رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شفرة 30 يونيو «2»

محمد الباز يكتب: حكايات جديدة من قلب ثورة المصريين على الجماعة الإرهابية

محمد الباز
محمد الباز

الحكاية «7» .. خارطة طريق المشير طنطاوى للإنقاذ التى لم يفهمها الرئيس الإخوانى

فى ٣٠ يونيو ٢٠١٢، وبعد أن انتهى محمد مرسى من أداء القسم فى جامعة القاهرة، توجه إلى معسكر الهايكستب ليتسلم السلطة من المجلس العسكرى رسميًا. 

كان المشير طنطاوى فى استقباله، ولم يبخل عليه بأداء التحية العسكرية، فقد كان المشير طنطاوى فى هذه اللحظة رجل دولة يحترم إرادة الشعب. 

مسئول أمنى كبير وصف لى هذه اللحظة بقوله: المجلس العسكرى كان خارجًا من مرحلة صعبة جدًا على الجميع، وغضب البعض بشدة من استقبال المشير حسين طنطاوى لمحمد مرسى وتأدية التحية العسكرية له، لا أخفى أننا دخلنا فى موجة من الغضب والحزن الشديد على ما رأيناه، لكننا فى النهاية كنا نقدر ما فعله المشير طنطاوى، فهو فى النهاية رجل دولة، يعرف جيدًا ماذا يجب عليه، فهو يريد أن يقول للعالم إن الجيش سلّم السلطة للرئيس المدنى الذى اختاره الشعب، وإنه ليس طامعًا فى السلطة كما ردد البعض، بل كانت الرسالة الأكبر أن الجيش يبتعد عن السياسة، ويعود إلى ممارسة دوره فى حماية الحدود. 

ألقى المشير طنطاوى كلمة، لم تكن بروتوكولية، بل كانت بمثابة خارطة طريق لإنقاذ الوضع المتردى فى البلاد. 

قال طنطاوى موجهًا كلامه إلى محمد مرسى: «سيدى الرئيس.. فى حياة شعبنا لحظات خالدة وستظل خالدة لا تُنسى، تستلهم منها الأجيال أسمى القيم والمبادئ الوطنية، بعد أن سطرت القوات المسلحة فى صفحات تاريخنا الوطنى صفحات من مجدٍ وفخار، ويبرز من تلك الصفحات التاريخية من مسيرة الوطن هذا اليوم العظيم فى حياة شعبنا، بعد أن قال كلمته بكامل إرادته واختارك رئيسًا للجمهورية فى انتخابات حرة نزيهة، متمنين لك التوفيق فى مهامك فى حكم البلاد». 

أضاف المشير ما يمكن اعتباره توعية لمرسى بما قامت به القوات المسلحة حتى لا يخفى عليه أو يتنكر له.

قال: لقد شهدت مصر مرحلة تاريخية مهمة فى تاريخها، حيث قامت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، والتى طالب فيها الشعب بمطالب مشروعة، فكان قرار القوات لمسلحة المصرية الانحياز لإرادة الشعب باعتباره مصدر السلطات، ووقفت إلى جانب ما اختاره شعبها وحملت مسئولية إدارة البلاد خلال مرحلة انتقالية غاية فى الصعوبة، وستقف مع الرئيس الجديد المنتخب من الشعب. 

وقال أيضًا: مع اللحظات الأولى للثورة، صانت القوات المسلحة للشعب مؤسساته وممتلكاته العامة والخاصة، ورعت مصالحه العليا وعملت على تأمين البلاد وحمايته من محاولات المساس بها وبأمنها القومى. 

وقال: لقد أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه ليس بديلًا عن الشرعية التى يرتضيها الشعب، مضينا فى تحمل إدارة شئون البلاد واثقين فى القدرة على مواجهة التحديات والتغلب عليها، مؤيدين بعزم المصريين وتصميمهم على الحفاظ على سلامة الوطن، واضعين مصر واستقرارها وأمنها فوق كل اعتبار. 

كان المشير طنطاوى يعرف أن الأيام المقبلة حبلى بالأحداث وربما بالمفاجآت، فأراد أن يضع الشعب كله أمام حقيقة ما جرى، فعاد ليقول: كنا على وعى كامل بما يواجه الوطن من تحديات فى الداخل، وما يواجهه على الصعيدين الإقليمى والدولى، وكانت لدينا القدرة والاستعداد لمواجهة هذه التحديات، أسهمنا بدور فاعل فى تجنيب الوطن كثيرًا من العقبات التى عاشها على الصعيد الأمنى والاقتصادى والتنموى، بقيام القوات المسلحة، كونها طليعة قوى الدولة الشاملة، بالمشاركة فى حفظ الأمن الداخلى وتأمين المؤسسات والمنشآت العامة والخاصة، وتأمين كافة مراحل الانتخابات التشريعية والرئاسية فى مواعيدها المقررة. 

