رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: عقل المسلم يتحكم في اختياراته ووضع برامجه وأهدافه

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية، إن عقلَ المسلم يكون مجموعةٌ من الإدراكات العقلية، وهي التي تتحكم في المسلم عند نشاطه واختياراته ووضع برامجه وأهدافه، حتى إذا ما غابت هذه الإدراكات عن ذهن المسلم، فإنه يتخبط ويفقد المعيار السليم للقرار السليم، ويضع استراتيجيات أخرى غير التي أمر الله بها، وهذه الإدراكات العقلية جزء من بناء النموذج الحضاري للإنسان وهي إفراز للسمات العقائدية التي تم تشييدها، وهي تتشعب على ثلاثة أقسام: إدراك صفات الله القائم على الإيمان بوحدانيته، وإدراك الواقع المعيش القائم على الإيمان بالتكليف، وإدراك سنن الخلق القائم على الإيمان باليوم الآخر.


وتابع "جمعة"، عبر صفحته الرسمية قائلا إن كل قسم من هذه الإدراكات قائم على سمة من سمات العقيدة، فالإنسان المفكر يتكون من عقيدة راسخة وعقل مُدرك، وبهما يفهم الإنسان محور حضارته وقواعدها ومقاصدها فلا ينحرف عن الطريق المستقيم الذي أمر الله تعالى باتباعه، وهذا الطريق المستقيم هو الفارق بين حضارة الإسلام وغيرها من الحضارات، ولهذا يدعو المسلم ربه عز وجل في كل ركعة في صلاته أن يهديه إليه: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة:١-7].


يؤمن الإنسان المسلم بالمطلق لأنه آمن بأن الله لا نهائي ولا محدود، وهذا الإيمان باللانهائي واللامحدود قائم على إدراك الإنسان لصفات الله عز وجل وأسمائه، فأسماء الله الحسنى التي وردت في القرآن والسنة تمثل الهيكل التربوي للمسلم. قال سبحانه وتعالى: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف:١٨٠]، وهذه الأسماء والصفات يمكن تقسيمها إلى صفات جمال: كالرحمن والرحيم، والعفو والغفور، وصفات جلال: كالمنتقم الجبار، الشديد المحال، وصفات كمال: كالأول والآخر، والظاهر والباطن، والضار والنافع. والمؤمن يدرك صفات الجمال فيتخلق بها، فيعفو ويصفح ويرحم، ويدرك صفات الجلال فيتعلق بها، فيمسك نفسه عند الغضب ويصد نفسه عن شهوة الانتقام ولا يعلو ولا يستكبر، ويدرك صفات الكمال فيصدقها ويؤمن بها، والتخلق بالجمال والتعلق بالجلال والإيمان بالكمال من مكونات العقل المسلم القادر على بناء الحضارة.


وأضاف "جمعة" أن على الإنسان المسلم إدراك الواقع بعوالمه المختلفة، فالواقع عوالم خمسة: عالم الأشياء، عالم الأشخاص، عالم الأحداث، عالم الأفكار، وعالم النظم. ويمكن أن نضيف إليها كل يوم ما يتناسب مع استقراء الواقع، وتحليل مكوناته. وهذه العوالم الخمسة في غاية التركب والتداخل، وليست منفصلة بأي صورة من الصور، مما يجعل من إدراك العلاقات البينية بين كل عالم فيها مع العوالم الأخرى جزءا لا يتجزأ من فهم الواقع الفهم الدقيق الواضح، وأيضا لابد علينا أن ندرك أن هذه العوالم ليست ثابتة، ولذلك فلابد من تفهمها في تغيرها الدائم المستمر باعتبار أن هذا من سنن الله في كونه: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن:٢٩].