رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكتاب القديم من «درب الجماميز» و«سور الأزبكية» إلى زمن السوشيال ميديا

عبد التواب سلامة
عبد التواب سلامة

ارتبط بيع الكتاب القديم لسنوات بالمكتبات في منطقة الأزبكية، ثم تطورت تجارة الكتب القديمة والنادرة تأثرا بثورة تكنولوجيا المعلومات، وأصبحت منصات السوشيال ميديا هى الوسيلة الأسهل والأسرع لبيع الكتاب القديم.

 

قبل منصات السوشيال ميديا وسور الأزبكية اشتهرت منطقة درب الجماميز ببيع الكتاب القديم،  بعد تأسيس علي مبارك «الكتبخانة»، فى درب الجماميز عام 1872، بالقرب من باب الخلق ومسجد السيدة زينب، وهي أقدم مكتبة عامة علي غرار المكتبة الوطنية الفرنسية بشارع ريشليو بباريس، وكانت الكتبخانة التي سبقت دار الكتب بـ٣١ عاماً، تضم قاعة واسعة للمحاضرات العامة المفتوحة للجماهير والأدباء والعلماء، يلقون فيها محاضراتهم، وكان العلماء الأجانب يحاضرون في العلوم والجغرافيا والفلك مع ترجمة مباشرة.

 

اشتهر «درب الجماميز» أيضا بصناعة الكتب، وفي مرحلة لاحقة بتجارة الكتب القديمة، وكان الباعة يطوفون بالكتب، التي احضروها من مكتبات درب الجماميز على مقاهي وسط البلد مثل مقهى ريش، ثم بدأوا يفترشون كتبهم شيئًا فشيئًا في ميدان العتبة، أحد أهم ميادين وسط القاهرة بالقرب من دار الأوبرا، وبمحاذاة حديقة الأزبكية، وبدأ البائعون يعرضون كتبهم بجانب السور منذ عام 1926، إلى أن تم في عام 1957 منح هؤلاء الباعة تراخيص مؤقتة لبيع الكتب، وفي بداية التسعينيات نقلت أكشاك السور إلى منطقة «الدراسة»، ثم عادت الكتب مرة أخرى إلى منطقة الأزبكية عام 1998، بعد غياب خمس سنوات.

 

ضعفت تجارة الكتب القديمة بعد 2011، وانتشر بيع الكتاب المقلد، أو المزور، تأثرا بحالة الإنفلات الأمني في تلك الفترة، لكن مع دخول الإنترنت في تفاصيل حياة الناس اليومية عادت تجارة الكتاب القديم للصدارة مرة أخرى، مع اختلاف الوسيط في تلك المرة، أصبحت منصات السوشيال ميديا، سواء فيس بوك أو تويتر صاحبة النصيب الأوفر من بيع الكتاب القديم.

 

عبد التواب سلامة، بائع كتب قديمة، بدأ تجارته من خلال صفحات السوشيال ميديا التي سهلت التواصل بين القراء، ثم تطورت المسألة حتى أصبح أحد أشهر باعة الكتب القديمة بمنطقة وسط البلد.

 

يرى عبد التواب أن الشبكة العنكبوتية والسوشيال ميديا مهدت الطريق لتطوير تجارة الكتب القديمة عن الشكل المتعارف عليه، وارتباط المصطلح بمنطقة سور الأزبكية:" أصبح الوصول للكتاب من السهولة بمكان عن طريق الانترنت، وليس عن طريق المكتبات وفقط؛ بسبب سهولة التواصل بين المهتمين بالكتاب وبيع الكتاب القديم، وهى مسألة تؤكد أهمية أن يكون بائع الكتب القديمة على درجة من الثقافة تتيح له التواصل مع المهتمين بالكتاب القديم، لأنها ليست مجرد تجارة عادية".

 

تخرج عبد التواب سلامة من كلية التربية، ثم درس في كلية الأداب، وحاليا يدرس تمهيدي ماجستير، ودفعه عشقه للكتاب في اختراق ذلك العالم قبل سنوات، بادئا بدكانة صغيرة بوسط البلد، ثم الانتقال إلى مكان أكبر يضم ألاف الكتب المميزة والنادرة تحت عنوان “مكتبة شراع”.

عبد التواب سلامة داخل إحدى غرف مكتبة شراع

يوضح عبد التواب سلامة آلية استلام الكتب في عصر السوشيال ميديا، غير المرتبطة أو الملزمة بمكان ثابت:"لم نعد مرتبطين بالتواجد في سور الأزبكية وفقط، وهو ما كان متعارف عليه في السابق، إلى جانب انتشار شركات الشحن التي تسهل إرسال أي طرود إلى أي مكان، أيضا البريد المصري وهو ممتاز جدا في التعامل وإيصال الطرود".

 

يرفض عبد التواب سلامة الأحاديث المنتشرة عن ضعف متوسطات القراءة:"المعلومة الدقيقة تؤخذ من متخصص، في الكتب يجب أن يكون الحديث عن القراءة من متخصص، وهو الأقدر على الرد فيما يخص مسألة متوسطات القراءة، وهنا أرفض الأحاديث المنتشرة عن ضعف متوسطات القراءة".

 

يضيف عبد التواب سلامة: "ربما ضعف القراءة مرتبط بمراحل سابقة، لكن مع وجود السوشيال ميديا زادت متوسطات القراءة، وبشكل خاص يقبل على المكتبة أطياف كبيرة جدا من كل الأعمار وجميع المجالات، لكن الأكثرهم حماسا، الشباب في سن الجامعة، حتى لو كانت قدرتهم الشرائية ضعيفة لكن بعيدا عن مسألة التجارة أسعد كثيرا بزيارتهم للمكتبة".

 

يحمل عبد التواب قناعة ثابتة برفض بيع الكتاب المزور، الذي اخترق مكتبات بيع الكتاب القديم بعد 2011:" لم يحدث يوما أنني بعت كتاب مزور، وإن شاء الله لن يحدث؛ لأنها في المرتبة الأولى مسألة محرمة، ثانيا هى قناعتي الشخصية، لذلك لن أبيع الكتاب المزور، على الرغم من أن البعض لا يملك تلك الإلتزامات الأخلاقية التي تمنعه من التجارة في الكتاب المزور". 

 

يرى عبد التواب سلامة أن الحملات المنتشرة مؤخرا على السوشيال ميديا للتحذير من الكتاب المزور شجعت القراء للعودة من جديد للكتاب القديم، ذلك الااقبال دفع عبد التواب لتوظيف التحول الرقمي عموما في تطوير تجارته للكتاب القديم والنادر.

 

يدرس سلامة منذ عامين تأسيس موقع بيع كتب قديمة ونادرة:"أظن أنه سيكون كبير على المستوى المحلي والعربي، وهو مرتبط بتوظيف التحول الرقمي في تطوير تجارتي كبائع للكتب القديمة وليس انتشار جائحة كورونا وتوجه الناس ناحية التسوق الرقمي".