رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جائحة وبتر ومعاش.. كيف تنتشل النقابات الفنية أبناءها من شبح المرض والكوارث؟

المرض والكوارث
المرض والكوارث

يتعرض بعض الفنانين في مجالات الفن المختلفة؛ لا سيما كبار السن منهم، إلى ظروف وأزمات قد تحول دون استمرار تواجدهم على الساحة الفنية.

وتتنوع تلك الظروف إلى تراجع الأعمال وخفوت النجومية وما قد يراه البعض تجاهلا، لكنها تصل في أسوأ حالاتها حال تمكن المرض من جسد الفنان، فحينها يجد نفسه صريعا مرتين: الأولى عندما يتعرض للمرض والثانية عندما يؤلمه التجاهل.

ويتطلب الأمر تدخل النقابات الفنية المعنية، للتوصل إلى حل هذه الأزمات وتوفير الدعم اللازم لأعضائها؛ لا سيما المرضى منهم.

وأولت القيادة السياسية اهتماما بالغًا ببعض الحالات التي عانت مؤخرا من مثل تلك الظروف الصحية وقدمت لها كل الدعم الممكن للخروج من هذه المحنة.

وتلقى الوسط الفني مؤخرًا صدمة بالإعلان عن بتر قدم الفنان شريف الدسوقي (الشهير بسبعبع) إثر جراحة أجراها بسبب إصابة تعرض لها على خلفية معاناته من مرض السكري.

الإصابة جاءت بالأساس خلال تصوير عمل فني ووجد الفنان نفسه أمام جراحة مكلفة يتبعها لاحقا جراحة تركيب قدم صناعي، وحينها تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي موجها برعاية وعلاج الفنان شريف الدسوقي، كما أقر منحه معاشا استثنائيا.

من جانبها، رحبت نقابة المهن التمثيلية باهتمام وتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي في الأمر، كما وعدت بتقديم الرعاية الصحية لكافة الفنانين،
ورغم أن غياب الفنانين الكبار عن المشهد وعدم إسناد أدوار لهم يبدو خارج نطاق مسئولية نقابة المهن التمثيلية والمعنية بالأساس برعاية الأعضاء، غير أن النقابة تدخلت في الأمر للحد من هذا التجاهل لكبار الفنانين.

النقابات الفنية تتحرك.. ولكن
في هذا الشأن، قال الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، في تصريحات صحفية: "من ناحية تجاهل الفنانين المسنين في الاستعانة بهم في الأعمال الفنية المتنوعة، فأعتقد أن الأمر ليس بهذه الصورة، فهؤلاء النجوم لهم مكانتهم الفنية ولا يمكن الاستغناء عنهم بأي حال من الأحوال، لأنهم يمثلون إضافة قوية للأعمال الفنية، وينقلون خبراتهم وتجاربهم للأجيال الجديدة".

وكشف زكي عن أن البروتوكول، الذي وقعه مؤخرا مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، سيصب في هذا الاتجاه بكل تأكيد، حيث ستكون الأولوية للفنانين من أعضاء النقابة، خاصة أن النقابة تضم فنانين عظماء يحترمون أنفسهم ولديهم كبرياء، ولا يتسولون المهنة.

وشدد نقيب المهن التمثيلية على أن النقابة تولي اهتماما كبيرا بالفنانين المتقدمين في السن، وتتابع بشكل مستمر أحوالهم الصحية والمعيشية، مشيرا إلى أن نقابته تعد الأقوى في البرامج العلاجية بمصر، رغم أنها تعتمد على الجهود الذاتية.

أشار زكي إلى أن النقابة انتهت كذلك من إنشاء وتجهيز دار للمسنين لرعاية كبار أهل الفن، مشددا على أنها لن تقتصر على أعضاء النقابة فقط، بل ستخدم كل الفنانين الكبار الذي يحتاجونها.
 

وكان لنقابة المهن الموسيقية، برئاسة الفنان هاني شاكر، كذلك دورا بارزا في رعاية الأعضاء خاصة كبار السن، وكان آخر خطواتها قبل نحو أسبوعين، حيث قررت زيادة المعاش بنسبة 10% بداية من شهر أكتوبر المقبل.

وذكرت النقابة، في بيان لها، أنه برغم توقف كافة الأعمال الموسيقية على مدار ما يقرب من عامين نتيجة جائحة كورونا العالمية وتوقف كافة موارد النقابة، إلا أن الخدمات الاجتماعية والنقابية للأعضاء لم تتوقف ولم تحصر فيما كانت عليه قبل التوقف، وذلك نتيجة إدارة الأزمة من الفنان هاني شاكر ومجلس الإدارة كتفا بكتف ويدا بيد.

كرامة الفنان ورد الجميل
من جانبه، قال الناقد الفني محمد فاروق: "اعتدنا منذ زمن طويل تركيز المنتجين على أسماء قليلة من كبار الفنانين، نجدهم في أعمال متعددة، فخلال فترة من الفترات وجدنا التركيز على حسن حسني، وأحمد خليل، ولطفي لبيب، ولم يفكر صناع الفن في مرحلة ما بعد هؤلاء الفنانين الكبار".

