رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سعيد عبده: اتحاد الناشرين مهنى ولسنا منظمة سياسية.. والقانون معيار اختيار الأعضاء

الناشر سعيد عبده
الناشر سعيد عبده

قبل نصف قرن تأسس اتحاد الناشرين المصري، معتمدا على عضويات لا تجاوز العشرات، وفي عام 2021 أصبح بيتا لأكثر من 1200 ناشر، وخلال السنوات التي أعقبت يناير 2011، مر الاتحاد بعدد من المحطات التي عصفت بعضها بأركانه، لكن رغم ذلك ظل اتحاد الناشرين المصري عصيا على الانهيار، مستمرا في مسيرته للدفاع عن حقوق الناشرين، داخل مصر وخارجها.

 

وفي السنوات الأخيرة عهد مجلس إدارة اتحاد الناشرين المصري، برئاسة الناشر سعيد عبده، بإعادة تنظيم الصناعة، من وضع ضوابط، وتفعيل قوانين، وتنقية جداول أعضاء الاتحاد من أي دخلاء على المهنة. وخلال السنوات الخمسة الأخيرة قدم مجلس إدارة الاتحاد الحالي العديد من الإجراءات من أجل ضبط الصناعة، لكن تظل هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة، أو توضيح، وفي ذلك الحوار يجيب سعيد عبده على ما يتعلق بالصناعة خصوصا ما تأثر منها بجائحة كورونا منذ يناير 2020.

 

فإلى نص الحوار:

 

قبل سنوات كانت تنشر العديد من الكتب لدور نشر غير عضو باتحاد الناشرين المصري، وتم تعطيل ذلك مع مجلس الإدارة الحالي، ما الأسباب؟

 

يتضمن قانون اتحاد الناشرين منذ تأسيسه مادة، تفيد بأن كل من يمارس مهنة النشر لابد أن يكون عضو اتحاد ناشرين، وهى مادة مهمة جدا لكن للأسف كانت غير مفعله، وتم تفعيلها مع مجلس الإدارة الحالي؛ لأننا أصبحنا أمام نوعين من الاقتصاد، غير رسمي، وهو كيان كبير جدا ربما يوازي أو يزيد على عدد الأعضاء المسجلين والعاملين بشكل رسمي، فكان من الضروري تنشيط تلك المادة بعد التعرض لمجموعة من الأزمات، منها إصدار كتب بأرقام إيداع ثم نكتشف أن المحتوى مخالف للمضمون الذي حصل من أجله على رقم إيداع، أو نجد أننا أمام دور نشر وهمية تصدر كتبا وعند البحث عنها لا نجد تفاصيل عنها.

 

هناك أيضا جانب تنظيمي، مثل أي نقابة وأي مهنة في مصر، لابد أن يكون لها جانب تنظيمي، يتعلق بمثل بجوانب إحصائية عن عدد الناشرين الموجودين في مصر، وتخصصاتهم، فهناك ناشر متخصص في كتاب الأطفال، وناشري الكتب الدينية والتراث، النشر العام، النشر الأكاديمي والمتخصص، هذا التصنيف يعطي انطباع جيد لحركة النشر في مصر، أيضا يساندنا ذلك في تطوير مهارات العاملين في الدور تحت تلك التصنيفات 

 

هل هناك دوافع أخرى خلف اهتمام الاتحاد بتلك المسألة التنظيمية في مجلس الإدارة الحالي؟

 

هناك جزء غير مهني كان يتم سابقا، مثل أن يكون هناك مواسم للحصول على أرقام ايداع، مثل معرض الكتاب، المشكلة هنا في حدوث تكالب على أرقام الايداع في تلك المواسم، علما بأن تلك الأرقام يتم التعامل معها احصائيا أنها الرقم الحقيقي الذي صدر من الكتب، لكن ما يحدث عكس ذلك، فنجد ناشر في خطته للمعرض 30 كتابا، يحصل لهم على أرقام إيداع بأسماء الكتب، ثم تنتهي السنة المالية ولم يصدر الناشر سوى خمسة عناوين فقط، هنا تكون المشكلة أنه تم تسجيل 20 ألف رقم إيداع في دار الكتب، لكن المنشور فعليا هو أقل من ذلك.

