رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وطن بحجم المجرة ونيل بعمر الدنيا

(وجه الكنانة لا يغضب ربكم أن تجعلوه كوجهه معبوداً  ولوا إليه في الصلاة وجوهكم وإذا رقدتم فاعبدوه هجوداً) 
هكذا تحدث أمير الشعراء أحمد شوقي عن أرض الكنانة و الوطن الذي إن شُغل بالخلد عنه راودته اليه في الخلد نفسه هكذا هو الوطن عند مواطنيه المحبين أبناء كيميت المؤمنين بقوانين الماعت الـ ٤٢ و التي سبقت الأديان الإبراهيمية في إرساء دستور لمكارم الأخلاق الذي جاء نبي الإسلام ليتممها كما تحدث في خطبة وداعه للمسلمين والبشرية جميعاً.

الوطن ليس حفنة من تراب عفن كما كان يرى مرشد الجماعة الذي أسقطته ثورة الثلاثين من يونيو وأسقطه أبناء أحمس وحورس ورمسيس وأخناتون ومينا وكل من زرع في واديه حكمة ونبات طيب لا شيطاني ولا طفيلي إنه وطن يسري في شرايينه نيل لا يصل ولا يتوه  فقط يسري ويسير ويستمر في سريانه لتمتلىء كل العروق.

من يستطيع سد سريان النيل في شريانه بسد يظنه منيع ؟
من يشيد سداً ليمنع سريان النيل و تدفقه في أوردته؟
هل يريد أن يقطع بسده تلك الأوردة والأوصال فيفضي ذلك للموت الحتمي؟ ومن يقتل يُقتل وجزاؤه القصاص وبناء على ما سبق تكون محاولات التصدي للسد ليست اعتداءً ولا عدوان إنه القصاص.. وفي القصاص دوما حياة والنيل هو مصدر الحياة وشريانها الأكيد وإن أردتم حساب عمر النور في الدنيا سيؤرخ لذلك بعمر النيل.
فمن ذا الذي يقوى على منع تدفق النيل وسريانه؟!
من يستطيع التحكم في تلك السرمدية؟
من الذي بإمكانه أن يمنع تلك الديمومة وتلك السيرورة الربانية؟ 
من يمنع أو يحاول ذلك آثمُ وعادٍ ستصيبه حتماً لعنة النيل وأجداده القدماء وأحفاده المتيقظين
من يريد إغراق الأرض وخيراتها أو تعطيش من يعيش على أرضها أو تلويث مياه النيل ستقف له الماعت وقوانينها الأزلية بالمرصاد 
من يفعل ذلك يدق حتماً طبول الحرب والحرب على المياه هي الحرب المرتقبة في العالم كله.. هي حرب الغد شأنها شأن الحروب البيولوجية التي نعيشها الآن وصد تلك الحرب ومنع عدوان السد الجائر ما هو إلا دفاع مشروع عن النيل وضفافه وأهله الذين عاشوا دهراً على تلك الضفاف الخالدة ولابد و أن يستميت الجميع لإنقاذ الجميع صد عدوان السد ليس حربا.. السد هو العدوان وهو الحرب والاعتداء الأكيد ومن يعتدي.. عليه تحمل العواقب  فلكل فعل رد فعل والبادي أظلم ومن يتمادى في الباطل يكون الباطل حليفه ويكون الخسران مآبه ومنقلبه ومن ينفخون في الكير عليهم إثم المحرضين والأريسين أما من سوف يتحفظ أو يستشعر الحرج فلا مكان له بيننا الحياد في موقف كهذا خيانة فإما الانحياز للنيل وأهله وضفافه وإما الاصطفاف مع المعتدين فالنيل هنا والنور هنا أما العتمة والسدود فهي هناك.. على الضفة الأخرى لا ضفتنا ولا جبهتنا 
والمصريون يعرفون جيداً أين جبهتهم ولديهم بوصلة لا يتوهون عنها ويتقنون فن العبور عبور الضفاف جزء أصيل و مشهود لهم في تاريخهم 
ودوما الحاضر لصيق بالماضي والماضي مشهود عليه من الجميع الماضي العريق وانتصاراته تخيم دوما بظلالها على الحاضر وترسم لنا المستقبل و لمصر نحن منحازون.. نعم نحن منحازون لمصر ونيلها وسيادتها على ضفافها.. نعم نحن منحازون و متحيزون بل وشيفونيون.. فهي تهمة لا ننكرها و شرف ندعيه و نفتخر به.