رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث بدار الإفتاء يوضح المغالطات حول مفهوم التطرف من منظور علم النفس الاجتماعي

دار الإفتاء
دار الإفتاء

كشف محمد حبيب، الباحث بدار الإفتاء المصرية، والخبير في علم النفس الاجتماعي، خلال موسوعته “علم نفس التطرف وسيكولوجية التطرف الإلكتروني وكيفية التعامل الأمثل معه”، والتي تعد الموسوعة الأولى المتخصصة في التطرف والإرهاب من منظور علم النفس الاجتماعي، أن هناك العديد من المغالطات والتصورات الخاطئة  التي تتعلق وترتبط بتعريف التطرف من المنظور النفسي والبحث فيه، وتتعارض مع أسس وبديهيات علم نفس التطرف.

ورصد خلال الموسوعة 10 أسباب من المغالطات والتصورات من المنظور النفسي والتي جاءت كالتالي:

1 - عدم تحرير مصطلح التطرف أو عدم تحديد معناه:


من الخطأ تناول التطرف من المنظور النفسي دون تحديد المقصد الصحيح له ولذا فإن العلم بحقائق الأشياء والوعي بمفاهيمها لابد من أن يكون أساسًا لتضييق دائرة الخلاف أو لإزالته فضلًا عن القدرة على دراسته دراسة سليمة؛ فحكم الإنسان على أي شيء أو على أي مبدأ راجع إلى التصور الموجود في ذهنه، لذلك فعلماء المنطق عبروا عن هذا بعبارة صحيحة، وهو قولهم: الحكم على الشيء فرع عن تصوره. فإذا تصورنا الشيء على خلاف ما هو عليه في الحقيقة سيختلف حكمنا عليه، والتصور الخاطئ للمصطلح أو للمفهوم يترتب عليه تفسير خاطئ، ولذا فمن الأخطاء الشائعة في دراسة التطرف والتي تزيد من صعوبة فهمه هو عدم تحديد المعنى الدقيق للتطرف.

2 - الخلط بين التطرف والإرهاب:


التطرف يختلف عن الإرهاب وهذا لا يمنع العلاقة بينهما والتي تتمثل في أن أغلب حالات الإرهاب سببها اعتقاد متطرف ولكن لا نكاد نجد من يفصل بينهما عند دراسة أحدهما؛ فمن الخطأ الشديد الخلط بينهما لأن لكل منهما نظرياته وأسبابه وأشكاله حتى طرق علاجه؛ فالتطرف مبني على أفكار وأيدولوجيات، أما الإرهاب فهو فعل عدواني وإجرامي.
وليس شرطًا أن يكون هدف المتطرف هو تخريب أو إضعاف وحدة المجتمع أو إتلاف عقول النشء بأفكاره، بل هناك متطرفون كُثر لا يقتنعون ولا يقصدون ذلك في الإساس ولكن اقتناعهم بهذه الأفكار المتطرفة يكون هدف شخصي وذاتي بحت.

3 – حصر التطرف في مجال الجانب الديني أو إلصاقه بدين معين:


التطرف مجاله واسع جدًا ولكن أغلب الكتابات تحصر التطرف في الجانب الديني، وهذا خطأ فاحش؛ فالتطرف بوجه عام حالة غير طبيعية من التفكير لا تستلزم حصرها في دين معين أو طائفة معينة فعندما تظهر الصفات المتطرفة يظهر التطرف، والتي لا تقتصر على الجانب الديني بل التطرف في كل مجالات الحياة؛ هناك تطرف رياضي، وتطرف اجتماعي أو طبقي وغيره من أشكال التطرف.

4 – غياب النظرة الحيادية أو المنهجية العلمية في أغلب دراسات وبحوث التطرف:


نجد أن غالبية من تكلم في التطرف إما محدد نظرة مسبقة ضد أو مع وجهة نظره مع ازدرائه وجهات النظر الأخرى فضلًا عن عدم عرضها بأسلوب حيادي بمعنى ممارسة التطرف من جانبه.