 

ويهدف ذلك التنظيم إلى الحفاظ على ذاكرة مصر الورقية، ثانيا التدقيق في البيانات الفعلية المتعلقة بالكتب المنشورة.

 

ويجب التأكيد في النهاية على أن الاتحاد أو النقابة منظم للمهنة في المقام الأول، ثاينا حل مشاكل الناشرين، ثالثا التطوير المهني.

 

ما هى أبرز المؤسسات التي انضمت للاتحاد مع تفعيل نص القانون؟

 

مع تفعيل مادة القانون سجلت مثلا جميع الكنائس التي تصدر مطبوعات كأعضاء اتحاد ناشرين، الأزهر وفروعه، الجامعات، الوزارات التي تصدر دوريات منتظمة وتحصل على أرقام إيداع، مركز المعلومات في مجلس الوزراء عضو، استجاب لنا أيضا وزير التعليم العالي وأصبح العديد من الجامعات التي تصدر دوريات وكتب تحصل على أرقام ايداع أعضاء في اتحاد الناشرين.

 

هل تستطيع أي مؤسسة أو دار نشر غير عضو في الاتحاد أن تصدر كتبا؟

 

لا يستطيع أي ناشر غير عضو بالاتحاد الحصول على رقم إيداع، ولو حدث ذلك تعتبر جريمة طبقا للقانون، مع الوضع في الاعتبار أن القانون لا يمنع الجريمة بالكلية، فقط يحد منها.

 

لكن للائحة الاتحاد تشترط في الناشر طالب العضوية أن يكون أصدر كتبا بالفعل حتى يحصل على العضوية.

 

هى مادة متعلقة بجيل الرواد الأول في الصناعة، لكن الأن حتى تكون عضوا في الاتحاد يجب أن تكون حاصلا على مؤهل عالي أو ممارس للمهنة، سواء في دور نشر أو أصدرت بعض العناوين، مثلا قبل تطبيق قانون النشر فترة الرواد الأول كانوا يمارسون المهنة دون حصولهم على مؤهلات عالية، وفي الحقيقة كانوا أكثر حرفية وأكثر احتراما للقواعد العامة من غير قانون، وأتمنى أن يتعلم الشباب من تجاربهم الناجحة.

 

الانفلات الأمني الذي أصاب مصر بعد أحداث يناير 2011 كان سببا في تسرب العديدين إلى عضوية الاتحاد، هل ذلك هو السبب خلف مساعي الاتحاد إلى تنقية الجداول من الأعضاء المخالفين مؤخرا؟

 

نحن اتحاد مهني، لسنا منظمة سياسية، أو اتحاد سياسي، ولا أذكي فصيل على فصيل، الاتحاد المهني ينظم مهنة لصناعة النشر فقط، كون أنك مسيحي وأنا مسلم، أو شخص يهودي أو شخص يساري وآخر يمينى أو اخوان مسلمين ذلك لا يشغلني.

 

بالطبع ظلت بعض دور النشر في الإخوان زملاء في الاتحاد، لكن ذلك مشروطا بان تمارس عملك دون ارتكاب جريمة أو الخروج على القواعد العامة، ساعتها أهلا وسهلا. القانون فقط هو المعيار الحاكم في اختيار عضو الاتحاد، مثلا يفترض أن تكون حسن السير والسمعة والسلوك، فلو شابتك شائبة تؤثر على عضويتك في الاتحاد يتم احالتك إلى لجنة القيد والتأديب، لكن ليس معناها أنك لو ارتكبت خطأ ستظل تحاكم عليه العمر كله، لكن اذا أخطأت وتبت أهلا وسهلا.

 

تعاني صناعة النشر من سطوة مزوري الكتب، وهى منطقة اهتم بمواجتها مجلس الإدارة الحالي، ما هي أهم المستجدات في تلك المسألة؟

 

بالنسبة لشق التزوير، أقول إن أي مهنة فيها دخلاء، ليس النشر فقط، دائما الانسان المستعد للخروج عن النص ما يكون جاهزا، ومن يسعى للحصول على المادة دون وضع اعتبار للقانون والدين فقط يسعى وراء المال دائما ما يكون مستعدا للوقوع في فخ الخطأ.