وقال: فى هذا الإطار أوفينا بالوعد الذى قطعناه على أنفسنا أمام الله والشعب، وأصبح لدينا رئيس منتخب تولى مقاليد حكم مصر بانتخاب حر مباشر يعبر عن إرادة المصريين، إن مصر تعيش ميلادًا جديدًا لمرحلة ديمقراطية حديثة، السيادة فيها للشعب. 

بدأ المشير طنطاوى بحكمة شديدة فى وضع ما يمكننا التعامل معه على أنه الدستور الذى يجب أن يتعامل به الجميع بعد تولى مرسى الرئاسة. 

قال: لقد آن الأوان لكى ندع الماضى خلفنا، آخذين منه العبر والعظات كدروس مستفادة، ستظل مصر وطنًا عزيزًا على كل المصريين بإذن الله، وسيظل أمنها القومى وسلامة أراضيها فوق كل اعتبار، تحميها قوات مسلحة وطنية قوية بشجاعة رجالها وبسالتهم وإيمانهم المطلق بأنهم جزء أصيل من شعب مصر العظيم، يبنى مجدها وحاضرها ومستقبلها أبناء مخلصون شرفاء. 

لم يختم المشير طنطاوى كلمته إلا بعد أن توجه إلى الرئيس الجديد بكلامه مرة أخرى، قال: السيد رئيس الجمهورية، نعرف أن الطريق لا يزال صعبًا وطويلًا، ونحن على يقين أن مصر تمتلك من المقومات ما يحقق طموحها من تراث حضارى وحيوية شبابها وعزيمة جندها ووسطية إسلامها التى تبنى وحدتها الوطنية، وفقكم الله ووفق مصر وشعبها إلى ما فيه الخير. 

كان المشير طنطاوى موفقًا فى كلمته غاية التوفيق، لخص ما جرى، ووضع علامات إرشادية لما هو قادم، فقد تعهد بتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب، وها هو يفعل، لم ينس أن يُذكِّر الجميع بتضحيات رجال القوات المسلحة، الذين لولاهم ما وصلت مصر إلى هذه اللحظة التى تعامل معها على أنها لحظة تاريخية مهمة، ثم، والأهم من ذلك كله، أنه طالب الجميع، وعلى رأسهم الرئيس، بأن يبدأ الجميع صفحة جديدة، تكون فيها مصر للجميع، وأعتقد أنه كان يقصد ما يعنيه تمامًا، على خلفية تخوفات مشروعة من اختطاف الجماعة الوطن لما تريده وحدها. 

توقفت فى كلمة المشير طنطاوى أمام ما يمكننا اعتباره ثوابت مصر التى يجب أن يعمل الجميع على أساسها، فعندما قال: «نحن على يقين أن مصر تمتلك من المقومات ما يحقق طموحها من تراث حضارى وحيوية شبابها وعزيمة جندها ووسطية إسلامها التى تبنى وحدتها الوطنية»، كان يرسم خارطة إنقاذ ليسير عليها الرئيس الإخوانى، لكنه للأسف الشديد تجاهل ما سمعه، بل سار فى الاتجاه العكسى تمامًا. 

بعد أن انصرف مرسى من أرض معسكر الهايكستب، اقترب أحد الصحفيين من المشير طنطاوى، وسأله بأسى: هى الحكاية انتهت كده يا فندم؟ 

فرد عليه بما يمكننا اعتباره نبوءة: بالعكس.. الحكاية يا دوب بدأت.

الحكاية «8».. مرسى يزور قصر الرئاسة قبل حلف اليمين: غيّروا لى الكرسى

مساء ٢٤ يونيو ٢٠١٢، وبعد ساعات قليلة من إعلان محمد مرسى رئيسًا للبلاد، قرر أن يقوم بزيارة إلى قصر الاتحادية، المقر الذى سيمارس منه صلاحيات منصبه. 

كان القرار غريبًا، فهو لم يؤدِ اليمين الدستورية بعد، وعليه فليس من الطبيعى أن يدخل قصر الرئاسة، لكن يبدو أن مرسى كان متعجلًا الشعور بأنه أصبح رئيسًا، وهو الأمر الذى ظل لا يصدقه حتى أخرجه الشعب من قصر الاتحادية بثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣. 

