رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من روائع الادب العالمى.

رواية «أنا كارنينا» لـ«تولستوي».. الكل مذنب

صورة غلاف أنا كارنينا
صورة غلاف أنا كارنينا

“أنا كارنينا” هى الرواية الأهم والأشهر للكاتب الروسى الكبير ليو تولستوي، وهى رواية يعرفها القاصي والداني فى العالم حيث أنها ترجمت إلى عدة لغات.

وذلك يرجع  إلى أمرين إما الأول فلأنها رواية إنسانية يمكن أن تحدث فى أى مكان فى العالم، وأما الأمر الثانى  يرجع لأنها كتبت دون تحيز من مؤلفها، فقد عمد تولستوي فى روايته الأهم “أنا كارنينا” أن يجرد نفسه من الانحياز لأى شخصية، لذا جاءت كل شخصيات الرواية حقيقية يكمن فيها الخير والشر، ليس هناك شخصية سوداوية شريرة كالشياطين وليست هناك شخصية خيرة كالملائكة، ربما أراد "تولستوي" القول إن الإنسان مخلوق ضعيف يعلو ويهبط يرتفع درجات وينزل دركات، تسوقه حكمته أحيانًا وأحيانًا تسوقه شهوته، ومهما كانت حكمته فهى حكمة منقوصة كما أن شهوته زائلة يتبعها الندم. 

وفى روايته “أنا كارنينا” لم يبدأ تولستوي من بطلة قصة بل بدأ من بيت شقيقها ستيفان اوبلنيسكى الذى ضبطته زوجته داريا متلبسًا مع الخادمة فقررت الرجوع إلى بيت أبيها، ثم ينتقل بينا تولستوي إلى كاترين الجميلة شقيقة داريا وكيف كانت حائرة بين ليفين الثرى والكونن فرونسكى الشاب الأكثر ثراء. 

ثم تظهر انا التى نزلت إلى بطرسبرج لتصالح شقيقها وزوجتها، فيبرز لنا تولستوي مدى جمال المرأة وثقتها فى نفسها، كانت أنا تجلس بجوار والدة فرونسكى فى القطار وتحابا، ولما نزلنا فى المحطة التقت عينا فرونسكى وآنا كارنينا لتبدأ شرارة الحب المحرم من محطة القطار التي انتهت إليها الرواية أيضًا.

تبدأ قصة العشق بين الشاب الثري وبين الفاتنة أنا كارنينا، ويدخل الزوج كارنين الوزير المخضرم فى نوبة من الصراع المرير حين يعلم بعشق زوجته لرجل آخر، فيتقلب على الجمر هل يطلقها فيفتضح أمره وينتهي مستقبل ابنه؟ هل يحبسها؟ هل يقتلها؟ هل يصفح ويعفو؟ هل اخترقت رأس الرجل؟، كل هذه الأمور استطاع تولستوي أن يجعلنا نعيشها فى شخصية الزوج المكلوم، كما لم ينسى أن يقول إن كارنين الفاضل هذا كان يخشى على مستقبله السياسى كما يخشى على شرفه.

وانتقل إلينا تولستوي إلى الصراع النفسى لبطلة الرواية أنا كارنينا التى قاومت العشق المحرم فى البداية ثم انجرفت إليه، واعترفت بحبها لزوجها وفكرت فى الانتحار، ولم تنكر انها دنست شرفها بما فعلت وبما حملت سفاحًا، كانت تقر ضعفها ولم تكابر كانت تحب ابنها كما تحب عشيقها، كانت تقول إنها لا تحب زوجها لكنها تعترف أنه أكرم  وأشرف وأطهر منها، وهنا يبين لنا تولستوي أن الكل هنا مذنب، ذلك لأن الكل ضعيف، وتفر آنا كارنينا من بيت زوجها الوزير الشهير مع فرونسكي فترى المجتمع يلفظها وينفر منها وكأنها هى الخاطئة الوحيدة فى العالم، فتدخل فى نوبة اكتئاب كما يتدهور الأمر بالعاشق فرونسكي فيفقد وظيفته الكبيرة فى الحكومة ويفقد احترام المجتمع له.

وينشب الصراع بين العاشقين، بسبب الغيرة والملل ونظرة المجتمع، وهنا يمكننا القول إن تولستوي المتدين بطبيعته أراد أن يقول إن الذنب الذى نقترفه  لا يجلب لما الا التعاسة  وأن اتباع الهوى تكون عواقبه وخيمة، وأن كانت البداية حلوة بعد أن زينها الشيطان، ينهى تولستوي قصته فى محطة القطار التى جمعت العاشقين حيث أرادت “أنا” أن تواجه عشيقها الذى دمرت حياتها من أجله ولطخت اسمها واسم زوجها وابنها بالعار من أجله وهى يبدأ مراسيم الزواج من فتاة اختارتها له والدته، وبين التفكير فى الأقدام والأحجام والانتحار يصدمها القطار فيمزقها أشلاء. 

وبرغم ماكان أنهى تولستوي قصته بنظرة المذنبة إلى السماء وهى تناجي ربها وتقول ربى اغفر لي، وأراد تولستوي أن ينهى قصته بالرحمة. 

جدير بالذكر أن قصة انا كارنينا وردت على ذهن تولستوي حين اخطر بانتظار سيدة تحت القطار فى محطة اياسنايا بوليانا  بعد أن تركها عشيقها من أجل امرأة أخرى، كان ذلك عام ١٨٧٢، وبعد الحادث بعام بدأ تولستوي فى كتابة روايته أنا كارنينا واستغرقت كتابتها أربعة أعوام.

أنا كارنينا
أنا كارنينا