رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجليات الدنماركي «مارتن إريكسن» في «شتاء عند الفجر» تخطف الأنظار بمعرض الكتاب

الروائي الدنماركي
الروائي الدنماركي "ينس – مارتن إريكسن"

مبتعدًا عن التفاصيل الدموية للحرب، محاولًا الوصول إلى ماهيتها، وتأثيرها الفادح على الذات الإنسانية، وضع الكاتب والروائي الدنماركي "ينس – مارتن إريكسن"، روايته "شتاء عند الفجر"، التي صدرت حديثًا عن دار ميريت للنشر، بترجمة للشاعر والمترجم العراقي الدكتور "سليم العبدلي"، وسجلت حضورا مميزا في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ52.

 ينقل الكاتب في روايته، التجربة الشخصية لأحد المجندين في المليشيا، وكيف تم تحويله إلى جلاد يقتل الأبرياء دون أي واعز أو سبب حقيقي، ويصف حالة الحرب وقرع طبولها، وكيف لهما أن يغيرا من نفوس البشر المسالمين، ويجعلهم أداة لماكينتها التي لها أن تحول وعلى غفلة الجار إلى غريب يمكن قتله وإزالته من الوجود، وتنفي أية عقوبة لمثل هذه الأفعال اللاإنسانية!.

هنا يروي لنا أحد الفتيان المتعلمين الذين أقنعتهم حالة الحرب ومؤلفيها أن يتجرد عن البراءة ويحمل السلاح دون سبب لينهي حياة الناس المسالمين والعزل في المدن المجاورة لمدينته، بل حتى أصدقاء طفولته، فقط لأن مخططي الحرب أقنعوه باختلافه عن الذين سيقتلهم، وذلك الاختلاف يُشكل خطرا على وجوده ووجود أهله وأحبته، واستخدموا مصطلح "إما نحن أو هم"، كما هو مستخدم من قبل حكومات الدول المتقدمة والمتأخرة في حروبها. 


وعن قصة الرواية وظروف كتابتها يحكي "إريكسن": في خريف عام 1996 سافرت إلى مدينة برشلونة في إسبانيا، ونزلت في نفس البنسيون الذي كنت قد نزلت فيه في رحلة سابقة. كان هدف رحلتي هذه هو التفرغ التام لكتابة رواية جديدة. لكن وكما يحدث عادة عندما ينوي المرء ويضع هدفًا ما أمامه، يجد أن القدر يعترضه بكل ما يُعرقل نيته ويعيقه من الوصول إلى هدفه. 


هناك في برشلونه، كان القدر نزيلًا في نفس البنسيون، وهو شاب يصغر "إريكسن" بالعديد من السنين. دام لقاؤهما لمدة شهر كامل، يدخل الشاب غرفة "الكاتب" ولا يتوقف عن سرد حكايته، ويقول "إريكسن": أينما تواجدت معه كان "زاء" مسكونا بقص حكايته عن الحرب التي اشترك فيها ، وغالبًا ما يبدو لي وكأنه يريد أن يبرهن بسحر الراوي، أن ما حدث له لم يكن إلا قدرًا مكتوبًا له أو أمرا طبيعيا لا غرابة فيه ويمكن أن يحدث لأي كان، وأن قصته المليئة بالرعب والأفعال اللاإنسانية، كان يمكن أن تكون قصة أي شخص آخر في أية بقعة من بقاع العالم". 


وقد حازت الرواية اهتمامًا نقديا واسعًا، حيث قالت عنها صحيفة اللوموند الفرنسية: في هذه الرواية ينمو الرعب في كل مكان مختفيا في الكلمات، أما صحيفة "إنروكوبتيبل" الفرنسية فقد قالت عنها " شتاء عند الفجر، رحلة إلى نهاية الجحيم تترجم ببرود كيف يتحول الإنسان إلى جلاد". 


"ينس – مارتن إريكسين" هو كاتب دنماركي ولد عام 1955 . حصل على درجة الماجستير في الآداب واللغات من جامعة أورهوس، غير أنه سريعا ما تفرغ للكتابة وأخذ مكانه بين الطليعة الثقافية الدانماركية، بعد إصداره لروايته الأولى "ناني"، ثم عمل كمحرر لمجلة "يوم الجمعة" الثقافية وكتب للراديو والتليفزيون والسينما والمسرح. تناولت كتاباته التالية الحرب الأهلية والصراعات الإثنية في يوغسلافيا السابقة، والصراعات المشابهة التي تعاني منها الشعوب، فكتب العديد من المقالات والتقارير، مثل "تشريح الكراهية"، و"سيناريو الحرب"، ومن "عالم العقارب". أما في الأدب فكتب عدة روايات منها: رباط أبيض لفيليب ديبريز، ومسرحية "محاكمة مالابارتا" .


وقد نال الكاتب العديد من المنح التكريمية والجوائز في داخل الدنمارك وحصل على منحة الدولة الدائمة، وقد نال حفاوة كبيرة خلال لقائه مع جمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام.

مترجم الرواية "سليم العبدلي" هو شاعر ومترجم عراقي، نقل العديد من الكتاب الدانماركيين إلى العربية، وبالمقابل العديد من الكتاب العرب إلى الدانماركية، وعلى رأسهم الشاعر الكبير أدونيس. ولـ "سليم العبدلي" عدة مجموعات شعرية بالعربية والدانماركية، منها: الأمكنة مقابر الوقت"، "همس المرآة.. أسرار الجسد"، "صانع الأبجدية"، و "من رائحة الفراق"، وله أكثر من عشرين عنوانا في المكتبة الدانماركية تتوزع بين الشعر والمسرح وترجمة الشعر.

صاحب "شتاء عند الفجر" في معرض الكتاب 2021