دخلت سيارة مرسى قصر الاتحادية من باب ٤، وقبل أن يسلم على مستقبليه سألهم: فين مكتبى؟ 

صعدوا به إلى الدور الثانى حيث مكتب الرئيس، الذى بمجرد أن رآه جلس عليه وكأنه يجربه، أو يحاول من خلال جلسته التأكد من أنه أصبح رئيسًا يجلس على عرش مصر. 

بعد أن قام مرسى من على كرسى الرئيس طلب من مسئولى القصر أن يأخذوه فى جولة، ليتعرف على المكان الذى سيحكم منه. 

وهو فى جولته توقف أمام سجادة ثمينة، ثمانية أمتار فى ثمانية أمتار، قيمتها لا تقل عن ٣ ملايين دولار، وكانت المفاجأة أنه قال لمرافقيه: إزاى تحطوا سجادة قديمة بالشكل ده فى القصر؟ مش عايز أى سجاد قديم، شيلوه كله، عاوز السجاد من النساجون الشرقيون. 

قال له مسئولو القصر: دى سجادة تاريخية يا فندم، وقيمتها تزيد على ٣ ملايين دولار. 

نزل الكلام على مرسى كالصاعقة، وبدلًا من أن يلتزم الصمت، قال: ٣ ملايين دولار.. إزاى.. أنا مينفعنيش الكلام ده، ده كلام ينفع مع النظام القديم، شيلوا السجاد كله وهاتوا لى سجاد جديد. 

التفت مرسى إلى مرافقيه، وقال: وعاوز كمان تغيروا لى الكرسى القديم اللى كان بيقعد عليه مبارك.. مش معقول هقعد على كرسى كان بيقعد عليه المخلوع. 

وفى محاولة لإثبات نفسه، قال مرسى لمن حوله: أنا كلمتى واحدة، اللى قلته يتنفذ فورًا، واللى مش عاجبه كلامى يمشى من دلوقتى.. الدلع بتاع النظام القديم ده انسوه. 

لم يجد مسئولو القصر أمامهم إلا أن يتبادلوا النظرات مندهشين من سلوك الرئيس الذى جاء ليستعرض عضلاته عليهم حتى قبل أن يؤدى اليمين الدستورية.

الحكاية «9»  .. ولمسئولى الاتحادية: عاوزه من الكويت 

بعد أن دخل محمد مرسى قصر الاتحادية كان مشغولًا بحكاية الكرسى الذى سيجلس عليه، كانت لديه فوبيا من مجرد فكرة جلوسه على الكرسى الذى كان يجلس عليه مبارك. 

قبل أن يباشر عمله، قال لمسئولى القصر: لازم تغيروا الكرسى ده، ويا ريت تغيروا المكتب كله على بعضه. 

وكانت المفاجأة فيما قاله مرسى بعد ذلك، فقد أخبرهم: فيه واحد صاحبنا معرفة- فى الغالب إخوانى- فى الكويت، مهندس متخصص فى صناعة الكراسى، هنجيب تليفونه ونبقى نتصل بيه، ويجيب لنا حاجة مناسبة. 

تواصل مسئولو القصر مع المهندس فى الكويت، وعندما عرفوا أن ثمن الكرسى الذى يعرضه عليهم ٣٨٠ ألف جنيه رفضوا تمامًا، ولما أخبروا مرسى، قال لهم: هاتوه يعنى إنتم هتدفعوا حاجة من جيبكم.. ولما أصر مسئولو الرئاسة على أن السعر غالٍ ولا توجد ميزانية له، استسلم مرسى وهو غاضب. 

عرض مسئولو الرئاسة على مرسى ١٢ كرسيًا من عينات مختلفة، وقد ظل ١٢ يومًا يجربها حتى استقر على واحد منها.

الحكاية «10».. استقبال وفد من تنظيم القاعدة أول نشاط لمرسى فى الاتحادية

بعد ثلاثة أيام فقط من دخول محمد مرسى قصر الاتحادية، بثت وكالة أنباء الشرق الأوسط خبرًا مقتضبًا جدًا، أعتقد أن كثيرين لم يلتفتوا له، فهو ليس أكثر من خبر عن مقابلة ضمن مقابلات كثيرها، أجراها رئيس جديد، يستقبل فيها الوفود التى تسعى لتهنئته من كل مكان. 

المفاجأة أن المقابلة لم تكن عادية، والمفاجأة الأكثر أن وكالة أنباء الشرق الأوسط لم تتطرق إلى شىء مما جاء فيها. 

