رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القديسة فيرينا.. قصة «صعيدية» علمت السويسريين النظافة

كنيسة
كنيسة

تُحي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم، ذكرى رحيل القديسة فيرينا، وهي وفق ماجد كامل، الباحث في التراث الكنسي، الشخصية المجسدة في تمثال بالسفارة السويسرية في القاهرة، لفتاة وهي تمسك مشطا في يدها اليمنى، وإبريق للاستحمام في يدها اليسرى وتحت التمثال موضوع اسم "سانت فيرينا". 

وأضاف كامل: “فيرينا هذه فتاة صعيدية جاءت من بلدة تدعي كركوز، وهي حاليا قرية صغيرة بمركز قوص محافظة قنا، وهي بنت إحدى العائلات الغنية هناك وقد تربت تربية مسيحية حقيقية، وفي عصر الإمبراطور مكسيميان 286-305، حدثت ثورة في بلاد الغال فتقدم بجيشه من روما إلى هناك لإخماد هذه الثورة، وعندما وصل واكتشف ضخامة حجم المتمردين وعدم قدرته على ردعهم وحده طلب من والي الإسكندرية أن يمده بالعون من القوات الإضافية؛ فأرسل إليه اكتيبة من طيبة (بلاد الأقصر حاليا) ويبلغ قوامها حوالي 6600 جندي”.

وأضاف: “كان قائد الكتيبة يدعى موريس، وكانت الكتيبة كلها من المسيحين، فتحركت السفينة بالكتيبة متوجهة إلى مدينة روما، وهناك قسمت الكتيبة إلى فصائل كل فصيلة تضم نحو 500 جندي”.

وواصل: “كان من عادة الجنود أن يقدموا ذبائح للأوثان قبل الدخول في الحرب لضمان أن ينتصروا في المعارك، وبالطبع رفض موريس وباقي أفراد الكتيبة تقديم الذبائح فاستدعاهم الإمبراطور مكسيميان وطلب إليهم تقديم الذبائح فأرسل موريس رسالة إلى الإمبراطور يرفض فيها تقديم مثل هذه الذبائح فاستشاط الإمبراطور غضبا وأمر أن يقتل عشر كل مجموعة من فصائل الكتيبة”. 

وتابع: “سافرت فيرينا مع الكتيبة الطيبية إلى سويسرا للقيام بخدمة التمريض وإسعاف جرحى الحروب، فلما استشهد جميع أفراد الكتيبة بقيت هي في هذه المنطقة وهناك اهتمت بتعليم شعبها تعاليم الدين المسيحي، كما أهتمت بتعليمهم مبادئ الصحة العامة والنظافة فعلمتهم استعمال المشط للعناية بالشعر ونظافته، كما علمتهم ضرورة الاستحمام المستمر وحسن الهندام؛ لذلك يرمز لصورها وتماثيلها بفتاة تمسك في إحدى يديها إناء به ماء وفي اليد الأخرى تمسك بمشط، واستمرت فيرونيا في خدمتها بالمنطقة برعاية المرضى والفقراء ثم انتقلت إلى مديبنة تورتساخ على نهر الراين، وهي تقع على الحدود بين سويسرا وإلمانيا؛ وصارت تخدم وتكرس حياتها لخدمة أهل هذه المدينة واستمرت تخدم في هذه المنطقة حوالي 11 سنة؛ وتوفت في عام 344م؛ ويعيد الغرب بعيد وفاتها في يوم 1 سبتمبر من كل عام، أما في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؛ فيعيد لها يوم 4 توت من التقويم القبطي الموافق 14 سبتمبر”.

واختتم: “لقد بنى أهل مدينة تورتساخ كنيسة صغيرة فوق قبرها تهدمت مع المدينة كلها عندما اجتاحتها القبائل الجرمانية، وفي القرن التاسع الميلادي شيد الرهبان البندكتين ديرا مكان قبرها ولكن ما لبث أن التهمته النيران عام 1279م، وأعيد بناؤه من جديد، ومع توالي السنين ألحقت بلدة تورتساخ بدوقية بادن؛ واهتم أهالي البلدة بعدها بإقامة حمامات المياه المعدنية تحت اسم القديسة فيرينا؛ وأصبحت كنيستها وقبرها مقصدا للحجاج ومع توالي الأيام هدمت الكنيسة وأقيم مكانها فندق يحمل أسم القديسة فيرينا ST.Verena، ويوجد حاليا تمثال لها في منتصف الجسر المقام بين سويسرا وإلمانيا فوق نهر الراين، كما يوجد حوالي 70 كنيسة على أسمها في سويسرا و30 كنيسة في إلمانيا”.