أضاف "حاليا ظهر جيل آخر وهو بيومي فؤاد وسيد رجب، وهم فنانين في الأصل حققوا شهرتهم وهم في سن كبيرة"، مؤكدا أن "المشكلة كلها تكمن في المسئولين عن الصناعة نفسها لماذا لا يبحثوا دائما عن أشخاص جديدة".
 

أما عن السبب في إحجام بعض الفنانين كبار السن عن التمثيل حاليا، أشار فاروق إلى أن "الأمر يعود إلى عامل السن، لأنهم أجهدوا وقدموا الكثير من الأعمال المميزة، وللأسف عامل السن يؤثر بطريقة كبيرة على طريقة أدائهم لأي دور يقدموه، وهو ما يجعل أكثر يرفض الظهور في أي عمل".
 

وأكد فاروق أن "فكرة عدم وجود هؤلاء الفنانين لا يرتبط بالأجور أو بالدور وحجمه، لأن أي فنان يتمنى الظهور، ومن هنا نعود لفكرة السن، هل من الممكن أن يتحمل فنان فوق الـ70 عاما، أن يقدم مشهدا طويلا يتطلب منه الوقوف كثيرا، لا أعتقد ذلك".
 

أما عن دور النقابة في حماية الفنانين، أكد فاروق أنه "يجب على النقابة أن تؤمن الفنان بمعاش مميز يعود على ما دفعه للنقابة من أموال اشتراكات وصندوق معاش، ويجب أن يحدد سنا لمعاش الفنان، أو يتم تحديد ظروف معينة في حال حدوثها يحصل الفنان على المعاش من نقابته، وهو ما يمكن أن نقول أنه جزء من رد الجميل".
 

من جهته، قال الناقد الفني إلهامي سمير: "بخصوص تجاهل كبار الفنانين بعد وصولهم لسن معين، البعض للأسف يتصور أن الجمهور قد مل منه واكتفى، وأنه لم يعد بإمكانه أن يقدم جديدا، فى ظل ظهور جيل جديد من الممثلين الشباب الذين يجدون صدى كبيرا من جمهور السوشيال ميديا، وبما أن أغلب النجوم الكبار غير حاضرين على السوشيال لأسباب مختلفة يتصور بعض صناع الأعمال الفنية أن جمهور السوشيال - باعتباره جمهور السينما الأول الآن - لا يحتاجهم ولا يتفاعل معهم بالشكل المطلوب، وعملا بالمثل القائل البعيد عن العين بعيد عن القلب يرفض صناع الأعمال الفنية اشراك الفنانون الكبار فى اعمالهم لأنهم يتصورون خطأ انهم لن يفيدوا العمل اولا ولن يكونوا عنصر جذب لجمهور السوشيال ثانيا.
وأضاف "ولا ننسى أيضا أن عددا من صناع الاعمال الفنية يتعامل بمبدأ "خليك فى المضمون" ويرفض المغامرة بشخصيات جديدة، أواعادة شخصيات قديمة إلى الساحة الفنية خوفا من فشلها وفشله".
 

وعن دور النقابات في حماية كبار الفنانين في هذه السن، قال إلهامي سمير، إن النقاية تؤكد دوما أنها ترعى كل أبنائها وتوفر لهم حياة كريمة لكنى أتصور أن مثل هؤلاء الفنانين بحاجة إلى رعاية أكبر وتوفير معاش شهري لائق يضمن لهم حياة كريمة بدلا من أن نجد أحدهم أو البعض منهم يلجأ إلى تقديم أعمال دون المستوى ـ قد تهدم تاريخه الفنى كله ـ لمجرد أنه في حاجة للمال.. إذا نظرنا إلى الوراء سنجد أن أغلب نجوم الزمن الجميل ماتوا حرفيا وهم لا يجدون قوت يومهم، رغم كل العطاء وما قدموه للفن والمجتمع ومن هنا لابد للنقابة أن تنتبه حتى لا يتكرر المصير نفسه".
 

بدوره، رأى الناقد الكبير طارق الشناوي، أنه "في العالم كله كبار السن من الفنانين يقل ظهورهم الفني، ونحن نعقتد أن الموضوع في مصر فقط، لكن لكل أمانة الأزمة متفاقمة في مصر فقط، والدليل على ذلك مثلا الفنان الكبير جاك نيلسون لم يعد موجودا على الساحة مثلما كان، والفنانة شارل ماكلين أيضا غير موجودة حاليا، وفي رأيي الشخصي الفنان الكبير في السن لا يستطيع مع مرور الوقت الاحتفاظ بلياقته الإبداعية، بل أن الفنان يتعرض للهزيمة وهو على قيد الحياة".

أضاف الشناوي أن آداء الممثل ينبغي أن يتطور بين الحين والآخر، مشيرا إلى أن السبب وراء اختفاء مجموعة من الفنانين كبار السن أنهم لم يستطيعوا أن يتطوروا ومن هنا الزمن تجاوزهم، على عكس البعض الآخر استطاعوا التواجد لأنهم استوعبوا إيقاع العصر، لأن آداء الممثل أكثر تأثرا بإيقاع الزمن ومفرداته.
 

ولفت الشناوي إلى أن الآداء الحركي والصوتي في التعبير هو سلاح الممثل، وهو نتاج لحالة اجتماعية، ومن هنا فإن الفنان المميز هو الذي يستطيع أن يعمل على الجمع بين كل هذه التفاصيل مرة واحدة.