رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تسوية إيفرجيفين.. قناة السويس تثبت أنها ذراع مصر الطولى فى الاقتصاد العالمى

 توصلت هيئة قناة السويس فى الأسبوع الماضى إلى اتفاق تسوية مع الشركات المالكة والمؤمّنة على سفينة الشحن العملاقة «إيفرجيفين»، تحصل مصر بموجب الاتفاق على تعويضات عن الأضرار التى لحقت بها جراء أزمة جنوح السفينة. وبمقتضى الاتفاق، أفرجت القناة عن السفينة المحتجزة بمنطقة البحيرات المرة، وكانت السفينة قد جنحت فى مجرى القناة يوم ٢٣ مارس الماضى، وعطلت حركة الملاحة لمدة ستة أيام.

نبدأ حديثنا عن ماهية الدور العالمى لقناة السويس..

اعتادت وسائل الإعلام المحلية حينما تريد الحديث عن أهمية قناة السويس أن تذكر بأنها تستحوذ على ٩٪ إلى ١٠٪ من التجارة العالمية، بينما الرقم الأكثر أهمية فى نظرى والذى لا يعيره أحد اهتمامًا هو أن قناة السويس تستحوذ على ١٠٠٪ من حركة سفن الحاويات المتجهة من شرق آسيا إلى أوروبا والأمريكتين أو العكس، هذا الاستحواذ يعزز كثيرًا من الدور العالمى الذى تلعبه قناة السويس فى التجارة والاقتصاد الدوليين.

معلومة لك، عزيزى القارئ، لكى تفهم ما أقصد بسفن الحاويات..

السفن تتألف من أنواع كثيرة، حسب نوع البضاعة التى تحلها، منها على سبيل المثال:

- سفن نقل السيارات.

- سفن نقل بضائع صب جاف «مثل الحبوب».

- سفن نقل السوائل.

- سفن نقل البترول.

- سفن نقل مشتقات البترول.

- سفن نقل الغاز.

- سفن نقل المواد الكيماوية. 

- سفن الحاويات.

- سفن الركاب.

سفن الحاويات هى السفن التى تحمل بضائع يمكن تغليفها بداخل صناديق، ويتم إدخالها فى الحاويات دون صعوبة، وهو ما ينطبق على ٨٠٪ من سلع العالم.

أما بالنسبة للخط الملاحى من آسيا إلى الشمال «أوروبا وأمريكا الشمالية» فهو الخط الأهم على الإطلاق، لأنه يمر على ٩٠٪ من الاقتصاد العالمى من الصين إلى بروكسل وواشنطن.

■ هل يمكن منافسة القناة؟

- قناة السويس هى أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب بالمقارنة مع الطرق القائمة مثل رأس الرجاء الصالح أو الطرق التى سبق التخطيط لها مثل مشروع إيلات أشدود الإسرائيلى. طريق القناة يحقق وفورات فى المسافة بين موانئ الشمال والجنوب من القناة، الأمر الذى يترجم كوفر فى الوقت واستهلاك الوقود وتكاليف تشغيل السفينة كما هو مبين فى الأمثلة بالجدول أدناه: 

المشروعات التى سبق إعدادها لتنافس السويس لا تقتصر على المشروع الإسرائيلى بل تمتد إلى مشاريع أخرى كثيرة مثل: طريق الحرير الحديدى «الصين»، الممر الشمال الشرقى «روسيا»، لكن كل هذه المشروعات تظل ملقاة بأدراج المكاتب ولن تتحول من مجرد ورق إلى واقع ملموس إلا فى حالة تراخت مصر وأهملت تطوير قدراتها ودراسة المنافسين والتحوط من كل المخاطر.

عقب حادثة «إيفرجيفين» وجدت مصر نفسها فى حاجة مُلحة لإثبات الجدية اللازمة فى تحمل مسئولياتها تجاه الاقتصاد العالمى، وبناءً على ذلك أعلن الرئيس «عبدالفتاح السيسى» مايو الماضى عن إطلاق مشروع جديد لتوسعة وتعميق وازدواج جزء من المجرى الملاحى للسويس بتكلفة ضخمة تقدر بـ١٤ مليار دولار أو ٢١٨ مليار جنيه وينتهى بحلول ٢٠٢٣.

الهدف المباشر من هذه الإنشاءات الجديدة هو تحسين سيولة العبور، ومنع تأثير الرياح والأمواج والتيارات الملاحية لعدم التأثير على مؤخرة السفن، أما الهدف غير المباشر فهو الحفاظ على سمعة القناة والدفاع عن دورها الحيوى بالاقتصاد العالمى، وإجهاض كل النوايا والخطط المنافسة للسويس والراغبة فى هدم مكانتها بالتجارة الدولية.

لاحظ أن قناة السويس عندما تم توقيع الاتفاقية التى تنظم عملها كممر ملاحى دولى- أى اتفاقية القسطنطينية- قبل ١٣٣ عامًا كان عدد السفن المارة بالسويس سنويًا لا يتجاوز بالكاد ٥٠٠ سفينة/ السنة، حاليًا قفز هذا الرقم إلى أكثر من ١٨ ألف سفينة سنويًا حتى ٢٠١٩، وبالتالى تعاظم دور «السويس» فى الملاحة والتجارة الدولية، وبالتوازى تعاظمت التهديدات والتحديات أمام هذا الدور الحيوى الذى تؤديه فى الاقتصاد العالمى، لكن ما يطمئننا كثيرًا هو الانتباه والاهتمام الكبيرين اللذين تتسم بهما القيادة السياسية وإدارة هيئة القناة ومتابعتها لكل ما يستجد على الساحة من منافسين وأوضاع اقتصادية وجيو- سياسية وجغرافية جديدة تستلزم منا ضرورة الاستمرار فى الاستثمار فى القناة ورفع كفاءتها، حتى تظل الممر الأفضل والأقصر بدون منافسة بين الشرق والغرب بإذن الله.