رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة: الإخوان تتخذ من المؤسسات الخيرية ومراكز الفكر واجهة لأنشطتها الإرهابية

الإخوان
الإخوان

كشفت دراسة جديدة أصدرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، اليوم الأربعاء، عن الأسباب التي تجعل عدة دول أوروبية، وعلى رأسها بريطانيا، تمتنع عن حظر الإخوان، بالرغم من هيمنة تيارات الإسلام السياسي على المؤسسات الفكرية والمنظمات الخيرية ووسائل الإعلام في القارة العجوز، مؤكدة ان تلك الجماعة أصبحت أكثر خطورة من التنظيمات الجهادية الإرهابية المعروفة في العالم.

وذكرت الدراسة، إنه في حين أن بعض دول الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها النمسا وفرنسا، تنبهت للمخاطر التي تشكلها الإخوان وغيرها من جماعات الإسلام السياسي، واتخذت عدة تدابير وإجراءات لحظر رموز وشعارات التنظيم وتضييق الخناق على أنشطته، لا تزال بعض عواصم الدول الأوروبية ملاذا أمنا لأنشطة واستثمارات الجماعة وتتساهل حكوماتها في التعامل مع خطورة تغلغل هذا التنظيم الإرهابي في النسيج الاجتماعي والسياسي لها.


أسباب تأخر تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية في أوروبا


أوضحت الدراسة أن أول اسباب تأخر أوروبا في اتخاذ قرار بحظر الإخوان هو اعتماد الجماعة على التخفي والسرية وإتخاذها من المراكز الإسلامية الأوروبية والمؤسسات الخيرية ومراكز الفكر واجهة وستارا لعملها الإرهابي.

ولفتت إلى أن معظم تقارير استخبارات الدول الأوروبية الصادرة حتى الآن تعكس مدى خطورة الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي في أوروبا وأنها باتت أكثر حظورة من التنظيمات "الجهادية السلفية" حيث أنها عملها مازال يعتمد على التخفي والسرية وتتخذ من المساجد والمراكز الإسلامية واجهة لعملها، بالأضافة إلى أنها بسطت سيطرتها على الحدود الشرقية لأوروبا ماجعلها مصدر إمداد وتموين لتيارات الإسلام السياسي لغرب أوروبا.

أما السبب الثاني الذي ذكرته الدراسة هو تقرب السياسيون في أوروبا من الإخوان من أجل كسب اصواتهم في الانتخابات، مشيرة إلى أن بعض دول أوروبا لا تريد اثارة حفيظة الجماعة خوفا من تأثر المصالح السياسية معها، وذلك بالنظر إلى أن جماعة الاخوان والإسلام السياسي دائمًا يضعون انفسهم بديلًا عن الجاليات المسلمة في القارة العجوز. 

وأضافت أنه في بريطانيا، على سبيل المثال، ساعدت جماعة الإخوان حزب المحافظين البريطاني في الانتخابات من خلال توجيه أصوات الجاليات الإسلامية نحو الحزب، كما كان رئيس حزب العمال السابق “جيمي كوربين” على علاقات وثيقة بالمجلس الإسلامي البريطاني والرابطة الإسلامية في بريطانيا، أحدى أذرع الإخوان في أوروبا. 

ودعت الدراسة، في هذا الصدد، إلى ضرورة إنشاء ألية مراقبة مشتركة بين الجهات المعنية لتقويض تغلغل تيارات الإسلام السياسي في المجال السياسي، جنبا إلى جنب مع جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والثقافية داخل أوروبا.

أما السبب الثالث والأخير الذي يمنع بعض الدول الأوروبية من تصنيف الإخوان إرهابية هو أن بعض أجهزة الاستخبارات في القارة تستخدم الجماعة كأداة ضغط على بعض الدول في الشرق الأوسط لتحقيق مصالحها.

ولعل أبرز ما يؤكد هذا الاتجاه، هو ما أشارت إليه شبكة فولتير الدولية مؤخرا بإعادة نشرها أجزاء من كتاب المؤرخ والكاتب والمفكر الفرنسي المشهور عالميًا تيري ميسان "أمام أعيننا" الذي صدر عام 2019، ويرصد دور أمريكا وبريطانيا في دعم جماعة الإخوان خلال فترة الربيع العربي.

حيث ذكرت الشبكة مستعرضة تفاصيل الجزء الأخير من الكتاب، أن الإخوان كانوا أداة أمريكية وبريطانية بهدف إسقاط الحكومات العربية العلمانية، حيث تبنت واشنطن المشروع البريطاني للإطاحة بالأنظمة العربية في الشرق الأوسط وإعادة تشكيل المنطقة إلى دول صغيرة تديرها الجماعة الإرهابية.


حظر الإخوان ضربة قوية للتنظيم


على الجانب الآخر، بينت الدراسة أن قرار حظر رموز وشعارات وحل منظمات تابعة لتنظيم الإخوان في بعض الدول الأوروبية، وآخرها كان النمسا، يمثل ضربة قوية للإخوان، حيث تشير التقديرات إلى أن أن الخطوات الأوروبية المتلاحقة ضد الإخوان والتنظيمات الإرهابية ستضاعف أزمات التنظيم الحالية وهي بمثابة خسارة معنوية وخسارة الى جماعات الإسلام السياسي في الحصول على التجنيد وعلى التمويل.

وتابعت "تتصاعد المخاوف لدى قيادات جماعة الإخوان الإرهابية المقيمون في أوروبا، من تغيير سياسات الجكومات الأوروبية تجاهم، وهذا ظهر بوضوح في امتناعهم عن استخدام شعارات التنظيم. ويسارع قادة الإخوان في أوروبا إلى العمل لاجتذاب حلفاء جدد، والاتجاه إلى تلميع سمعة الإخوان في عواصم أوروبا".


جهود بعض دول أوروبا للحد من نفوذ الإسلام السياسي


وفي هذا الصدد، أشادت الدراسة بالأجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدول الأروبية للحد من نفوذ الجماعة، حيث وضعت الحكومة  النمساوية في مايو 2021 “خريطة الإسلام السياسي” بالتعاون مع جامعة فيينا ومركز توثيق الإسلام السياسي لتحديد مواقع حوالي (600) من المساجد و مؤسسات  وجمعيات خيرية وقيادات الإسلام السياسي وتحديد روابطهم داخل البلاد. 

كما أعلنت السلطات الفرنسية في 24 يوليو 2021 تنظيم مجموعة من ورش العمل للتصدي لتغلغل أفكار الإسلام السياسي عبر إقامة دورات تدريبية لمدرسي المدارس الإعدادية والثانوية الفرنسية يتولاها 1000) مُدرّب مُختص لى أن تتوسع لاحقاً لتتوجّه لكافة العاملين في قطاع التعليم الإضافة إلى كل مؤسسات الدولة الفرنسية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية.

ووفقًا للدراسة، أعربت لجنة برلمانية فرنسية في 9 يوليو 2020 عن قلقها العميق بشأن انتشار الإسلام السياسي في فرنسا، ووصفته بإنه متعدد الأشكال ويتغلغل في جميع جوانب الحياة الاجتماعية ويميل إلى فرض معيار اجتماعي جديد من خلال استغلال الحرية الفردية.