رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قيادات فلسطينية تتحدث لـ«الدستور» عن 30 يومًا من إعادة الإعمار بأيدٍ مصرية

إعادة الإعمار
إعادة الإعمار

ثلاثون يومًا مرت دون أن تكل سواعد العمال المصريين عن العمل المستمر داخل قطاع غزة، بصحبة آلياتهم، ورفقة أشقائهم الفلسطينيين، الذين يرون فيهم الأمل لـ«عودة الحياة»، وتضميد جراح ألهبتها الحرب، وإعمار خراب كاد يتسلل إلى النفوس، من جراء التصعيد الإسرائيلى الأخير، الذى استمر لمدة ١١ يومًا، وخلف وراءه دمارًا هائلًا.

ومنذ ٤ يونيو الماضى، وهو موعد اللقاء الأول بين العمال المصريين وآلياتهم والمواطنين الفلسطينيين فى قطاع غزة، الذين احتفلوا بقدوم «الإخوة» و«السند» على أنغام الأغنيات الوطنية المصرية- عملت حوالى ٥٢ آلة مصرية فى القطاع لإزالة ركام البنايات والأبراج السكنية والتجارية التى دُمرت من جراء التصعيد.

«الدستور» تواصلت مع عدد من المسئولين الفلسطينيين داخل قطاع غزة، للتعرف على ما أنجزته الآليات المصرية حتى الآن فى عمليات إزالة الركام، والخطوات المصرية لتسريع عملية إعادة إعمار القطاع، بالإضافة إلى كواليس خطة الإعمار وما يتعلق بها من اتفاقيات.

 

وكيل «الأشغال العامة»: الانتهاء من رفع الركام بنهاية يوليو.. بناء 2500 شقة بالمدن الجديدة.. وإنشاء كوبريين

أعلن ناجى سرحان، وكيل وزارة الأشغال العامة والسكان الفلسطينية فى غزة، عن إزالة حوالى ٥٠٪ من ركام البنايات، حتى الآن، أى حوالى ١٣٠ طنًا من إجمالى ٢٧٠ طنًا، وذلك بمساعدة العمال والآليات المصرية والمقاولين الفلسطينيين. 

وتوقع، فى ظل ما أنجزته الآليات المصرية والعمال الذين يرافقونها، ومساهمتهم فى إنجاز مرحلة «الإنعاش السريع» للقطاع، أن يتم الانتهاء من إزالة الكمية المتبقية من الركام بنهاية شهر يوليو الجارى، ومن ثم البدء الفورى فى عملية إعادة الإعمار.

وقال إن وجود العمال والآليات المصرية أسهم بشكل كبير فى تسريع وتسهيل عملية رفع آثار الركام والدمار، خاصة أنه تم الانتهاء من العمل فى ٥ مواقع كبرى وتسليمها بالفعل، لافتًا إلى أن هذه المواقع كانت تضم الأبراج العالية التى كانت تتراوح ارتفاعاتها ما بين ١٥ و١٧ طابقًا، مثل «الجلاء» و«هنادى» و«الشروق» وغيرها، إلى جانب عدد من العمارات ذات السبعة طوابق، ما يجعل إزالة الركام منها يحتاج إلى وقت وجهد كبير.

وأضاف: «الأعمال الحالية فى خمسة مواقع أخرى، وعلى وشك الانتهاء منها خلال أسبوع، نظرًا لأنها تخص البنايات ذات الأربعة والخمسة طوابق، والعمل مستمر فيها، ولم يعد متبقيًا سوى موقعين آخرين، ستعمل الآليات المصرية على الانتهاء منهما خلال الأيام المقبلة».

وواصل: «هناك ٣٥٠ مبنى مدمرًا فى غزة، منها مبانٍ ذات طابق واحد أو طابقين، وعمل المواطنون أنفسهم على رفع آثارها، لأن كمية الركام فيها قليلة للغاية، لكن الإشكالية كانت فى العمارات والأبراج الكبرى متعددة الطوابق، لذا نركز على استخدام المعدات المصرية فى تلك العمارات لأنها خلفت كمية ضخمة من الركام، والإنجاز هنا للآليات والعمال المصريين ليس بالعدد ولكن بالكمية، فهم عملوا على كميات ضخمة للغاية».

وأشار إلى أن التواصل مستمر مع مصر بشأن عملية إعادة الإعمار، خاصة بعد الزيارة التى قام بها الوفد الهندسى المصرى إلى غزة، وتسليم القاهرة مخططات لبناء مدن سكنية فى غزة، مع إعداد المسئولين فيها مخططات للغرض ذاته، بالإضافة إلى مخططات للعديد من المشاريع فى القطاع، مثل الأبراج الكبرى، متوقعًا أن تنطلق عملية الإعمار الحقيقة مع بدء العمل فى هذه المشاريع فور الانتهاء من إزالة الركام.

