«شهبندر التجار».. محطات في حياة رجل الأعمال محمود العربي

رحل عن عالمنا أمس الخميس، رجل الأعمال محمود العربي عن عمر ناهز 89 عاما، بعد رحلة مليئة بالنجاح.

كان للعربي دور مؤثر ومحوري في تطوير أداء اتحاد الغرف التجارية المصري، كما ساهم في تطوير وتوطين الصناعة الوطنية، وهو صاحب أكبر الكيانات العاملة في ملف الصناعة والتجارة بمصر، وفي هذها الإطار ترصد "الدستور" أبرز المحطات في حياة رجل الأعمال محمود العربي.

- نشأ في قرية بسيطة
ولد العربي عام 1932 في أسرة ريفية بقرية أبو رقبة بمركز "أشمون" في محافظة المنوفية، توفي والده وهو في سن صغير، انتقل بعدها إلى القاهرة، ليعمل بائعا في محل صغير لبيع الأدوات المكتبية

بدأ الحاج محمود العربي في حفظ القرآن، في "كتاب القرية" التي نشأ بها وهو في سن صغير، ما جعله صادقا وذو أمانة شديدة، ليبني سمعة طيبة اشتهر بها في جميع مراحل حياته، وحتى وفاته.
- دور الأخ الأكبر
شارك كفاح محمود العربي أخيه الأكبر، وكان لأخيه الفضل في أولى خطواته نحو التجارة، فطلب منه إحضار ألعاب نارية وبالونات، قبل العيد ليفترشها أمام منزله ويقوم ببيعها لأقرانه، وقال كنت أوفر 30 قرشا وأربح 15 قرشا، ويعطي أخيه كل الأموال ليحضر بضاعة أكبر لعيد الأضحى.

وأوضح محمود العربي في لقاء سابق أن أخيه طلب منه السفر إلى القاهرة عام 1942 للعمل بمصنع روائح وعطور ولم يستمر بها إلا لشهر واحد قبل أن  يتركه لعدم حبه العمل في الأماكن المغلقة 
- من 120 قرشًا لصاحب ثورة صناعية
 انتقل محمود العربي للعمل بمحل في حي الحسين وكان راتبه 120 قرشا في الشهر، واستمر حتى عام 1949 ليرتفع راتبه راتبه إلي 320 قرشا، بعدها فضل العمل في إحدى محال الجملة لتنمية خبرته بالتجارة وكان أول راتب يتقاضاه في المحل الجديد 4 جنيهات وعمل فيه لـ15 عاما، ارتفع خلالها راتبه إلى 27 جنيها، وكان مبلغا كبيرا آنذاك حيث تمكن من دفع تكاليف الزواج وبعدها بسنوات قليلة التحق وهو في الـ22 من عمره وتحديدا فى عام 1954 بالخدمة العسكرية التي استمر بها لـ3 سنوات.

أسس محمود العربي الذي مر بطفولة صعبة  وكان حظه من التعليم قليلاً قلعة صناعية كبرى وهي مجموعة شركات العربي وانطلق محمود العربي في عالم الصناعة، حيث بدأ بإنشاء مصنع صغير للألوان والأحبار، وحول بعدها مصنعه إلى تجارة وصناعة الأجهزة الكهربائية، وسافر إلى اليابان للحصول على توكيل من إحدى الشركات الكبرى في صناعة الإلكترونيات.
- أول محل بالموسكي
وحصل محمود العربي على أول محل له بمنطقة الموسكي في عام 1963 عندما شارك صديق له ورجل ثري، مول المشروع الصغير بـ5 آلاف جنيه بينما هو عمل وصاحبه بالمجهود، واحتفظ بالمحل ولم يفرط به إلى مماته.
وعقب وفاة صديقه قرر العربي إدارة المحل بمفرده لمدة عامين، ونمت تجارته بسرعة كبيرة فحقق محله أرباحاً تفوق أرباح 10 محلات مجتمعة واشتهر العربي بأمانته.

بدأت تجارة محمود العربي في الأدوات المكتبية والمدرسية تكبر وتنمو، ولكن الحكومة قررت في الستينات صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان، فقرر تحويلها لتجارة الأجهزة الكهربية، خاصة أجهزة التليفزيون و الراديو والكاسيت.
- من الأدوات المدرسية للأجهزة الكهربائية

وحول محمود العربي تجارته بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية مع انطلاق سياسة "الانفتاح الاقتصادي"، وفكر في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية، وتعرف على أحد اليابانيين الدارسين بالجامعة الأمريكية، وكان دائم التردد على محلاته، وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة "توشيبا" اليابانية، فكتب تقريرا لشركته، أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة ومنح التوكيل.

- 95 % ؜إنتاج محلي
أنشأ الراحل محمود العربي بعد عودته من اليابان مصنعا، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% رفعت لاحقا إلى 60% ثم 65% حتى وصلت إلى 95%، ومع تطور الإنتاج أنشأ شركة "توشيبا العربي" عام 1978 وبعدها قرر دخول انتخابات "الغرف التجارية" ليصبح رئيسا لها لمدة 12 عاما، واتجه إلى السياسة لفترة قصيرة، عندما أصبح نائبا في مجلس النواب  عن دائرتي السيدة زينب وقصر النيل، في تجربة وحيدة رفض تكرارها.
-رحيل شهبندر التجار
وأعلنت مجموعة توشيبا العربي اليوم الخميس الموافق 9 سبتمبر 2021، وفاة الحاج محمود العربي عن عمر ناهز الـ89 عاماً، ليسدل الستار عن حياة أحد رواد الصناعة والتجارة المصريين.