رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مقابل التعنت الإثيوبي.. كيف تحركت مصر دبلوماسيًا خلال 10 سنوات لحل أزمة سد النهضة؟

وزير الخارجية سامح
وزير الخارجية سامح شكري

تتحرك مصر دبلوماسيا ومن خلال القنوات الشرعية والدولية للتأكيد على موقفها الثابت حيال أزمة سد النهضة خلال السنوات الماضية، وسط تعنت إثيوبيا التي كانت بدورها تسعى لإفشال كل جولات المفاوضات والواسطات سواء تلك التي سعت إليها واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب أو حتى تحركات الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، أو تلك التي استضافاتها كنشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية وانتهت دون تحقيق أي نتيجة أو إحراز أي تقدم. 

 

وظلت إثيوبيا في تعنتها ومماطلتها في مواجهة الجهود المبذولة من قبل مصر لحل الأزمة، رافضة الاقتراح المصري- السوداني الأخير بإضافة الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كوسطاء، ما أدى إلى زيادة مخاوف مصر والسودان خاصة بعد أن أعلنت أديس أبابا عن البدء في الملء الثاني لسد النهضة وهو ما يؤكد سوء نية إثيوبيا حيال الملف.

 

- على اختلاف إداراتها.. واشنطن تنتقد إثيوبيا لإصرارها على ملء السد دون اتفاق

رصدت وكالة "فرانس برس" انتقاد الإدارات الأمريكية للتعنت الإثيوبي منذ ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث انتقد إثيوبيا لإصرارها على المضي قدما في بناء السد.

 

ولفتت الوكالة الفرنسية إلى تعليق الولايات المتحدة في أوائل سبتمبر الماضي، جزء من مساعدتها المالية لإثيوبيا بعد قرار أديس أبابا الأحادي ملء سدّ النهضة على الرغم من "عدم إحراز تقدم" في المفاوضات مع مصر والسودان التي رعتها واشنطن آنذاك، حيث صرح ترامب "لقد وجدت لهم اتفاقا لكن إثيوبيا انتهكته للأسف، وما كان ينبغي عليها فعل ذلك. كان هذا خطأ كبيرا، ولن يروا هذه الأموال أبدا ما لم يلتزموا بهذا الاتفاق".

 

وأبدت الإدارة الأمريكية الجديدة انتقادات كثيرة للتصرفات الأحادية من جانب إثيوبيا أحدثها، تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، الذي قال فيها إنه من المنصف القول إن التعبئة الثانية لسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا "قد تؤدي إلى زيادة التوتر".

 

وذكر "برايس"، في تصريح للصحفيين: "نواصل دعم الجهود التعاونية والبناء بشأن سد النهضة للتوصل إلى اتفاق عبر استئناف الحوار، ومن المنصف القول إن التعبئة الثانية لسد النهضة قد تجعل الوصول إلى الحل أمرا صعب التحقق ومن شأنها زيادة التوتر".

وتابع: "ندعم العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي وندعو كافة الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية قد تجعل تحقيق الحل بعيد المنال، ويأتي تصريح برايس بعد ساعات قليلة من تعبير وزيري خارجية مصر والسودان عن رفضها بدء إثيوبيا عملية الملء للعام الثاني، ووصفا الخطوة بأنها "تصعيد خطير".

- جو بايدن يتبادل الرؤى مع الرئيس السيسي بشأن تطورات ملف سد النهضة

فيما أوضح الرئيس جو بايدن في اتصال هاتفي سابق مع الرئيس عبد الفتاح السيسي نهاية مايو الماضي تناول تبادل الرؤى بشأن تطورات الموقف الحالي لملف سد النهضة، حيث أبدى تفهم واشنطن الكامل للأهمية القصوى لتلك القضية للشعب المصري، مشيراً إلى عزمه بذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائي لمصر، وقد تم التوافق بشأن تعزيز الجهود الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكافة الأطراف.

- تحركات مصر في كنشاسا

وشهد طريق المفاوضات، تحركات مصر دبلوماسيا في كنشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، ودورها كوسيط بين إثيوبيا ومصر السودان بشأن شد النهضة والذي انتهى بدون نتائج.

