رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«نحمل العالم فى قلوبنا».. يوميات «راهب فرنسيسكان» فى طريق الله

الراهب بولس الفرنسيسكان
الراهب بولس الفرنسيسكان مع بابا الفاتيكان السابق

"زاهدا فيما سيأتي.. ناسيًا ما قد مضى".. تلك الكلمات هي  شعار متجسد لحياة الزهد التي يعيشها الرهبان بالأديرة المسيحية، في طريقهم إلى الله، إلا أن اختيار طريق الرهبنة والزهد ليس سهلًا بل يستغرق سنوات من العمر لقبولهم كرهبان بهذه الأديرة، وتختلف الرهبنة بين الطوائف المسيحية الأرثوذكسية والكاثوليكية يغلب كل منهما طابع مختلف في الروحانيات التي يمارسونها في عبادتهم وصلواتهم إلى الله، ولمعرفة تفاصيل هذا الطريق الشاق  تحدثنا إلى الراهب "بولس الفرنسيسكاني" الذي يخدم بدير الفرنسيسكان بالجيزة والتابع للكنيسة الكاثوليكية بمصر ، ليسرد "حياة راهب فرنسيسكان في يوم كيف تكون ..؟".

* "نحمل العالم في صلاتنا"

"نحمل العالم في صلواتنا وقلوبنا.. ونخدم المجتمع كأنه أسرتنا"..تلك هي أبرز المهام الخافية في حياة الرهبان الفرنسيسكان، وهي إحدى أنواع الرهبنة بالكنيسة الكاثوليكية والتي أسسها القديس فرنسيس الأسيزي بشمال إيطاليا.
ويقول الراهب بولس الفرنسيسكاني  في حديثه مع "الدستور" إن يوميات الراهب تختلف من دير إلى آخر، وتختلف حسب روحانية المؤسس للرهبانية والدير، وهناك نوعان من الرهبنة الذين يمكثون بالدير في البرية تسمى "النسكية"، وهناك الرهبنة الخدمية، مثل الرهبنة الفرنسيسكانية التي تخدم المجتمع، وهي مثل غالبية الرهبانيات التابعة للكنيسة الكاثوليكية تقوم على أساس خدمة المجتمع كأنه أسرتنا البديلة التي تركناها.
وتابع  الراهب "بولس" قائلاً: "حياة الراهب تسير يومياً وفقاً لطقوس معينة، وهذه الطقوس تقوم على حسب روحانية مؤسس هذه الرهبنة سواء خدمية أو نسكية، فمثال على ذلك يومنا يبدأ من صباح كل يوم باكراً في الساعة الخامسة، حيث تبدأ صلوات باكر والقداس، ثم تناول الفطار، وعقب يبدأ العمل الخدمي للراهب .

وأشار إلى أن الرهبنة الفرنسيسكانية بدورها الخدمي للمجتمع، تؤثر في حياة رهبانها، فلا تقتصر على الصلوات فقط، بل تعتبر الخدمة للمجتمع جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية كرهبان، فهناك رهبان عملهم الدراسة والتدريس بكليات اللاهوت التابعة للكنيسة  الكاثوليكية، وهناك نوع خدمي أخر  للراهب  يقوم به يتمثل في مسئول مكتبة الدير أو خدمة مجتمعية أخرى، أو خادم الكلمة الروحية الذي يعظ، ثم يجتمع الرهبان لصلوات الغروب، يعقبها فقرة الحياة الجماعية للرهبان لتبادل الخبرات الروحية في اجتماعهم المسائي .

وأضاف أن الرهبنة الفرنسيسكانية وغيرها من الرهبانيات الكاثوليكية الخدمية لديهم العديد من الخدمات المجتمعية وليست الروحية القاصرة على وعظ الكلمة أو التدريس بكليات اللاهوت الدينية، بل هناك خدمات في الملاجئ للأيتام ، وهناك خدمات طبية يشرف عليها الرهبان في المستشفيات والمستوصفات الخيرية التابعة للكنيسة،  بجانب خدمة الرعايا .
وأوضح أن خدمة الرعايا هي خدمة للمسيحين المتواجدين بالمناطق المجاورة للدير ، وتتمثل في مشاركتهم صلوات القداسات والعظات الروحية  وصلوات الجنازات والاكاليل وغيرها من صلواتهم ومناسبتهم المشتركة كجزء من العمل الروحي للراهب الفرنسيسكاني وهذا الأمر أيضاً يختلف من دير لآخر .

*خلوة الراهب مع الله 
"هدفنا  الأول في حياة الرهبنة التقرب إلى الله "هكذا وصف الراهب بولس الفرنسيسكاني حياة خلوة الراهب بالدير، وتتجسد هذه الفترات في قلاية الراهب (المكان الذي يمكث به الراهب )، وتكون هذه الخلوة مساء كل يوم عقب صلوات الغروب مشيراً إلى أن بها تكون خلوتنا الفردية مع الله نصلي بها لأجل حياتنا والتوبة ولأجل العالم والرعايا .

وتابع: أن هناك يوما يقام بشكل دوري  يسمى "المسبحة الوردية" وهي خلاصة التأملات في الانجيل يناقشها الرهبان في اجتماعاتهم الروحية بالدير، أي أنها تأملات من الانجيل  مثل تأمل في ميلاد المسيح وغيرها من آيات الكتاب المقدس، ثم نصلي الصلاة الربانية ونسبح للعذراء مريم عدة مرات مع الرهبان .
كما نخصص أسبوعياً عقب ممارسة صلواتنا اليومية الباكر والغروب والنوم من صلوات فردية وجماعية ، نجتمع أسبوعياً للتأمل في حياة القديسين للإقتداء بهم في حياتنا مثل التأمل بحياة القديس فرنسيس الأسيزي مؤسس الرهبنة .
كما نشارك في السهرة الانجيلية عشية صلوات القداسات، والتي نعتاد بها التأمل في المقدس .

* الرياضة الروحية ..خلوة الراهب الأصوام 
تحتلف كلمة رياضة بمفهومها المعتاد لدى جميع الناس، عند الرهبان الفرنسيسكان بل والرهبنة الكاثوليكية عامة، حيث يزداد الإقبال على  المفهوم بين الرهبان خلال فترة الأصوام المسيحي، والذي يدل على ترك الراهب ديره، والذهاب إلى دير أخر مع مجموعة من الرهبان، ويتفرغوا فقط للصلوات والتأملات الروحية وتعلم خبرة جديدة بحياة الرهبنة بعيداً عن دورهم الخدمي المعتاد أدائه يومياً لديهم.
وتابع الراهب "بولس الفرنسيسكاني" أن مفهوم الرياضة الروحية لدى الراهب لم يقتصر على فترة الأصوام مثل صوم الميلاد وصوم القيامة وغيرها من الأصوام المسيحية السنوية، بل متاح لكل راهب أن يترك ديره ويذهب لآخر بعيدًا عن شغل الخدمات المجتمعية لتكون فترة خلوة مع الله وصلوات فقط بعيدا عن أي خدمة أخرى.

راهب
راهب