 

الآن مثلا حين تصدر دار نشر كتاب ناجح ثم يتم تزويره فهي مشكلة كبيرة، والكتب الناجحة في دور النشر قليلة، مع العلم أن هناك دراسة واحدة عن صناعة النشر قدمتها دار المعارف، من خلال المركز العربي للبحوث والإدارة أراك التابع للمؤسسة، وذلك في السبعينيات، قبل أربعة عقود. وهى دراسة عن سوق النشر، ترشدك كناشر في التعامل مع الصناعة، من تأليف دكتور سيد أبو النجا.

 

أغلب الناشرين يعتمدون في عملهم على التجربة فالخطأ فالتعلم، لذلك وارد جدا في كل عشرة كتب نجاح كتاب أو اثنين، هنا ينتهك المزور حقوق كتابك النجاح، الذي ينتظره الناشر ليدعمه ماديا في استكمال مهمته كناشر.

 

في سياق متصل، للأسف الكثير من المطابع غير المسجلة تعمل على طباعة كتب دون احترام حقوق الملكية الفكرية، وقد طالبت أكثر من جهة رسمية تحديد المطابع المسجلة، وحصلت على بيان من غرفة الطباعة بالمطابع المسجلة، وطالبت بتسجيل المطابع في دائرة كل قسم. بالتالي أستطيع السيطرة عليها حماية للصناعة، نحن نجتهد لكن من الصعب أن يقدم شخص واحد كل شئ.  وللأسف أيضا التزوير مغري مثل تجارة المخدرات، مكسبه سريع. 

 

لماذا تأجل إصدار قانون جديدا يساير التطورات الكبيرة في صناعة النشر؟

 

الظروف السياسية التي مررنا بيها كان لها أثر كبير في تأجيل إصدار قانون جديد لصناعة النشر وحقوق الملكية الفكرية، وقد سبق وعرضنا الأمر كاتحاد بصحبة الأستاذ محمد رشاد رئيس الاتحاد الناشرين العرب، ثم أجرينا تعديلات وقدمنا المقترح من جديد، بعد حوارات مجتمعية أجريناها في الاتحاد.

 

لكن أود أن أقول أن المشكلة ليست في غيبة التشريعات، لكن في التطبيق على الأرض، الدستور الأمريكي يضم 7 مواد، لكن في مصر لدينا عشرات ومئات القوانين، ومع ذلك نراها لا تكفي، وما يحدث يكون نتيجة عدم فهم وعدم إلمام معظم الناس بخطورة إرتكاب جريمة التزوير.

 

الحديث المتكرر عن إصدار قوانين جديدة وعن خطورة الكتاب المزور يدفعنا للسؤال عن مؤشرات تلك الخطورة على الصناعة؟

 

عائد الإبداع لدينا غير مضمون، بسبب التزوير، لكن المؤلف لو حصل على نتاج إبداعه سيستمر في الابداع. إلى جانب أن مكونات الصناعة، من مؤلف ومطبعة وناشر وشركة توزيع وقارئ، جميعهم يتضرروا من التزوير، وذلك معناه تعطل الصناعة في العام.

 

البعض يردد أن سوق الكتاب المزور في مصر هو الأكبر عربيا أو أن مصر هى السبب في ذلك.. فما هو رأيك؟

 

بالعكس، أصل التزوير خارج مصر، وكانت هناك مافيا تعمل ذلك عانينا منها بشكل خاص في دار المعارف، سلسلة اقرأ كمثال كانت تصدر ثم نفاجأ بها مزور في اليوم الثاني في الدول العربية، أيضا السلسلة الخضراء، ومن دور نشر عربية معروفة .

 

لكن من المهم أن نوضح أن تجارة المخدرات مثلا لها مافيا على مستوى العالم، لكن هناك دول بدأ فيها ذلك ثم انتقلت العدوى من دولة لأخرى طمعا في الربح السريح.

