رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لبنان المنكوبة.. بيروت مُكبلة بين صرخات الاستغاثة وسيناريوهات المستقبل القاتم

حريق عكار
حريق عكار

لازالت أصداء الحادث الكارثي الذي استيقظ عليه اللبنانيون، يخيم على المشهد في بيروت، لتكسح نيران صهريح تيلال في بلدية عكار الشمال، جميع البوادر المؤشرات الايجابية، التي التقطها اللبنانيون على مدار الأيام الماضية سواء باقتراب تشكيل الحكومة اللبنانية، أو باستجابة الجيش اللبناني لمطالب اللبنانيين بالإمساك بزمام الأمور في البلاد.

حادث أودى بحياة 30 قتيل حرقًا، وأكثر من مائة مصاب في وقت لا يجد به اللبنانيون الكثير من المستلزمات الطبية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مما فاقم من الوضع الطبي وزاده سواد.

وبات المشهد منقسم ما بين طبقة حاكمة تتراشق الاتهامات فيما بينها بحثًا عن بطولة زائفة على حساب تحمل الأخرى المسئولية، ومحللون سياسيون يرسمون سيناريوهات لمستقبل بلا أمل، وشعب يصرخ طلبًا للاغاثة الدولية.

 

نيرون في لبنان

في هذا السياق، وصف الكاتب الصحفي اللبناني فادي عاكوم، ما يقوم به سياسيو بيروت بأنه يلعبون دور الإمبراطور نيرون، من ناحية الإشراف و الانهاء على ما تبقى من لبنان حرقًا، مشيرًا أن هذا الوصف ليس مجازيًا بل أنه حقيقيًا.

أضاف عاكوم، في تصريحات لـ"الدستور": وربما ما حصل في بلدة التليل عكار شمال لبنان أكبر دليل على هذا، حيث و بالرغم من ضخامة و فداحة الخسائر البشرية التي قاربت من ثلاثين قتيل، وأكثر من مئة جريح، تجاهلتها الطبقة الحاكمة، وانشغلوا بتجاذب الاتهامات يمينًا ويسارًا خصوصًا التيارات السياسية الأساسية الكبيرة".

 

لا يوجد دماء على الأرض

بأسى أشار عاكوم إلى أن تلك التجاذبات السياسية تمت، وكأنه لايوجد دماء أسيلت على الأرض، قائلا:" وكأنه لا يوجد من احترق سعيًا وراء الحصول على كمية قليلة من الوقود، لكي يذهب إلى عمله أو لكي ليؤمن احتياجات منزله".

نوه الصحفي اللبناني، أن ما جرى يجعل الأمور تأخذ منحى دراماتيكي، وتصعب  من تشكيل الحكومة، في ظل الدعوات للتحرك بالشارع اللبناني، ورفض تكليف نجيب ميقاتي، موضحًا أن الفرصة السانحة للطبقة الحاكمة بتشكيل حكومة ذهبت أيضًا هباءًا.

 

حكومة عسكرية

ورغم الأجواء الإيجابية التي كانت تسيطر على لبنان خلال اليومين الماضيين، بخصوص تشكيل الحكومة اللبنانية، أوضح الصحفي اللبناني أن الأمر بات معقدًا.

قال: "قد لا يشهد لبنان حكومة بالصراع الواقع حاليًا، على عكس ما كان متوقعًا خلال الساعات التي سبقت انفجار الشمال، بالإضافة إلى ضغط كبير يتعرض له الجيش اللبناني الذي يحاول بشتى الطرق إرضاء الشعب اللبناني، سواء من خلال ضبط إليه المحروقات وتوزيعها مجانًا على المدنيين، أو كان من خلال طريقة تعاطيه مع المتظاهرين في الشمال".

أردف: "والتي تؤكد أنه لا نية لدى القيادة على التصادم المباشر مع المدنيين وبالتالي فإن الحل الأوحد، بالنسبة اللبنانيين حكومة عسكرية تقوم بإدارة شؤون البلاد خلال الفترة المقبلة، وهذا هو الأمل المتبقي الذي سينقذ البلاد و يجنبها حروب داخلية متفرقة".

 

إهمال متمادي 

من جانبه قال شارل جبور، المتحدث الإعلامي لحزب القوات اللبنانية، إن الحادث الذي وقع في عكار هو نتيجة الإهمال المتمادي على مستوى لبنان، نتيجة تلاهي الأكثرية الحاكمة والسلطات الممسكة بالقرار السياسي بمواقعها، وتمسكها بسلطتها على حساب أولويات ناس.

أضاف جبور في تصريحات خاصة لـ"الدستور": "وهذا يفسر الفشل الذي يصيب لبنان على شتى المستويات، لا يوجد بنزين لا يوجد مازوت لا يوجد كهرباء لا يوجد دواء، أو لمستشفيات في أزمة"، معتبرًا تحول الدولة اللبنانية إلى دولة منكوبة بفعل الواقع الذي وصلت إليه.