5 – عدم التسليم بتطور   ونمو   وتغيّر مفاهيم التطرف عبر الزمان والمكان:


علم نفس التطرف علم ثري ومتنوع وخصب ولذلك فهو لا يقف عند حدود الزمان والمكان، ولكن هناك العديد من الكتابات التي تتناول التطرف لا تأخذ في الاعتبار هذا التغيّر وتناقشه في إطار نمطي ومحدود.

 

6 – الاعتماد على استقصاءات واستبيانات أو دراسات لا تلائم الموقف أو الغرض:


قد تكون هناك صعوبات لجمع معلومات أو وجهات نظر أو آراء المتطرفين لصعوبة الالتقاء بهم أو لصعوبة طرح الأسئلة عليهم فيلجأ بعض الباحثين لأخذ عينة غير مناسبة وقد يكون أغلبهم من غير المتطرفين مطلقًا وهذا قصور شديد وخطأ فادح في المنهجية العلمية ويمكن الاستعاضة عنه ببديل رائع وهو جمع وجهات نظر المتطرفين من مذكراتهم أو اعترافاتهم أو تصريحاتهم أو منشوراتهم فستكون حتما بديل جيد للاستبيانات المدون فيها إجاباتهم.

7 – الاقتصار على التطرف السلبي دون الإيجابي:


من الأخطاء الخفية عند المتصدر للبحث في موضوع التطرف اقتصاره على التطرف السلبي والمتمثل في عدم التسامح مطلقا أو التعصب الشديد، بل يشمل التطرف الإيجابي أيضا والذي يتمثل في ضد كل هذه الصفات المعروفة فيشمل الانقياد التام للآخرين والتسامح المطلق معهم وغيرها من صفات ضعف الشخصية فكل ذلك تطرف لأنها صفات غير طبيعية.


8 – الاعتقاد بثبوت التطرف بمجرد التفكير فيه:
 

المتطرف لا يكون متطرفا بمجرد التفكير فيه فتقريبا كل الشرائع والأديان والقوانين لا تعاقب ولا تُذِم الإنسان بمجرد التفكير الطارئ والعرضي في التطرف أو في الصفات المتطرفة طالما لم تُحدث أي تغيير على الشخص فمجرد التفكير أو الوساوس المتطرفة دون الوصول إلى مرحلة الاقتناع أو التأثير على العقل أو على الآخرين لا تكون من التطرف.

9 - حصر التطرف في صفة واحدة دون غيرها كالتعصب فقط أو التشدد فقط:


لم يستطع أحد من المتخصصين حصر ظاهرة التطرف في صفة واحدة بوجه عام دون غيرها؛ وبرغم ظهور التطرف عند أحد الأشخاص في شكل صفة واحدة، ولكن هذا لا يعنى أن هذه الصفة دون غيرها هي محور التطرف، ولذا فإن عدم اتفاق المتخصصين على استخدام أحد هذه الصفات كمرادف للتطرف يفتح المجال للتمسك بمبدأ الجمع بين هذه الصفات وغيرها لتكون ضمن مفهوم التطرف وهو أمر يظهر جليا وبوضوح عند استعراض بعض صفات التطرف والتي تخرج من مفاهيم التعصب والتسلط والتصلب مثل الصفات الأخرى كالشكلية والمظهرية أو سوء الظن باستخدام التعميم ورفض الإبداع والميل للنمطية وكذلك صفة عدم التسامح مثلا لا تنطوي تحت التعصب لشخص قدوة أو لطائفة، ولهذا يمكن القول بأن التطرف حالة غير طبيعة تجمع عدة صفات مذمومة.

10 – قلة الاهتمام وعدم التوسع في دراسة التطرف من المنظور النفسي.


من الأخطاء الشائعة والتقصير في هذا المجال قلة الإنتاج العلمي في التطرف من المنظور النفسي وهذا خطأ كبير وتقصير هائل فقد كثر الاهتمام بدراسة التطرف من المنظور الإعلامي والسياسي والاجتماعي بخلاف المنظور النفسي والذي يُعد في رأيي من أهم المتطلبات لمواجهة هذه الظاهرة، وحتى الكتب التي ألفت في الموضوعات المشابهة من منظور نفسي كالاتجاهات التعصبية أو التعصب أو التسلط قليلة ولم تتطرق لظاهرة التطرف بأشكالها المعاصرة أو بصورتها الدقيقة في الواقع.