رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مش هي السبب».. حكايات فتيات أخذن حقوقهن من المتحرشين بدعم الأهل

تحرش
تحرش

قبل خمس سنوات من الآن، كانت ماريا مجدي، 29 عامًا، تتجول في أحد المولات الشهيرة، لشراء ما تبقى لها قبل زفافها فلم يعد أمامه سوى شهر واحد، وفوجئت بشخص غريب يتتبعها، توقعت أن يكون الأمر مجرد محاولات لاستفزازها ستنتهي إلا أنه استمر في ذلك.

تقول: "دلفت إلى أحد المحال وأثناء تجولي شعرت به يحتك بيّ من ظهري بشدة، فالتفت لأجده يسرع بعيدًا، تخيلت أن يكون الأمر عن غير قصد، لكنه تكرر ثانية، وفي تلك المرة أمسكت به وبدأت في الصراخ حتى اجتمع الناس وقررت الذهاب به إلى قسم الشرطة".

بالفعل ساعدها البعض على الذهاب لقسم الشرطة وقامت بتحرير محضر تحرش وتعدي له: "لم أفكر في رد فعل أهلي أو خطيبي كل ما كنت أفكر به حقي فقط، ولكنهم جميعًا دعموني في موقفي ولم أكن أتوقع ذلك أبدًا وتخيلت أنهم سيلقون اللوم عليّ".

دعم ذوي ماريا لها لعدم التنازل عن حقها ليس حالة فريدة، فهناك، حكايات كثيرة لفتيات تعرضن للتحرش وصممن على أخذ حقوقهن، ولم يخذلهن ذويهن بل وقدمن لهن كل الدعم، وترصد "الدستور" عدد من تلك الحكايات الخاصة.

تضيف ماريا: "قررت فسخ خطبتي لأن خطيبي ليس له ذنب في تحمل الضغوط المجتمعية التي تعرضت لها، بعيدًا عن عائلتي فإن نظرة الأقارب والأصدقاء كانت سيئة لذلك أردت أن أعفيه من تلك الأمور إلا أنه فاجئني بموقفه وتمسكه بيّ وإصراره على الاستمرار في القضية".

حبس المتهم ثلاثة أعوام بعد 8 أشهر عانت فيه ماريا معاناة شديدة لم يخفف عنها سوى موقف أهلها وخطيبها: "لولاهم لما استطعت الاستمرار في القضية وأخذ حقي، حتى يكون المتحرش عبرة للجميع، وليس كل الأهل يلقون اللوم على الضحية".

لا يوجد إحصاء رسمي عن التحرش في مصر، ولكن خرجت دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة خلال عام 2018، تقول أن أن حوالى 99% من النساء المصريات تعرضن لصورة ما من صور التحرش الجنسي، وأن 100% من النساء في مصر تعرضن لمرة واحدة للتحرش.

وفي عام 2018 احتلت مصر المركز الثاني في نسبة التحرش الجنسي على مستوى العالم، وبنسبة 64% من السيدات يتعرضن للتحرش والاعتداء الجنسي، وذلك وفقا لتقارير منظمات الدفاع عن حقوق المرأة العالمية كما احتلت مصر المركز الثاني في قائمة الاتجار بالنساء، وفقا لتقرير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان.

لم تكن ماريا حالة فريدة، فبالأمس قضت محكمة جنح مستأنف النزهة، حكمها في الاستئناف الذى تقدم به المتهم بالتحرش بفتاة المترو، فى القضية المعروفة إعلاميا بـ"متحرش المترو"، بالحبس سنة مع الشغل وغرامة 10 آلاف جنيه.

كانت محكمة الجنح قضت بالحبس 3 سنوات مع الشغل و20 ألف جنيه غرامة، على المتهم بواقعة التحرش بفتاة في مترو الأنفاق بالخط الثالث، واستمعت النيابة لأقوال المجني عليها، والتي كشفت عن أنها أثناء ركوبها قطار مترو الأنفاق العتبة للذهاب إلى محطة مترو عدلي منصور، وفي محطة قباء نزلت جميع الفتيات اللاتي كن يركبن القطار، ولم يتبق غيرها ثم ركب شابان وجلسا في آخر العربة وصعد الشاب المتهم وجلس أمامها.

وأضافت الفتاة أن شكل الشاب كان مريبًا فمنذ صعوده إلى العربة وهو يمسك بالجاكت الذي يرتديه، ثم جلس ولم تنتبه إليه وأثناء استعدادها للنزول في المحطة التالية شاهدت الشاب يتحسس أجزاء حساسة من جسده ويخدش حياءها فاتصلت بخطيبها الذى قال لها بأن لا تنظر إليه وتقوم بتصويره وبالفعل حاولت تصويره دون أن ينتبه وكانت في حالة رعب شديدة من أن يؤذيها.

وكتبت الفتاة أنها قدمت ببلاغ ضده من أجل أخذ حقها وعدم التنازل عنه، وتلقت دعم من خطيبها وأهلها منذ شهر مارس الماضي حين انتشر الفيديو وإلى الآن، بالاستمرار في القضية وعدم التنازل عنها ليكون عبرة لكل من يقوم بذلك الفعل.

وينص قانون العقوبات في المادة 306 مكرر (أ) على يعاقب المتهم فيها بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه، ولا تزيد على 5 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية.

وتنص المادة 306 مكرر (ب): يعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرر (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجانى من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

دعم غير متوقع تلقته عبير. أ، تعمل بإحدى المؤسسات الإعلامية، من أهلها حين تعرضت للتحرش اللفظي من أحد زملائها، فقامت بتحرير محضر له بتهمة التحرش الجنسي وقدمت شكوى في المجلس القومي للمرأة، بأنها تعرضت للتحرش اللفظي عبر عبارات جنسية وإيحاءات.

تقول: "تقدمت ببلاغ وشكوى ضده، وتخيلت أن شقيقي وأهلي سيقومون بإلقاء اللوم عليّ بدعوى الفضيحة وما إلى ذلك، ولكن فوجئت بدعمهم وتشجيعهم ليّ للاستمرار في القضية، إلا إنها تنازلت في النهاية بسبب التهديد بالفصل من العمل".