رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ لن ننساه (6)

  • مذبحة أسيوط وتنصيب مبارك

لم يكن في الإمكان عمل جنازة شعبية للسادات على غرار جنازة عبد الناصر، فقد ألقت الظروف التي مرت بها البلاد ظلالا من الخوف من احتمالات قيام العناصر الهاربة بتنفيذ مخططهم واغتيال باقي أركان الدولة.
وقد كان!
في فجر يوم 8 أكتوبر1981 قام تنظيم الجهاد باقتحام مديرية أمن أسيوط، وكان هذا تكملة لمخطط بدأه تنظيم الجهاد للاستيلاء على الحكم في مصر بعد اغتيال رئيس الجمهورية ووقوع حالة من الانفلات الأمني. فقد كان في تخطيطهم الاستيلاء على مدينة أسيوط والزحف منها الي الجنوب، وعزلها عن باقي الدولة بكل مؤسساتها. كان الاتفاق ان تقوم مجموعة أسيوط بالتنفيذ عندما يصلهم ما يفيد تنفيذ عملية اغتيال رئيس الجمهورية، وعندما علم ناجح إبراهيم بنبأ الاغتيال قام بعقد اجتماع لمجموعة أسوط وتم الاتفاق على تنفيذ العملية فجر 8 أكتوبر , 9 ذي الحجة وكان يوم الوقوف بعرفات.
تشكلت لهذا الغرض ثلاث مجموعات.
فقد هاجم أفراد تنظيم الجهاد أسيوط بمجموعات مسلحة بالمدافع الرشاشة والقنابل مديرية أمن أسيوط، وقتلوا جميع أفراد حرس المديرية واستولت على أسلحتهم، ثم تحصنوا داخل مبني المديرية واحتلوه، وفي نفس الوقت هاجمت مجموعات أخري متعددة أقسام ونقط الشرطة ومواقع تمركز قوات الأمن المركزي التي كانت منتشرة بالمدينة وقتلوا حوالي مائة ضابط وجندي وأصابوا مائة وخمسين، واستولوا على عدد كبير من أسلحة الشرطة. كما قتل 20 مواطنا ممن تصادف وجودهم بالقرب من أماكن الضرب.
الأولي : تحركت ناحية تشكيل الأمن المركزي الموجود أمام مباحث التموين بوسط البلد .وقاموا بإطلاق أعيرة نارية علي القوات فقتلوا ثلاثة وأصابوا سبعة آخرين , وهرب جنود الشرطة وتركوا سيارة الشرطة , قادها احد أفراد المجموعة حتى وصلوا الي نقطة شرطة إبراهيم وقاموا بإطلاق الرصاص علي أفرادها فقتلوا اثنين وأصابوا عشرة وتوجهوا الي قسم أول أسيوط , تنبهت القوات الموجودة أمام قسم أول فأطلقوا الرصاص علي السارة التي يقلها أفراد التنظيم بمجرد ظهورها وأصابوا عدد من أفراد المجموعة , ولكنهم تحاملوا علي أنفسهم وتوجهوا الي مديرية امن أسيوط .
الثانية: كان أفرادها يرتدون ملابس الشرطة، وتوجهت ناحية مركز ناصر بأسيوط، وأثناء تحركهم تصادف وجود سيارة إسعاف، فقاموا بالاستيلاء عليها، وصادفهم لوري شرطة عند نفق أسيوط يقف لحراسة منطقة المساجد والكنائس المجاورة. قامت المجموعة بإطلاق النار عل لوري الشرطة واستولوا على ثلاث بنادق آلية وأسلحة أخري وتوجهوا الي مديرية الأمن.
عند بوابة المديرية ألقيت قنبلة يدوية، حيث فر جنود الحراسة، وأخليت البوابة تماما للمهاجمين، وصعد أفراد المجموعة الي السلم المؤدي إلى الدور الثاني، قابلهم العميد رضا شكري ضابط عظيم المديرية الذي كان نائما واستيقظ علي صوت القنبلة، أطلقوا عليه أكثر من ثلاثين طلقة، وواصلوا اقتحامهم للمديرية، توجهوا الي مبني مباحث أمن الدولة في المبني الملاصق بغرض احتلاله والاستيلاء على التقارير والأوراق الخاصة بهم، تصدي لهم المقدم أحمد ممدوح كدواني. استولت تلك المجموعة على أسلحة واستقلوا سيارة شرطة كانت تنقل القوات للمديرية وقادوها الي منطقة الحمراء وهناك استولت المجموعة على سيارة ملاكي وهربوا بها.
الثالثة. اتجهت إلى قسم ثاني أسيوط. وكان رجاله في حالة يقظة بعد أن أيقظتهم القنبلة التي ألقيت على مديرية الأمن واستعدوا لهم أبادوا أفراد تلك المجموعة.
توالي وصول التعزيزات لمبني المديرية. وحاول مدير الأمن اقتحام المديرية فوجد الجثث مكدسة عند الباب فقام بتكليف نائبه بمحاولة اقتحام المديرية عن طريق سيارة لوري، ولكن أعضاء الجماعة تنبهوا له، فترك السيارة، وهي السيارة التي استخدمها أفراد المجموعة الثانية وهربوا بها الي جنوب المدينة. أرسلت تعزيزات للمديرية من القاهرة بقيادة اللواء حسن أبو باشا مساعد أول لوزير الداخلية، وتمكن بعد يومين من السيطرة على المدينة وضبط عدد كبير من عناصر التنظيم، وأعيد السلاح الذي سرق من المديرية بأكمله.
في منتصف شهر نوفمبر تم القبض على كل أفراد التنظيم وتمت تصفية مواقف جميع المتهمين سواء بالإحالة الي النيابة العامة أو الإفراج.
وفي يوم 9 أكتوبر أبيدت المجموعة التي استولت على مديرية الأمن عن آخرها. وتوالي القبض على الهاربين وتم تقديمهم الي القضاء العادي في القضية رقم 48 لسنة 1981 جنايات أمن دولة عليا.
فور تأكد السيد محمد حسني مبارك نائب الرئيس من وفاة الرئيس، انتقل الي مجلس الوزراء، وطلب اللواء النبوي إسماعيل من نائب الرئيس استعجال إجراءات تسمية وتعيين رئيس الجمهورية الجديد. لأن هناك نوايا خلافات بدأت تظهر في الأفق.  كان النبوي إسماعيل متشككا في نوايا الفريق أول كمال حسن علي نائب رئيس الوزراء. ووزير الخارجية. في الاجتماع، طرح الموضوع للمناقشة، فصمم كمال حسن علي على ضرورة استكمال فترة الستين يوما التي نص الدستور عليها قبل اختيار رئيس الجمهورية الجديد، ولكن النبوي إسماعيل أصر على إجراء إجراءات اختيار رئيس الجمهورية.  وتم استدعاء الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب ليتولى رئاسة الجمهورية لفترة انتقال حتى تنتهي إجراءات ترشيح رئيس الجمهورية أمام مجلس الشعب.
كان أول قرار فرضه الرئيس المؤقت هو فرض حالة الطوارئ في البلاد بالقانون رقم 560 لسنة 1981 , وقد ظلت حالية الطوارئ سائدة حتى عام 2011. 
يتبع