رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قرارات قيس سعيد تقضي على نفوذ «النهضة» وترقب لخارطة طريق

 قيس سعيد
قيس سعيد

يترقب التونسيون إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن تكليف رئيس حكومة جديد، ووضع خارطة طريق تنظم عمل الدولة في المرحلة المقبلة، امتداداً لحزمة القرارات الاستثنائية التي أعلنها الأحد الماضي، بإقالة حكومة هشام المشيشي وتجميد عمل كل سلطات مجلس النواب برئاسة رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، وسط مطالبات بحل البرلمان الذي تسبب في حالة شلل سياسي وتنفيذي عن طريق وضع العراقيل أمام تشكيل حكومة غير حزبية.

بتهمة تلقي تمويلات أجنبية.. بدء التحقيقات مع احزاب منها "النهضة" 

أجرت السلطات التونسية تحقيقا مع عدد من الأحزاب السياسية من بينها حركة النهضة الإخوانية حول تلقي أموال من الخارج في انتخابات 2019.

وأعلن الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي في تونس، محسن الدالي، اليوم الأربعاء، فتح تحقيق بشأن 3 أحزاب، من بينها حركة النهضة، بشأن تلقيها تمويلات أجنبية أثناء الانتخابات.

ونوه محسن الدالي، إلى أن التحقيق سيشمل كلا من حركة "النهضة"، و"قلب تونس"، و"عيش تونسي"،  مضيفا أن قضاة التحقيق سيتولون القيام بـ"إجراءات تحفظية" ضد المشتبه بتلقيهم تمويلات أجنبية.

وتابع الدالي في تصريحات لوسائل إعلام عربية وأجنبية، "السادة قضاة التحقيق سيتولون القيام بإجراءات تحفظية، ضد من يراهم القضاة مسؤولين عن تهم تتعلق بتمويلات أجنبية لحملات انتخابية، وتمويلات مجهولة المصدر".

الرئيس التونسي ينهي مهام مسؤولين ويقيل مستشارين موالين لـ"النهضة"

واستمرارا لوقف نفوذ اخوان تونس في البلاد، أصدر الرئيس التونسي، مساء الثلاثاء، عددًا من القرارات الجديدة، تضمنت إنهاء مهام مدير ديوان رئيس الحكومة، والأمين العام للحكومة، وعدد من المسؤولين المقربين من حركة النهضة.

وأنهى "سعيد" مهام كل من الكاتب العام للحكومة، ومدير ديوان رئيس الحكومة، والمستشارين لدى رئيس الحكومة والمقربين من حركة "النهضة"، وعدد من المكلفين بمأمورية بديوان رئيس الحكومة، ورئيس الهيئة العامة لشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية.

وكان الرئيس سعيد أصدر، الأثنين، أمرًا رئاسيًا بإعفاء المشيشي، رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية، وإبراهيم البرتاجي، وزير الدفاع الوطني، وحسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة.

 

تونس تنتظر قرارات رئاسية جديدة

ويتجه أنظار الشارع التونسي حالياً إلى قصر قرطاج انتظارًا لإصدار قرارات جديدة يعلن عنها الرئيس من تشكيل الحكومة الجديدة، أو إجراءات لضبط الوضع الصحي والاقتصادي في البلاد، بعدما لاقت قراراته الأخيرة والمتتالية منذ مساء الأحد الماضي ترحيبًا شعبيًا واسعًا، حيث عمت المسيرات شوارع البلاد للتعبير ابتهاجا بالتخلص من حركة النهضة الإخوانية بعد الفشل الذريع الذي تعرضت له البلاد على أيديهم. 

وستنظم خارطة الطريق عمل الدولة في المرحلة المقبلة، وتنقذ تونس من أزماتها على مختلف الجوانب بينها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، بعد يومان شهدت فيه البلاد الكثير من الاحتجاجات والتجاذبات والتخبط السياسي جراء ممارسات حركة النهضة. 

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد استنكر وصف إجراءاته الاستثنائية التي اتخذها خلال الساعات الماضية بـ"الانقلاب"، مؤكدا أنها متسقة مع الدستور التونسي، كما أكد على أن صبره قد نفد لأنه حذر مرارا وتكرارا، مؤكدا أنه كان قادرا على تكليف أي شخص بتشكيل الحكومة، إلا أنه فضّل الصبر وإعطاء الفرصة لمؤسسات الدولة.

ودعا "سعيد" كل من يعتبر أن الأمر انقلاب إلى مراجعة دروسه في القانون، في إشارة إلى زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وقياداتها، مؤكدا أنه لم يخرج عن الدستور واستند في قراراته إلى الفصل 80، الذي يتيح له اتخاذ تدابير في صورة وجود خطر داهم يهدد الدولة. 