وأوضح: «تم الاتفاق مع المهندسين المصريين على تدشين نماذج وتصميمات متميزة، وتغيير الوجهات، وليس إعادة بناء الأبراج الكبرى على نفس أشكالها القديمة، ونحن نعمل على تجهيز هذه التصميمات الجديدة، بالإضافة إلى بناء مدن سكنية فى غزة، يكون فيها الطابع المصرى الذى رأيناه فى التجمعات السكنية الجديدة داخل مصر، وهى تصميمات تعمل عليها القاهرة فقط».

ونوه إلى أن مصر هى التى تعمل على تصميم الجسور والكبارى وطريق الكورنيش والشواطئ، بينما يعمل الجانب الفلسطينى على تجهيز تصميمات الأبراج فقط، على أن يتم تعديلها بالتشاور مع الجانب المصرى خلال الاجتماعات المقبلة.

وأعلن الاتفاق مع القاهرة، حتى الآن، على تدشين كوبريين اثنين فى منطقتين داخل غزة، فى تقاطع الشجاعية وتقاطع السرايا، لأنهما من أكثر المناطق ازدحامًا مروريًا فى القطاع، وذلك حتى تتم دراسة مدى الحاجة لتدشين غيرهما، بالإضافة إلى بناء ثلاثة تجمعات سكنية جديدة فى شمال ووسط وجنوب غزة، بعدما حصلت مصر على إحداثيات هذه المناطق وصورتها.

وأكمل: «اتفقنا على عدد الطوابق فى هذه التجمعات السكنية المصرية التى سيتم بناؤها فى غزة، وكذلك مساحات الشقق، على أن تكون العمارة الواحدة تتكون من سبعة طوابق، ومساحة الشقة الواحدة ما بين ١٠٠ و١٢٥ مترًا، وهو اتفاق مبدئى حتى يتم الانتهاء من التصميم واتخاذ القرارات النهائية بشأنها»، متوقعًا أن تضم المدن المصرية الثلاث بالقطاع ٢٥٠٠ وحدة سكنية.

ولفت إلى أن الاتفاق مع مصر حول كيفية توزيع شقق المدن السكنية المصرية فى غزة تضمن أن يجرى تخصيص قسم منها للعائلات الفقيرة وغير القادرين من ساكنى العشوائيات دون مقابل، على سبيل التضامن الاجتماعى، بإيجار غير مدفوع حتى تصبح الأسر قادرة على شراء شقة أو الانتقال لمكان آخر مدفوع الإيجار، لتخلى الشقة لغيرها.

وأفاد بأن القسم الثانى من الشقق سيوزع على محدودى الدخل بنظام الأقساط، مع تخصيص قيمة هذه الأقساط لإعادة بناء عمارات أخرى، مشيرًا إلى أن عملية إعادة الإعمار ستتضمن إعادة بناء الأبراج والمنازل المتهدمة فى نفس أماكنها القديمة، نظرًا لأن معظم المواطنين الفلسطينيين لا يفضلون الانتقال إلى مكان آخر.

ولفت إلى أن القطاع هو أكثر المناطق كثافة سكانية فى العالم، لذا فإن إعادة بناء الأبراج ونقل سكان العشوائيات للمدن المصرية الجديدة سيوفر وحدات سكنية كثيرة ويخفف من معاناة الأهالى بشكل كبير

 

مدير سياسات وزارة الاقتصاد: منطقة تجارية صناعية و8 أبراج ومحطة كهرباء وجدار لتدعيم الشاطئ ضمن مبادرة الـ500 مليون دولار

قال أسامة نوفل، مدير عام السياسات فى وزارة الاقتصاد الفلسطينية بغزة: «منذ إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عن مبادرة إعادة الإعمار وتخصيص ٥٠٠ مليون دولار لها، بدأت القاهرة تنفيذ عمليات عاجلة لإزالة الأضرار من إرسال آليات وعمال ومتخصصين إلى القطاع، وكان لذلك أثر كبير جدًا لدى الفلسطينيين، ما منحهم الأمل فى إعادة بناء منازلهم المدمرة».

وأضاف «نوفل» أنه كان أمرًا جديدًا أن يحضر وفد هندسى رفيع المستوى من مصر إلى غزة، كما أن القاهرة نظمت عدة اجتماعات مختلفة مع القطاع الخاص والحكومة والوزارات المختلفة داخل القطاع، وتوصلت إلى آليات لإعادة الإعمار وبناء الأبراج المدمرة، مع إعادة تصميمها من جديد.

ونقل عن وزارة الأشغال فى غزة قولها إن مصر ستبدأ إعادة الإعمار بشكل كامل خلال شهرين، والقاهرة تعهدت بسرعة إنجاز الأمر، كما أن هناك مشاورات تجرى الآن بين مسئولين فى غزة والقاهرة من أجل زيادة البضائع الواردة إلى القطاع، خاصة مواد إعادة الإعمار والبناء.