وشهدت المفاوضات التي عقدت في كنشاسا يومي الرابع والخامس من أبريل الماضي، خلافات وشد وجذب بين مصر وإثيوبيا حول آليات التفاوض قبل الملء الثاني للسد.

 

ووقتها أكد بيان وزارة الخارجية المصرية أن جولة المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي والتي عُقدت مع إثيوبيا والسودان في كنشاسا لم تحقق تقدما، وكان الموقف السوداني متطابقا مع الموقف المصري، حيث صرحت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي بأن خطوات إثيوبيا الأحادية بخصوص سد النهضة انتهاك واضح للقانون الدولي.

وأفادت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي مرارا وتكرارا، بتعنت الجانب الإثيوبي في المفاوضات التي عقدت على مدار ثلاثة أيام في كنشاسا حول سد النهضة الإثيوبي.

 

- تفاصيل استجابة مصر لوساطة الاتحاد الإفريقي لحل الأزمة

وكان هناك شوط طويل من وساطة الاتحاد الإفريقي لعودة المفاوضات نهاية العام الماضي، عندما أعلنت وزارة الري والموارد المائية السودانية عودة السودان ومصر وإثيوبيا إلى المفاوضات لحل خلافاتها حول سد النهضة الإثيوبي بوساطة من الاتحاد الإفريقي.

 

وقالت وزارة الري السودانية وقتها إنه استئنفت وبتقنية الفيديو المفاوضات الخاصة بسد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان تحت إشراف الوساطة الإفريقية برئاسة جنوب إفريقيا" التي تتولى رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي.

 

واتفقت إثيوبيا ومصر والسودان خلال قمة إفريقية مصغرة عقدت عبر الفيديو قبل أسبوع على تأجيل البدء بملء خزّان سدّ النهضة الكهرمائي الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق.

 

وعقدت القمة بدعوة من رئيس جنوب إفريقيا سيريل راموفوزا وشارك فيها كل من الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، والرئيس الكيني أوهورو كينياتا ورئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي ورئيس مالي إبراهيم أبو بكر كيتا ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، واختتمت جولة في 17 يونيو دون التوصل إلى اتفاق بسبب التعنت الإثيوبي.

 

- حتى الساعات الأخيرة.. مقابلات مكثفة في نيويورك قبيل جلسة مجلس الأمن

وإلى الآن تتحرك مصر دبلوماسيا فقد قدمت رسائل وملفا متكاملا لمجلس الأمن الدولي لأن القاهرة تحترم القوانين الدولية وتتبع أسسا دبلوماسية لإنهاء الأزمة، فقد أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، على مدار الأيام الماضية مجموعة من المقابلات المكثفة في إطار الإعداد والتحضير للجلسة المقبلة لمجلس الأمن بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي.

والتقى وزير الخارجية بمندوبي أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، وكذا مجموعة ترويكا الاتحاد الإفريقي المكونة من الكونغو الديمقراطية وجنوب إفريقيا والسنغال.

 

وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ، أن "شكري" استعرض خلال هذه اللقاءات أبعاد الموقف المصري تجاه قضية سد النهضة، حيث أبرز انخراط مصر بجدية في المفاوضات على مدار عقد كامل بهدف التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد يراعي مصالح الدول الثلاث، وشدد على ما تمثله قضية سد النهضة من أهمية قصوى في ضوء مساسها بمقدرات الشعب المصري.

- تقديم إحاطة لخبراء دول أعضاء مجلس الأمن حول موقف مصر 

بالإضافة إلى أن الوفد المصري، قدم مساء الأربعاء، إحاطة لخبراء دول أعضاء مجلس الأمن حول موقف مصر والتداعيات السلبية لعدم التوصُل لاتفاق حول قضية سد النهضة، وذلك في إطار الفعّاليات المكثفة بنيويورك لعرض كافة جوانب قضية السد، وسط تحركات عديدة من الجانب المصري لإنهاء الأزمة سلميا ودبلوماسيا عن طريق القنوات الشرعية الذي دائما ما يقابله استفزاز إثيوبي وتعنت وبعد كبير عن المواثيق والاتفاقات والقوانين الدولية.