حذر السياسي اللبناني من استمرار الوضع في لبنان على هذا النحو، لافتًا إلى تصاعد غضب المواطنين بالشوارع وثورتهم التي قد تؤدي إلى انتفاضة جديدة.

 

لبنان بحالة منكوبة

تابع:" حادث عكار مؤسف للغاية، فهناك ضحايا بريئة سقطت بالعشرات نتيجة إهمال كارثي، أسر عديدة فقدت أبنائها وذويها، فلبنان باتت بحالة منكوبة يضعها أمام العديد من التداعيات".

 

 مسارات لبنان بعد حادث عكار

أوضح المتحدث الإعلامي لحزب القوات اللبنانية: "أن لبنان قد يكون أمام مسارين أما ديناميكية فوضى مفتوحة، أما الذهاب إلى محاولة تشكيل حكومة بالذهاب نحو الانتخابات فورًا لأن الناس لم يعد بها ثقة بالفريق الحاكم".

 

تبادل الاتهامات 

الحادث لم يكن كافيًا للطبقة الحاكمة في لبنان، لكي تكف عن التناحر السياسي فيما بينها، حيث أشهر كل منهما سلاحه بوجه الآخر، عبر تبادل الاتهامات.

وطالب رئيس تيار المستقبل اللبناني سعد الحريري، للرئيس اللبناني ميشال عون (زعيم التيار الوطني الحر) بالاستقالة حتى يفعل شيء يقف له في آخرته قبل وفاته، حسب تغريدة للحريري.

في هذا السياق قال الكاتب اللبناني محمد الرز، انه كان معروفًا في الآونة الأخيرة ان بعض المنتمين إلى فرقاء في الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، وتحديدا في تيار المستقبل، والتيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون، يقومون بتخزين مادة المحروقات في أماكن غير مؤهلة، وذلك بغية الاتجار بها في السوق السوداء او لتهريبها إلى سوريا، مضيفًا: "وكان خزان بلدة التليل الذي انفجر في عكار واحدًا منها ما أدى إلى وقوع عشرات الضحايا وإصابة كثيرين بحروق مختلفة". 

أردف الرز في تصريحات خاصة لـ"الدستور": "الملفت أنه فور وقوع الانفجار الكارثي سارع النائب أسعد درغام من التيار العوني إلى اتهام النائبين طارق المرعبي ووليد البعريني من تيار المستقبل، بالمسؤولية عن المخزن والانفجار"، مشيرًا إلى ان الاتهام انطلق من كون مؤجر الأرض يناصر هذا التيار ويحتمي به ورد النائبان باتهام مضاد مفاده أن صاحب الأرض ينتمي إلى التيار العوني.

 

استغاثات لبنانية 

ونتيجة تدهور الأوضاع في لبنان، وما خلفه الحادث من كارثة بسبب المصابين، استغاثت الفنانة اللبنانية مايا دياب ببعض الدول العربية لإنقاذ بلدها، وكتبت على حسابها بتويتر: "‏ارجو من الدول المجاورة المساعدة بنقل الجرحى للعلاج الفوري بطائرات اسعاف مصر، والأردن والسعودية، بسبب عدم قدرة المستشفيات اللبنانية على العلاج وعدم وجود الأدوية المطلوبة للحروق لفاجعة كهذه".

ونفس الاستغاثة قامت بها سيرين عبد النور وقالت: "رسالة إلى العالم أنقذوا ما تبقى من لبنان".

كما ناشد رئيس حزب المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا في تصريحات لـ"الدستور"، القادة العرب الإسراع بتأمين مستشفيات عكار والشمال اللبناني بالتجهيزات والأدوية والمواد الغذائية والتعويض المالي على أهالي الضحايا الشهداء والجرحى. 

 

تلبية النداء 

من جانبه صرح السفير المصري لدى لبنان ياسر علوي، الأحد،  أنه سيصل من القاهرة  فريق من استشاري الجراحة المختصين بمعالجة الحروق، مساء اليوم إلى لبنان.

وأضاف علوي، أنه سيتم توزيع على كل من مستشفى السلام للحروق بطرابلس ومستشفى الجعيتاوي في بيروت لتقديم الخدمات العلاجية للجرحى والمصابين في انفجار التليل في عكار، كما ستصل على نفس الطائرة شحنة من الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بمعالجة الحروق تبلغ زنتها طنًا ونصف الطن، وقد تم إعدادها بناء على لائحة احتياجات قدمها الجانب اللبناني، وفقًا لما نقلته قناة"إام تي في" اللبنانية.

وحطت طائرة تابعة لطيران الجزيرة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت على متنها ثمانية أطنان من المستلزمات الطبية والأدوية مقدمة من جمعية الهلال الأحمر الكويتي إلى الشعب اللبناني واللاجئين السوريين والفلسطينيين.

واستقبل شحنة المساعدات ممثل وزير الصحة المستشار الإعلامي رضا الموسوي ورئيس بعثة الهلال الأحمر في لبنان الدكتور مساعد العنزي.