صنداي تلجراف البريطانية، اليوم، أن الاتفاق الأمني الجديد الذي أبرمته بلادها مع أستراليا والولايات المتحدة يبرهن على استعدادها للقوة في الدفاع عن مصالحها.

وقالت الوزيرة البريطانية في مقالها أن الأمر يتعلق بما هو أكثر من السياسة الخارجية من الناحية النظرية، لكنه يحقق إنجازاً للناس في بريطانيا وخارجها بإقامة شراكة مع الدول ذات التفكير المماثل لبناء تحالفات قائمة على القيم المشتركة والمصالح المشتركة،  أن الاتفاق يبرز أيضاً التزام بريطانيا بالأمن والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

وكانت قد كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الحكومة البريطانية لعبت دورا مبكرا في التوسط من أجل إنشاء التحالف الثلاثي مع الولايات المتحدة وأستراليا "أوكوس" لنشر غواصات تعمل بالطاقة النووية في المحيط الهادئ، وفقًا لمسؤولين في لندن وواشنطن.