 

وفي مصر استشرت الظاهرة لاحقا بعد ظهورها في دول عربية، في ظل حالة التفكك التي وجدت بين أعوام 2011 و 2013، والأن توجد عشرات الدول التي يمارس على أرضها تزوير الكتب، وتوجد في كل دولة مافيا للتزوير، وللأسف نجد بعض الهيئات الحكومية والجامعات في بعض الدول العربية تشتري ذلك المنتج المزور وهى جريمة أكبر، المفترض أن تلك الهيئات لا تروج للكتاب المزور.

 

ماذا قدم اتحاد الناشرين المصري في سبيل مواجهة ذلك؟

 

سعينا مع اتحاد الناشرين العرب لتوحيد قوانين الملكية الفكرية لكن بعض الدول لم تستجب لذلك، أحيانا في بعض الدول العربية يسجن الناشر الأصلي، ثم نكتشف أن المزور هو من حبسه، ونضطر للتدخل لحماية الناشر المصري صاحب الحق الأصلي في ملكية الكتاب، وهى كارثة بالفعل، هناك دول تتعامل بتهاون مع المسألة.

 

ما هى أسباب ذلك التهاون من وجهة نظرك؟

 

الإجراءات عقيمة، وأحيانا الخواطر، وتبني كل واحد لابن بلده، وهو ما يضيع حق الناشر والمؤلف.

 

وفيما يخص مصر يجب الإسراع في اعتماد قانون جديد لحقوق الملكية الفكرية والنشر، حتى قانون النشر ولائحة الاتحاد، يجب تقديم ما هو مناسب للتطور الحادث في الصناعة، لكن حتى الأن لم يحدث جديد، وأتمنى أن تخرج تلك القوانين من عباءة وزارة الثقافة.

 

ما هى أبرز المشاكل التي كشفتها كورونا تتعلق بمهنة النشر أو صناعة النشر في مصر؟

 

أبرز ما واجهناها أن وزارة الصناعة لا تعتم النشر كصناعة، وهى المسألة التي كشفتها أزمة كورونا، أن دور النشر لا تتعامل مع المؤسسات الحكومية باعتبارها صناعة .

 

وعندما منح الرئيس عبد الفتاح السيسي 100 مليار جنيه للصناعات المتضررة من كورونا،  طلبنا وضعنا ضمن المتضررين، لكن فوجئنا أنه لا يتم التعامل معنا كصناعة. وعندما تواصلنا مع اتحاد الصناعات ووزارة الصناعة ووزارة الثقافة، وجدنا أن السبب الأكبر في ذلك ضعف البيانات الرسمية المتعلقة بصناعة النشر!

 

تبين أنها صناعة القائمين عليها جزء كبير منهم ثقافته محدودة لا يعي ماهية الصناعة، كيانات متوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر، تستطيع أن تقول عنها كيانات هشة، مع الأزمة توقف جزء كبير منها، وتضرر ضررا فادحا ولو استمرت الجائحة سيزيد التضرر.

 

ما المقصود بغياب البيانات الرسمية المتعلقة بصناعة النشر؟

 

الاقتصاد غير الرسمي أكبر بكثير من الاقتصاد الرسمي، نموذجا لذلك عندما عملت بالتعاون مع مجموعة من النقابات لوضعنا تحت عباءة قانونية تستفيد من خدمات وزارة التضامن، وعدد النقابات مجتمعة 32 ألفا، وجدنا أن الناشرين يمثلون من ذلك الرقم ألف فقط، فقال أحد المسئولين أننا ألف فقط وأن هناك نقابات تضم آلاف وهى الأحق بتلك المميزات،  فقلت له إننا لسنا ألف فردن لكننا ألف شركة، توجد شركة عائلية صغيرة تتكون من 5 وأخرى تتكون من عشرين وأخرى من ألف، لكن قواعد البيانات الرسمية لا توجد بها عدد من يعمل بمهنة النشر، حتى بيانات الرقم التأميني نملك فقط بيانات أعضاء الاتحاد، وليس العاملين في المنشأة.