رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الطيور المهاجرة».. تجارة ممنوعة دوليًا تهدد الحياة البرية في مصر

صيد الطيور
صيد الطيور

تجارة ممنوعة دوليًا مثلها مثل الإتجار بالبشر والمخدرات، كونها تهدد الحيوانات والطيور البرية بالانقراض، عبر مزارع غير مرخصة تخصصت في تربية الحيوانات البرية النادرة، بعد صيدها بطرق غير شرعية، وبيعها في الخفاء بعيدًا عن أعين الجهات الرقابية، بقصد كسب المال غير المشروع.

 

"الدستور" كشفت في السطور التالية، خبايا مافيا الإتجار في الحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض، من خلال عقد اتفاقية مع أحدهم على شراء حيوانات ممنوع الإتجار فيها دوليًا، بالمخالفة للقانون، دون امتلاكهم لأي تصاريح رسمية لتلك الحيوانات، وفقًا للاتفاقية الدولية المعروفة باسم "سايتس".
 

"سايتس" تمنع الإتجار في الحيوانات دون تصاريح

كانت قد وقعت مصر على اتفاقية "سايتس" عام 1978، والتي تُعد من أهم المعاهدات الدولية الخاصة بالحفاظ على الحيوانات البرية من خطر الانقراض، من خلال وضع إجراءات تُحد من الإتجار الدولي المفرط بتلك الأنواع، في إطار الحفاظ على الحيوانات والطيور البرية ومشتقاتهم المهددة بالانقراض.
 

شملت الاتفاقية أنواع عدة من الحيوانات البرية، أُدرجت جميعها في الملحق الأول والثاني للاتفاقية، وشددت أيضًا على ضرورة امتلاك تصاريح رسمية عند تداولها، وفي حالة عدم وضعها في مكان مناسب يتم مصادرتها على الفور.

وكان من بين أنواع الحيوانات البرية التي حُظر بيعها ضمن الاتفاقية، التجارة في الأسود والنمور، والذئاب والثعالب الفنكية والبومة النسرية، وبعض أنواع الصقور مثل (الجير والغزال والحر وشاهين)، وجميع أنواع السلاحف البحرية والبرية التي تعيش على الارض.

 

مليون حيوان مهدد بالانقراض

وعلى المستوى العالمي، أوضحت تقارير الصندوق العالمي للطبيعة، وجمعية لندن لعلوم الحيوان، أن معدل الانقراض بلغ ضعف المعدل الطبيعي، فقد انخفضت نسبة الحيوانات بنسبة 58% بين عامي 1970 و2012، محذرًا من أكبر خسارة قد يواجهها كوكب الأرض قريبًا من سادس انقراض جماعي في التاريخ ليخسر 90% من الحيوانات.

وكشفت تقارير أصدرها مجلس التنوع البيولوجي العالمي مؤخرًا، أن هناك مليون نوع من الحيوانات البرية المهددة بالانقراض بسبب فقدانها لمحيطها الطبيعي، وتعرض حياتها للخطر بسبب المتاجرة غير القانونية بها.

أما عن المستوى المحلي، فقد أشارات تقارير وزارة البيئة مؤخرًا، إلى أن مصر بها 1952 نوعًا من الحيوانات، 153 منهم مهددين بالانقراض، ضمن القائمة الإجمالية الأولية للحيوانات، بينما بلغ عدد الحيوانات المهددة بالانقراض 5 أنواع، تمثل 0.3%، و27 نوع من الحيوانات المهددة بالإنقراض، تمثل 1.4% من إجمالي الحيوانات بمصر، وتمثل عدد الأنواع المعرضة للانقراض 121 نوعًا، بنسبة 6.2% من إجمالي الحيوانات.

 

تاجر طيور يبيع الفصائل النادرة داخل مزرعة بـ"شبرا"

تواصلنا مع أحد المتورطين في صيد وبيع الحيوانات النادرة، عبر تطبيق فيسبوك، الذي رّوج من خلاله لتجارته المحرمة دوليًا، ليعلن لنا عن تعامله  مع أحد التجار المعروفين في مجال اصطياد الحيوانات النادرة بمنطقة شبرا الخيمة.

بيع الصقور

وعقدنا معه اتفاقية على شراء أنواع عدة من الطيور والحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض، وأوضح التاجر الذي يدعى "الصقار"، امتلاكه لمزرعة حيوانات في منطقة شبرا، يرّوج  من خلالها الأنواع النادرة التي يحصل عليها من خارج مصر.

وبسؤاله عن مصدر الطيور والحيوانات، قال إنه يبتاعهم من دول جنوب أفريقيا، ويبيعهم في مصر للأجانب والخلايجة.

اتفاقية الدستور مع تاجر الحيوانات

طلبنا منه بعد ذلك الاطلاع على  تلك الحيوانات قبل شراؤها، وإجراء جولة  داخل المزرعة الخاصة به، لكنه أصر أن الفرصة الوحيدة لرؤية المكان هو يوم إتمام عملية البيع، وحين طلبنا منه تصوير الحيوانات، كان رده بالرفض التام بسبب خوفه من المسألة القانونية من انتشار تلك الصور: "مستحيل أصور المفترسات اللي عندي.. انت عاوز تحبسنا".

 

اكتفى التاجر بتصوير بعض الحيوانات البرية الصغيرة التي تقع أيضًا تحت حرمانية التجارة مثل النسانيس والصقور، مؤكدًا عبر حديثه أنه يمتلك أنواع عديدة من المفترسات مثل الشبل والأسود، وكانت المفاجأة حين عرض علينا السعر الزهيد لهذه الحيونات مقارنة بأسعارها الحقيقة: "الحيوانات دي من غير ورقها الرسمي بيبقى سعرها رخيص".

 

العقوبة تصل للحبس وغرامة ٥٠ ألف جنيه

ومن الجانب القانوني، أوضح المحامي محمود الكاشف، أن الإتجار غير المشروع في الحيوانات البرية، جريمة يعاقب عليها القانون، وبالأخص المادة 28 من القانون المصري رقم 9 لعام 2009، التي نصت على حظر صيد أو قتل الطيور والحيوانات البرية بشكل نهائي، أو حيازتها أو نقلها أو تصديرها أو استيرادها أو الإتجار فيها حية أو ميتة، أو القيام بأي أعمال قد تضر البيئة الطبيعية بشكل عام.

 

ونصت أيضًا على أن يعاقب كل من يخالف أحكام المادة (28) من القانون ذاته بالحبس، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي جميع الأحوال يجب الحكم بمصادرة الطيور والحيوانات والكائنات الحية والنباتات والحفريات المضبوطة، وكذلك الآلات، والأسلحة، والأدوات، ووسائل النقل التي استخدمت في ارتكاب الجريمة.

واختتم المحامي حديثه، موضحًا أن القوات الأمنية تلاحق المتورطين باستمرار، وتشن الحملات الأمنية على المزارع غير المرخصة، ثم تتحفظ على تلك الأنواع النادرة داخل المحميات الطبيعية، للحفاظ على السلالات من خطر الانقراض.