وواصل: «هناك بالفعل زيادة كبيرة فى إدخال البضائع المختلفة من مصر إلى القطاع عبر المعبر، خاصةً منذ انتهاء الحرب الأخيرة، حيث فتحت مصر أبوابها وأدخلت كميات كبيرة من مواد البناء خاصة الأسمنت، بالإضافة إلى السلع الأخرى، التى يندر وجودها فى غزة، فى ظل الإغلاق الإسرائيلى شبه الكامل لمعبر كرم أبوسالم».

وأشار إلى أنه قبل التصعيد الإسرائيلى الأخير ضد غزة، كانت نسبة ما يتم إدخاله من بوابة صلاح الدين المصرية نحو ١٣٪ من إجمالى واردات قطاع غزة، بينما فى الوقت الحالى، ومنذ انتهاء الحرب، ارتفعت هذه النسبة إلى ٤٥٪ من إجمالى الواردات، أى أكثر من ٣ أضعاف ونصف الضعف، وهو تطور إيجابى.

وقال: «لأول مرة يتم إدخال الفواكه المصرية إلى غزة بكميات كبيرة، ودخول الأسمنت بكميات كبيرة أيضًا»، مضيفًا أن القطاع يحتاج إدخال الحديد أيضًا.

وذكر أن متوسط إدخال البضائع إلى قطاع غزة من كل المعابر فى الأوضاع الطبيعية يصل إلى ٤٠٠ شاحنة، فيما بلغ متوسط ما أدخلته مصر الآن، منذ بدء وقف إطلاق النار، ١٥٠ شاحنة بضائع، بخلاف أكثر من ١٥٠ شاحنة مصرية أخرى محملة بمستلزمات مختلفة، أى بإجمالى ٣٠٠ شاحنة بضائع ومساعدات إنسانية.

ووصف ذلك بقوله: «هذا إنجاز كبير جدًا»، مضيفًا أن المعبر شهد تحسنًا كبيرًا للغاية فى إدخال البضائع عبر مصر، و«هناك أعمال بناء فى الجهة المصرية من معبر (صلاح الدين) لتطويره كمعبر تجارى».

وشدد على أن هناك وعودًا مصرية بإنشاء منطقة تجارية حرة مع غزة، وهو ما سيكون له تأثير كبير للغاية على تقليل نسبة البطالة فى القطاع، التى بلغت ٥٢٪، بينما فى ظل هذه المنطقة التجارية يتوقع أن تنخفض إلى أقل من ٢٠٪.

وقال إن الوعود المصرية تضمنت إعادة بناء ٨ أبراج دمرت فى غزة نتيجة التصعيد الإسرائيلى، وبناء كبارى وتدعيم شاطئ بحر غزة بجدار عازل، خاصة أن الشاطئ أوشك على الانهيار بشكل كبير، وإنشاء محطة توليد كهرباء أو تدعيم الحالية داخل القطاع، وإنشاء منطقة صناعية تجارية حرة.

وأشار إلى أنه تم تسليم تصميمات إعادة بناء الأبراج إلى وفد مصرى خلال الأسبوع الماضى، بالإضافة إلى أنه يجرى العمل الآن مع الشركات المصرية للوصول إلى التصميمات النهائية لهذه الأبراج، وكذلك للمشاريع الأخرى.

وأكمل: «حقيقة، وجود الآليات المصرية والعمال الذين دخلوا غزة مهم جدًا، نظرًا لأن تل أبيب تمنع دخول مثل هذه المعدات إلينا عبر معابرها منذ نحو ١٦ عامًا، كما أن المعدات المصرية كانت لها أهمية قصوى فى إزالة ركام الأبراج العالية التى تم هدمها، ولولاها لما استطعنا حتى الآن الانتهاء من رفعها، كما أنها بدأت تنهى أعمالها بشكل كامل هنا، وستختمه خلال أيام».

وقال: «نحن ننتظر أن يأتى وفد اقتصادى مصرى إلى غزة خلال أيام، وستتم خلال الزيارة مناقشة إعادة الإعمار الاقتصادى هنا مثل المصانع والقطاعات التجارية، وقطاع الخدمات، ونتوقع أن عملية إعادة الإعمار لن تركز على قطاع واحد بعينه دون الآخر».

وحول القطاع الصحى، قال «نوفل» إن «نحو ٩٥٪ من أدوات فحص كورونا تأتى إلينا عبر بوابة (صلاح الدين) المصرية»، موجهًا الشكر للقاهرة على جهودها فى إدخالها جميع أدوات الفحص واللقاحات ضد الوباء، وموجهًا الشكر أيضًا لدولة الإمارات لتبرعها بجرعات من اللقاح التى تم إدخالها عبر مصر.

وتابع: خلال التصعيد الأخير دمر الطيران الإسرائيلى المركز الرئيسى لإجراء فحوصات «كورونا»، ولكن تم تزويد غزة بمعدات فحص «كورونا» ولقاحاته فى شاحنات المساعدات التى قدمت من مصر إلينا، وهو ما أسهم بشكل أساسى فى عودة إجراء الفحص وتطعيم الفلسطينيين باللقاحات، وهى كلها جاءت عبر المعبر المصرى.