رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لهذا السبب.. اتهم محمود درويش بالتخلي عن القضية الفلسطينية

محمود درويش
محمود درويش

"أنا متهم بالتخلي عن القضية الفلسطينية ومتهم إلى حد ما بخيانة جلدي عند بعض الناس، أما القراء فهم أبرياء.. فلسطين ليست وظيفة وهي ليست شيئا".. هكذا تحدث الشاعر الراحل محمود درويش عن الوجدان الفلسطيني لديه، الذي يمر على وفاته 13 عاما، إذ رحل عن عالمنا في 9 أغسطس لعام 2008، بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح في مركز تسكساس الطبي، ودخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته.                 

وفي حوار لمحمود درويش بجريدة "روز اليوسف" بعددها الصادر بتاريخ 11 أغسطس لعام 2008، قال إن القصيدة السياسية لا تعنى له أكثر من خطبة، قد تكون جميلة أو غير جميلة، إنها تخلو من الشعرية أكثر من القصيدة التي تحرص على أن تنتبه لدورها الإبداعي ودورها الاجتماعي، أي على الشاعر أن ينتبه إلى مهنته وليس فقط إلى دوره، مستطردا: أن السياسة لا يمكنها أن تغيب تماما من هوامش القصيدة أو خلاياها، لكن السؤال هو كيف نعبر عن هذه السياسة، كل إنسان فينا مسكون بهاجس سياسي، ولا يستطيع أي كاتب في أي منطقة من العالم أن يقول "أنا نظيف من السياسة"، فالسياسة هي شكل من أشكال الصراع، صراع البقاء وصراع الحياة، ومن طبيعة الأمور أن يكون هناك سياسة.                    

وتابع درويش: أنا فلسطيني وشاعر فلسطيني، ولكن لا أستطيع أن أقبل بأن أعرف بأنني شاعر القضية الفلسطينية فقط، وبأن يدرج شعري في سياق الكلام عن القضية فقط، وكأنني مؤرخ بالشعر لهذه القضية، متمنيا أن يكون هناك شاعر آخر للانتصار الفلسطيني بقوله "أتمنى أن نصل إلى انتصار، أتمنى أن أكون شاعرا طرواديا".                            

وأضاف: ليس الشاعر هو من يحدد الهزيمة أو النصر، من سوء حظي أنني لست شاعر الانتصار لسبب بسيط هو أننا لم ننتصر، وإذا انتصرنا فلست متأكدا من أنني سأكتب عن النصر، فلفرط ما أدمنت لغتي الشعرية الخسائر، أصبحت غير قادرة على أن تكتب نشيدا وطنيا منتصرا، ثانيا ليس هناك شاعر انتصار، والشعر دائما حليف الخسائر الصغيرة والخيبات.                               

واختتم كلامه في الأمر قائلا: لا أريد أن أفلسف المسألة، لكن لا أظن أني شاعر مراث، أنا شاعر محاصر بالموت. قصة شعبي كلها قصة صراع الحياة مع الموت، وعلى المستوى اليومي كل يوم عندنا شهداء، الموت عندي ليس استعارة، ولست أنا من أذهب إليه كموضوع بل هو يأتيني كحقيقة، عندما كتبت الجدارية التي هي عن الموت، حين قرأت القصيدة بعد كتابتها رأيتها قصيدة مديح للحياة، قد يجد بعض القراء عزاء في شعري عن خسائر ما، لكن من الظلم أن تسميني شاعر عزاء.