 وأوضح أن الخطر أصبح واقعا في تونس، بعد أن أصبحت مرتعا للصوص يحتمون بنصوص قانونية وضعوها على مقاسهم لاقتسام السلطة ويتعاملون مع الدولة ومقدراتها وكأنها ملك لهم، مشددا على أنه لا مجال لاستمرار الدولة على هذا الشكل.

 

الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة

ومن المتوقع أن تكون الشخصية المرشحة لرئاسة الحكومة القادم- خلفا لرئيس الحكومة المقال هشام المشيشي- من محيط الرئيس قيس سعيد ومن الدائرة المقربة له، شرط أن يكون عليها توافق من المنظمات الوطنية التي استقبل سعيد رؤساءها مساء الاثنين في قصر قرطاج، لتوضيح القرارات التي اتخذها بمقتضى الفصل 80، والتشاور معهم حول المرحلة المقبلة.

وتنحصر الخيارات المطروحة أمام سعيد- بحسب ما تم تداوله حتى الآن في الشارع التونسي- في ثلاثة أسماء، هم: توفيق شرف الدين، وزير الداخلية السابق الذي أقاله المشيشي مطلع العام الجاري، بالأضافة إلى نزار يعيش، وزير المالية في حكومة إلياس الفخفاخ، وحكيم بن حمودة وزير المالية في حكومة مهدي جمعة عام 2014.

وتوفيق شرف الدين يعد من أقرب الشخصيات إلى الرئيس قيس سعيد، وهو محامٍ سبق أن أشرف على إدارة حملة سعيّد في محافظة سوسة خلال الانتخابات الرئاسية عام 2019، أما الاسم الثاني المرشح لرئاسة الحكومة، فهو شخصية ذات توجهات اقتصادية ومالية، وهو وزير المالية في حكومة إلياس الفخفاخ نزار يعيش، الذي عرف بمواقفه الصارمة من الفساد وبمهنيته أثناء توليه الوزارة.

ويعد نزار من المقربين للرئيس قيس سعيد، حيث سبق أن التقى به في شهر مارس الماضي، وقدم له عرضا مفصلا لوضعية الاقتصاد والمالية العمومية والميزانية وتهديداتها المباشرة على الأمن القومي، وأيضا مجموعة من المقترحات والتصوّرات لحلول وإصلاحات لمساعدة تونس في الأزمة الاقتصادية الراهنة.

وهو مهندس اقتصاد، خريج المدرسة المركزية بباريس سنة 1998، وعمل مديرًا عامًا لمكتب استشارات دولية في الاستراتيجيات والتقنيات الحديثة، ومستشار في مكاتب دولية في أوروبا، وتولى وزارة المالية في حكومة الفخفاخ بين فبراير وأغسطس 2020.

وبدوره، كان المشيشيي قد أعلن قبوله بقرارات سعيد واستعداده لتسليم المسؤولية لأي شخص يختاره الرئيس، مؤكدا أنه لن يكون معطلا أو جزءا من إشكال يزيد وضعية البلاد تعقيدًا.

 

الهيئات التونسية الداعمة لقرارات سعيد وإجماع قانوني على دستوريتها 

من جانبه، جدد اتحاد الشغل التونسي، أكبر تجمع نقابي في البلاد، تأييده لقرارات "سعيد" حيث أكد أن الرئيس تعهد بحماية المسار الديمقراطي واحترام الشرعية.

كما شددت جمعية القضاة التونسيين على استقلالية النيابة العمومية، ودعت إلى ضرورة النأي بها وبالسلطة القضائية عن التوظيف السياسي، وذلك تفاعلا مع قرار الرئيس قيس سعيد ترؤس النيابة العامة بنفسه، من أجل تحريك ملفات الفساد وملاحقة المتورطين في عدة قضايا.

فيما عبرت نقابة الفنانين في تونس، الثلاثاء، عن مساندتها لقرارات سعيد، ووصفتها بأنها استثنائية تترجم مطالب الشعب، داعية الرئيس لوضع خارطة طريق في مدة لا تتجاوز 30 يومًا.

ويوجد إجماع قانوني على دستورية قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، حيث توجد مطالب بالإسراع في اختيار شخصية وطنية لقيادة المرحلة القادمة.

وكان "سعيد" قرر تولية رئاسة النيابة العمومية، للوقوف على كل الجرائم التي ترتكب في حق تونس، بالإضافة إلى توليه السلطة التنفيذية، بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة، يعينه رئيس الجمهورية، ووجه نداء إلى مواطني بلاده على خلفية التطورات السياسية المتسارعة التي تشهدها مؤخرًا، داعيا إياهم إلى الالتزام بالهدوء، وعدم الخروج للشوارع.