رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"يحمل 3 رسائل".. ما هي دلالات لقاء بيني جانتس وأبو مازن؟

بيني جانتس
بيني جانتس

ألتقى وزير الأمن الإسرائيلي بيني جانتس مساء الأحد الماضي برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله، بحث الجانبان القضايا الأمنية والسياسية والمدنية والاقتصادية في الضفة الغربيّة وقطاع غزة، والتي وصفها جانتس بأنها "قضايا تشكل الواقع" لاقتصاد السلطة.

هذا اللقاء الرسمي هو الأول من نوعه الذي يجمع وزير إسرائيلي كبير مع محمود عباس منذ 11 عاماً، فالمرة الأخيرة كانت عندما ألتقى زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو مع "عباس" عام 2015 وتصافحا، لكنه كان اجتماعًا جانبيًا عُقِدَ على هامش مؤتمر المناخ الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس.

اللقاء أعطى انطباعات في الساحة السياسية عن إمكانية حدوث انفراجة في مسيرة السلام، أو على أقل تقدير تغيير في جمود الوضع الراهن، وترك العديد من الدلالات، وكان يحمل ثلاث رسائل نعرضها على النحو التالي:

رسالة إلى رام الله

"إذا كان الوضع في فترة حكم نتنياهو، والدعم الذي منحه إياه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ميؤوساً منه، فإنه الآن يوجد منحى لتغيير، ليس فقط بسبب "بينيت" وتشكيلة حكومته، بل بالأساس بسبب الإدارة الجديدة في واشنطن، هكذا علق مصدر من رام الله لجاكي حوجي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بحسب مقاله المنشور في جريدة هآرتس.

أضاف المصدر:"نحن واقعيون ونعرف أن مسار التقدم، إذا كان يوجد أصلاً مسار للتقدم إليه، سيكون في الأساس بطيء جداً، وسيكون مكرس للحفاظ على الوضع الراهن".

اللقاء بين جانتس وأبو مازن أعقبه سلسلة من التسهيلات الإسرائيلية التي صادق عليها "جانتس"، من بينها السماح للسلطة بتسوية المكانة القانونية لـ3000 فلسطيني لا يحملون الهوية الفلسطينية، بينهم سكان يعيشون في المغارات أو فلسطينيين من القطاع هربوا الى السلطة الفلسطينية أو فلسطينيين يعيشون خارج البلاد منذ عشرات السنوات وفقدوا مكانتهم.

كما صادق "جانتس" على مخططات هيكلية لبناء فلسطيني في المناطق ج لكنها بشكل أساسي في قرى وبلدات فلسطينية قائمة، كما ستقوم إسرائيل بإقراض السلطة الفلسطينية نصف مليار شيكل، على أن يتم إعادتها ابتداء من شهر يونيو القادم من أموال المقاصة التي تجبيها السلطة الفلسطينية، كما ستصادق إسرائيل بمنح التصاريح لـ15 ألف عامل فلسطيني إضافي، كما سيتم تحويل المصالح الفلسطينية التي تتعامل مع إسرائيل إلى طريقة الحسابات الرقمية، بطريقة توفر مدخولات للسلطة من الضرائب بقيمة 10 مليون شيكل سنوياً.

في المؤتمر الصحفي في الاجتماع صرح "جانتس" قائلاً: "قلت لأبو مازن وأقولها لكم أيضاً، أننا ولا الفلسطينيين لن نذهب إلى أي مكان غداً صباحاً، وصلت إلى الاجتماع بهدف بناء ثقة متبادلة، والحفاظ على المصالح الإسرائيلية والعلاقات الهامة مع السلطة الفلسطينية، والتي أؤمن أنه يجب تقويتها".

اللقاء والتسهيلات يمكن قراءتهم بأنهم بمثابة تغيير نسبي في السياسة الإسرائيلية، وعودة لتقوية السلطة الفلسطينية، والحرص على بقاءها بعد فترة كانت إسرائيل تعمد فيها إضعاف السلطة والضغط عليها.

رسالة إلى حماس

في الاجتماع، هاجم "جانتس" حماس قائلا:" هجماتنا تلحق الضرر بمركبات تعاظم قوة تؤلم حماس، مضيفاً أنه كلما كانت السلطة الفلسطينية قوية أكثر، حماس ستكون أضعف، وكلما زادت سيطرة السلطة الفلسطينية، فإنه سيكون لدينا مزيد من الأمن ونحن سنضطر للعمل بصورة أقل".

أضاف "جانتس" :"نحن نستعد لوضع نحارب خلاله بجبهتين- في الشمال والجنوب"، وحذر من أن التعامل الإسرائيلي مع قطاع غزة تغير في طريقته وقوته، وأيضا بخصوص تحويل المنحة القطرية، والتي تغيرت آلية تحويلها، وكذلك أيضاً بخصوص المواضيع المدنية وربط إعادة الإعمار مع الأسرى والمفقودين مثلما صرحت بنهاية المعركة".

التسهيلات الإسرائيلية للسلطة وتصريحات "جانتس" حيال حماس، كانت بمثابة رسالة تحذيرية للحركة حتى يتم الحفاظ على الهدوء على حدود القطاع، مع توضيح السياسة الإسرائيلية الجديدة التي تقضي بتقوية السلطة والضغط على حماس.

رسالة إلى واشنطن

الموضوع الفلسطيني لم يكن متصدراً جدول أعمال لقاء "بينيت – بايدن" قبل أيام في واشنطن، لكن بحسب التقارير فإن "بايدن" طلب من "بينيت" عرض رزمة تسهيلات مدنية، بحسب مصدر فلسطيني رفيع في السلطة مطلع على الاتصالات مع الأمريكيين.

فمن السهل التكهن، بأن رزمة التسهيلات التي أعلن عنها جانتس كانت مطلب أمريكي تم طرحه في لقاء بينيت وبايدن، والإسراع في تلبية الطلب، يحمل رسالة لوشنطن بأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة منفتحة لأي تعاون غير سياسي بسرعة وبسهولة. وهو ما يتفق مع شبكة العلاقات المفتوحة الآن بين واشنطن ورام الله.

من المتوقع أن تكون السياسية الإسرائيلية حيال السلطة في الفترة القريبة تتوافق مع المطالب الأمريكية التي تعني بتقديم تسهيلات مدنية واحترام الاتفاقات، بما في ذلك تجنب القيام بخطوات أحادية الجانب تشمل بناء كثيف في المستوطنات وخطوات صارمة في الشيخ جراح وفي الأحياء العربية في القدس.