رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: ينبغي أن ينظر في خطأ المفتي ويعلم مصدره

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية، إنه ينبغي أن ينظر في خطأ المفتي ويعلم مصدره، فإن كان خطؤه لعدم أهليته، أو كان أهلا لكنه لم يبذل جهده بل تعجل، يكون آثماً، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوسا جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» (البخاري ومسلم).

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية، أما إن كان أهلا واجتهد فأخطأ فلا إثم عليه، بل له أجر اجتهاده قياساً على ما ورد في خطأ القاضي، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد» (البخاري ومسلم).

ويترتب على مسألة خطأ المفتي -بعد ما علمنا هل يأثم أم لا- قضية أخرى وهي رجوع المفتي عن فتواه، أو تغيير اجتهاده فيجب على المفتي الرجوع عن الفتوى التي أفتى بها إذا تبين له أنه أخطأ في تلك الفتوى، فلا يجوز اعتماد قول لا يعتقد أنه الحكم الشرعي، كما أنه يعتقد أنه خطأ ومخالف للشرع، واستأنس العلماء بما كتبه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سيدنا أبي موسى الأشعري رضي الله عنه حيث قال: «ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه اليوم، فراجعت فيه رأيك، فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل».

وأوضح "جمعة" أنه يترتب على هذه المسألة أمور منها: هل يجب عليه إعلام المستفتي أنه رجع عن فتواه، فهي مسألة خلافية، فقيل يلزم المفتي إعلام المستفتي بخطئه، وضرب ابن القيم على ذلك مثالاً لما جرى للحسن بن زياد اللؤلؤي لما استفتي في مسألة فأخطأ فيها، ولم يعرف الذي أفتاه به، فاستأجر منادياً ينادي أن الحسن بن زياد استفتي في يوم كذا وكذا في مسألة فأخطأ فمن كان أفتاه الحسن بن زياد بشيء فليرجع إليه، ثم لبث أياماً لا يفتي حتى جاء صاحب الفتوى فأعلمه أنه قد أخطأ، وأن الصواب خلاف ما أفتاه به (إعلام الموقعين).

وأوضح أن  القاضي أبو يعلى قال في كفايته: من أفتى بالاجتهاد ثم تغير اجتهاده لم يلزمه إعلام المستفتي بذلك إن كان قد عمل به، وإلا أعلمه. والصواب التفصيل فإن كان المفتي ظهر له الخطأ قطعاً لكونه خالف نص الكتاب أو السنة التي لا معارض لها أو خالف إجماع الأمة فعليه إعلام المستفتي، وإن كان إنما ظهر له أنه خالف مجرد مذهبه أو نص إمامه لم يجب عليه إعلام المستفتي (إعلام الموقعين)، وإن رجع المفتي عن فتياه، أو تبين خطؤه، فليس للمستفتي أن يستند في المستقبل إليها في واقعة أخرى مماثلة. وأما ما فعله ومضى فله أحوال.