رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أشعة في جسد فرعون.. ماذا قال الطب الشرعي عن المومياء المصرية بإيطاليا؟ (حوار)

المومياء المصرية
المومياء المصرية أختخونسو 

بدأت المومياء المصرية أختخونسو، التي ظهرت مؤخرًا في إيطاليا للمرة الأولى في التاريخ، الكشف عن أسرارها أمام الأشعة المقطعية التي أُجريت لها في أحد المراكز الطبية.

الدكتورة تشانتال ميلاني، المتخصصة في الأنثروبولوجي والطب الشرعي في مجال القضاء بإيطاليا، وباحثة ضمن فريق مشروع دراسات المومياوات، كانت تُراقب جسد الفرعون النائب بين لفافات التحنيط التي ابتكرتها عقول القدماء من بني البشر، لتُعانقها أجهزة اخترعتها عقول أحفادهم في هذا الزمن، لتنسج خيطًا من العِلم يصل من كانوا على الأرض قبل آلاف السنين، بمن ورثوها الآن.

«أنا أتعامل مع علم الإنسان، وطب الأسنان الشرعي، أي تحليل العظام والأسنان بحثًا عن معلومات يمكن أن تُعيد بناء هوية وتاريخ الفرد».. تُعرِف الباحثة الإيطالية نفسها لـ«الدستور»، في حوار عبر الإنترنت، ترجمة الباحث المصري في الشأن الإيطالي أسامة فوزي، مضيفة: لدي خلفية طبية و أتيحت لي الفرصة لدراسة هذه الموضوعات بعمق أكبر أيضًا في الخارج، بين الولايات المتحدة وكندا، البلدان التي تكون فيها هذه التخصصات متقدمة جدًا.

No description available.
الدكتورة تشانتال ميلاني

 

تقول إن عملها مكرّس إلى حد كبير لعالم الطب الشرعي، وبالتالي لإعطاء إجابات للقضايا القضائية.. «لكن في بعض الأحيان يُطلب مني أيضًا تحليل الاكتشافات ذات الأهمية التاريخية والأثرية مع مشروع المومياوات، الذي تديره عالمة المصريات سابينا مالجورا، كنت أتعاون لسنوات عديدة ودرسنا العديد من المومياوات معًا.. إنه أمر رائع بالنسبة لي، حلم يتحقق، لأنني كنت شغوفًة بعلم المصريات منذ أن كنت طفلة».

ما الذي تم اكتشافه في المومياء المصرية أختخونسو بعد التصوير المقطعي؟

  يتيح  التصوير المقطعي المحوسب دراسة المومياء دون إتلافها، والقيام برحلة افتراضية عبر الضمادات.. اعتدنا على التفكير في مومياء على أنها جسم كلاسيكي ممدد، بذراعين متقاطعين على الصدر. أما في حالة هذه المومياء، والتي تأتي من المتحف الأثري المدني في بيرجامو، وجدنا أن المومياء داخليًا لا تحتوي على عظام مفصلية تشريحيًا، لكنها غير منتظمة ومضطربة للغاية، فقد تم إزاحة عظام الفخذ على مستوى الصدر، بالتوازي مع عظم العضد، وتتجمع الفقرات والأضلاع في الجزء العلوي.

 كان الرأس خارج الضمادات لذا كان من السهل دراسته، لكن بالنسبة لبقية العظام المختلطة بهذه الطريقة، استغرق الأمر وقتًا أطول قليلاً.

 

حالة العظام المبعثرة، هل ترجع إلى تعرض صاحب المومياء لحادث عند الوفاة، أم لتحريك المومياء؟

 لم أجد إصابات يمكن أن تُشير إلى موت عنيف. ربما لم تكن عملية التحنيط ناجحة، وتحركت العظام بمرور الوقت أيضًا بسبب الحركات التي تعرضت لها المومياء.

 

No description available.
محرر الدستور والدكتورة تشانتال ميلاني والمترجم

ما هي الأشياء الجديدة التي تم اكتشافها في التصوير المقطعي المحوسب؟

الأشعة المقطعية سهّلت من دراسة العظام وقياسها. هذا جعل من الممكن تتبع المظهر الأنثروبولوجي (علم الإنسان) للفرد المختبئ تحت الضمادات.

وجدنا أنه رجل قوقازي  طويل  إلى حد ما، يتراوح طوله بين 172 و 178 سم.  كان عمره بين 40 و 50 سنة.  كان هذا أمرًا جديدًا لأنه في الأرشيف، افتَرَضت بعض الدراسات السابقة أن عمره 70 عامًا. ومن بين العظام المختلطة معًا، يمكنك العثور على العديد من الأسنان. ومن بين الاكتشافات الأكثر روعة هناك اكتشاف بعض الحبال الصغيرة المعقدة التي ليست جزءًا من الضمادة. والتي ستكون موضوع دراسات إضافية، بالإضافة إلى عينات الرواسب التي تم جمعها والتي ستوفر معلومات عن تقنية التحنيط.

هل تعتقدون أن صاحب المومياء كان له مكانة هامة في الحِقبة التي عاش فيها؟

 كان التحنيط إجراءً مكلفًا لا يستطيع الجميع تحمله، لذلك كان بالتأكيد شخصًا ثريًا. فلا نعلم إذا كان كاهنًا أم لا.  ربما ستوفر الدراسات التي لا يزال يجريها فريق مشروع المومياوات أدلة جديدة على ذلك.

صرح الوزير المصري السابق زاهي حواس، مؤخرًا، أن دراسة الأشعة المقطعية لمومياء ليست أمرًا هامًا، إن لم يكن صاحبها ملكًا.  ما رأيكِ؟

من المؤكد أن القدرة على دراسة مومياوات الفراعنة يجب أن تكون رائعة. إنها شخصيات لديك معلومات عنها ويمكن للمومياء أن تكشف المزيد من التفاصيل عن حياتها، وتؤكد أو تنفي ما هو معروف عنها. لا أستطيع إلا أن أتخيل عاطفة أولئك الذين اكتشفوا أن المومياء المحفوظة في متحف القاهرة تخص حتشبسوت.

 ومع ذلك، فإن تاريخ مصر القديمة يتكون من العديد من قطع اللغز ودراسة الملوك فقط ستكون قيدًا، لأنها لن تسمح لنا برؤية جميع مستويات المجتمع التي كانت مكونه لتلك الحضارة.

No description available.
الدكتورة تشانتال ميلاني والمومياء المصرية أختخونسو 

اهتم الإعلام الدولي بخروج المومياء المصرية في إيطاليا، فهل هناك نفس الاهتمام بإيطاليا؟

من المؤكد أن مصر القديمة تُبهر الكثير من الناس حتى في إيطاليا. لطالما تحدثت وسائل الإعلام الإيطالية بكل سرور عن الدراسات التي أجريناها مع مشروع المومياء على العديد من المومياوات في الماضي أيضًا.

 في هذه اللحظة التاريخية، التي تتحدث فيها الصحف والتلفزيون تقريبًا عن فيروس كورونا والوباء، فإن الحديث عن شيء إيجابي ومثير للاهتمام أمر مرحب به بطريقة مواتية من قبل وسائل الإعلام في إيطاليا.