رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: تأصيل مفهوم الأمة الواحدة في العقول من مقتضيات بناء الحضارة

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة، شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن من مقتضيات بناء الحضارة تأصيل مفهوم الأمة الواحدة في العقول، فبناء هذا المفهوم يشمل القواعد الفكرية اللازمة لبنائها، مثل القدرة على ترتيب الأولويات، وفهم منهج التعامل مع الحياة الدنيا، وتحديد العلاقة مع الآخرين، ووضع برنامج عملي لعمارة الأرض، وعلى ذلك فإن إدراك مفهوم الأمة أمر أساسي إذا كان يمثل المنطلق لهذه القضايا وغيرها، وتفعيل ذلك الإدراك أمر أكثر أهمية من الإدراك المشار إليه.


وأضاف جمعة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” أنه لابد علينا أن نتكلم بتوسع -وتحديد أيضا- عن مفهوم الأمة، ففي نظر المسلمين الأمة ممتدة عبر الزمان فيما يمكن أن نسميه «الدين الإلهي»، فالأمة تبدأ من آدم، وتشمل كل الرسل والأنبياء في موكبهم المقدس عبر التاريخ، والأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ممتدة عبر الزمان والمكان، وفى جميع الأحوال ولدى جميع الأشخاص، وهذا أمر غاية في الأهمية إذا اعتبرناه تأسيساً لما ندعو إليه من معاصرة وإصلاح وتجديد.


وتابع: يمكن أن نقرر أهم صفات تلك الأمة الواحدة، وهي أن هناك مساواة بين البشر، فأصلهم واحد، ومصيرهم واحد، وهو الموت، والخطاب الإلهي إليهم واحد، فإذا تحدد مفهوم الأمة بهذا المعنى فإن لدينا أمة الدعوة وهي الإنسانية كلها، وأمة الإجابة وهم من صدَّقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ودينه ومنهجه في الحياة، وهم المسلمون الذين اختصوا بخطاب (يا أيها الذين آمنوا). وإذا رجعنا للمعنى الواسع الفسيح نجد مفهوم الأمة يشمل البشرية كلها، ويرى المسلمين مع غير المسلمين أمة دعوة يتوجه لهم جميعا الخطاب بـ(يا أيها الناس) وما أكثره في القرآن حين يخاطب النفس الإنسانية السوية التي تدرك أن لهذا الكون خالقا يدبر الأمر بحكمة بالغة في إطار من رحمته السابغة، حتى إنه في العقائد الإسلامية نرى شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لجميع الخلائق، حتى يصدق عليه قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:١٠٧] أي السابقين واللاحقين.


وأوضح: إذا استقر هذا المفهوم الشامل في الوجدان كان من السهل أن يكون منطلقاً لبناء برنامج حضاري متكامل بمختلف مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليتواءم مع واقعنا ومشكلاتنا الآنية، ويمكن تطبيق ذلك البرنامج وترتيب أولوياتنا بأجندة تنبثق من واقعنا وحاجتنا دون النظر إلى ما يحاولونه من فرض الهيمنة من الخارج لمصالحهم ومنافعهم، أما في حالة فقدان مفهوم الأمة فتصير عملية بناء الحضارة مستحيلة.