رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى وفاته.. «عبقرية حنا مينة» رحلة الصعود بين الصحافة والأدب

حنا مينة
حنا مينة

حكاية خالدة في تاريخ الأدب السوري، ورحلة عطاء حافلة خلدت اسمه بحروف من نور بين الروائيين العرب، شيخ الروائيين السوريين حنا مينة، الذي نستعيد اليوم أبرز محطاته تزامنا مع الذكرى الثالثة لرحيله مثل هذا اليوم 21 أغسطس من عام 2018. 

ولد حنا مينه في مدينة اللاذقية عام 1924م، عاش طفولته في إحدى قرى الإسكندرون، قبل أن يعود إلى المدينة، ولم يكن طريق الروائي السوري ورحلته للصعود لقمة الأدب في سوريا سهلة على الإطلاق، كما عاش مينه عمرًا طويلًا من الترحال والسفر والتنقل بين بلدان العالم، كان للراحل الدور الأكبر في تأسيس رابطة الكتّاب السوريين، كما يعتبر من المؤسسين الرئيسيين لاتحاد الكتّاب العرب. 

بدأ حنا مينه حياته العملية مع الصحافة، قبل أن ينطلق للساحة الأدبية بكتابة القصص القصيرة، ثم الروايات، التي حقق العديد منها نجاحات كبرى رسخت اسمه كشيخ للرواية السورية. من أبرر إبداعات الراحل السوري الكبير روايات: "المصابيح الزرق"، "حكاية بحار"، "نهاية رجل شجاع"، "الثلج يأتي من النافذة"، "المستنقع"، "الربيع والخريف"، "المرأة ذات الثوب الأسود"، و"المغامرة الأخيرة". 

نقلت كتابات حنا مينه للقارئ العربي حياة البحارة في مدينة اللاذقية، وصراعاتهم وعالمهم الداخلي على متن المراكب والتعايش مع أخطار البحر. 

قدم حنا مينه أيضًا نموذجًا رائعًا للمثقف العربي، في الوقوف في وجه الاستعمار الفرنسي، منذ أن كان عمره 12 عامًا.

239935994_143869547900253_2417904098855577258_n
حنا مينة

قبل رحيله بعشر سنوات في عام 2008م، قام بكتابة وصيته ونشرها في الصحف السورية، إلا أن البند الأساسي فيها فشل الجميع في الالتزام به أو تنفيذه، وهو عدم نشر خبر وفاته في أي وسيلة إعلامية، مطبوعة أو مرئية. تصدر خبر رحيل حنا مينه في مثل هذا اليوم منذ 3 سنوات النشرة الرئيسية لوكالة الأنباء الرسمية السورية، كما تناقلته كبريات الصحف العربية والدولية، حيث لم يكن تنفيذ الوصية أمرا سهلًا على الجماعة الثقافية والإعلامية العربية، فالراحل الكبير قدم رصيدًا كبيرًا من الأعمال الأدبية، تعد من أهم ما قدمه الأدب والرواية السورية، وهو صاحب حالة متفردة في المنتج الأدبي السوري.

أنجب حنا مينه خمسة أبناء، بينهم ولدان، هما سليم، الذي توفي في الخمسينيات، في ظروف النضال والحرمان والشقاء التي عاشها والده، والآخر سعد، أصغر أولاده، وهو ممثل سوري شهير، شارك في بطولة المسلسل التلفزيوني "نهاية رجل شجاع" المأخوذة عن رواية والده، كما شارك في العديد من المسلسلات السورية، ولديه ثلاث بنات: سلوى، التي تعمل طبيبة، وسوسن، التي أنهت دراسة الأدب الفرنسي، وأمل المهندسة المدنية. 

قال حنا مينة في وصيته إنه سخر أدبه وكتاباته لنصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض. كما طلب ألا يقام له أي حفل تأبين، كما أوصى الكاتب السوري في وصيته بأن يُحمَل على أكتاف أربعة أشخاص مأجورين من دائرة دفن الموتى، في جنازة بسيطة، وألا يقام له سرادق عزاء، وألا يبكيه أحد، أو يبدي عليه مظاهر حزن في الحديث أو المسلك أو الملبس. 

وتميزت روايات "حنا مينه" التي رسخت لاسمه كواحد من أبرز الروائيين السوريين بالواقعية، ورغم البداية الأدبية المتواضعة، في كتابة العرائض الحكومية، ثم في كتابة المقالات والأخبار الصغيرة في الصحافة السورية واللبنانية، إلا أن قلم حنا مينه قام بتطوير نفسه سريعًا ليصل إلى كتابة المقالات الكبيرة، ومن بعدها القصص القصيرة، وكانت بداياته الأدبية مع إرسال القصص الأولى إلى الصحف السورية في دمشق، وفي عام 1947م بعد أن استقر في العاصمة السورية دمشق، عمل في جريدة الإنشاء الدمشقية حتى أصبح رئيسًا لتحريرها. 

240301827_1257163414737416_553418844703681592_n
وصة حنا مينة

بعد ذلك بدأت حياته الأدبية تأخذ النصيب الأكبر من عالمه وقام بكتابة مسرحية دونكيشوتية، ولكنها فقدت من مكتبه، فجعله ذلك يبتعد عن الكتابة للمسرح، وانطلق في عالم الروايات والقصص الكثيرة، التي زادت على 30 رواية، غير القصص القصيرة.

كانت أولى رواياته الطويلة "المصابيح الزرق" في عام 1954م، وقد تحول الكثير من روايات حنا مينه إلى أفلام سينمائية سورية ومسلسلات تلفزيونية، وساهم الكاتب السوري في تأسيس اتحاد الكتاب العرب، وفي مؤتمر الإعداد للاتحاد العربي، الذي عقد في مصيف بلودان في سوريا عام 1956.