كان الخبر نصًا: استقبل الرئيس محمد مرسى بمقر رئاسة الجمهورية، بمصر الجديدة، وفد الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين برئاسة الدكتور يوسف القرضاوى، وقدم الوفد التهنئة لمرسى بمناسبة انتخابه رئيسًا للجمهورية وحصوله على ثقة الشعب المصرى، وتمنوا له التوفيق، وشارك فى اللقاء الدكتور على القرة داغى، الأمين العام للاتحاد، والدكتور خالد المذكور، والدكتور عبداللطيف المحمود، والدكتور محمد الحسن ولد الداد، والدكتور صلاح سلطان، عضو مجلس الأمناء، والدكتور نصر فريد واصل، رئيس مكتب الاتحاد فى مصر، والدكتور عطية فياض، نائب رئيس مكتب الاتحاد فى مصر، والدكتور محمد مختار المهدى، عضو مجلس الأمناء. 

لم يكن جهاز مرسى الإعلامى أمينًا، وهذا شىء طبيعى جدًا، ولا دقيقًا، وهذا أيضًا شىء طبيعى جدًا، وهو يضع فى الخبر قائمة من كانوا فى اللقاء، فلم يكن هؤلاء فقط من دخلوا قصر الاتحادية، كان هناك من أخفيت أسماؤهم عمدًا. 

فقد قابل محمد مرسى آخرين تحت مظلة أنهم أعضاء فى الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، ومن بينهم- ولدينا الصور التى تؤكد ذلك- رمزى موافى المعروف إعلاميًا بأنه طبيب بن لادن، والمسئول الأول عن الأعمال الإرهابية التى جرت فى سيناء وفى عدة بؤر داخل محافظات مصر المختلفة، وكانت مهمته الأساسية هى استقطاب العناصر المتطرفة من عدة دول، من بينها اليمن وفلسطين، ووصل عددها إلى ٢٥٠٠ عنصر، إضافة إلى استقطابه ما يقرب من ٣٠٠٠ عنصر متطرف من داخل مصر، وأخذ من جبل الحلال مقرًا له، ينطلق منه هو وأعضاء تنظيمه لتنفيذ عملياتهم ثم العودة مرة أخرى. 

المهمة الأساسية التى كان رمزى موافى مكلفًا بها هى توحيد الجماعات الإرهابية تحت لواء واحد فى سيناء، تمهيدًا لإعلان تأسيس تنظيم القاعدة بها، وكان هدفه من ذلك التأسيس ما يمكن التعامل معه على أنه جيش موازٍ، يكون مستعدًا فى اللحظة المناسبة لمواجهة الجيش المصرى. 

وأعتقد أن هذه الفكرة استقرت فى يقين ووجدان وعقل جماعة الإخوان لأنهم كانوا منذ اللحظة الأولى يعرفون أنهم سيدخلون صدامًا مسلحًا مع الجيش المصرى، ولذلك كانوا يستعدون بمساندة ودعم من حلفائهم. 

لم يكن رمزى موافى، الذى كان الذراع اليمنى لأسامة بن لادن، غريبًا عن محمد مرسى، فقد هرب معه من سجن وادى النطرون فى ٢٩ يناير ٢٠١١، بعد اقتحام السجن، وكان قد تم القبض عليه فى مصر فى عام ٢٠٠٧، وحكم عليه بالسجن لمدة ٣٢ عامًا، وبعد هروبه من السجن استقر فى سيناء تمهيدًا لإعلانه أميرًا لتنظيم الجهاد هناك. 

كان رمزى يتردد على محمد مرسى إذن وفى قصر الرئاسة، ولم يكن غريبًا بعد ذلك أن يتم اتهامه بأنه وقف وراء اغتيال الجنود المصريين فى رفح فى ٥ أغسطس ٢٠١٢، وكان مصيره فى النهاية، طبقًا لتقارير صحفية، هو القتل على يد إحدى حملات الجيش التى استهدفت الإرهابيين فى سيناء بعد عزل محمد مرسى، حيث دفن فى إحدى مقابر الشيخ زويد بمدينة رفح. 

بالقرب من رمزى موافى، وكان يقف أمامه مباشرة فى طابور المصافحين لمرسى، عبدالوهاب الحميقانى، المولود فى عام ١٩٧٢، فى قرية الزاهر بمحافظة البيضاء، وهو يمنى الجنسية ويعمل أمينًا عامًا لحزب اتحاد الرشاد اليمنى، ومبعوث رابطة العالم الإسلامى للمراكز، والمفاجأة أنه فى ديسمبر ٢٠١٣ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن فرض عقوبات على الحميقانى، وضم اسمه إلى لائحة داعمى الإرهاب متهمة إياه بنصرة تنظيم القاعدة. 

وأشارت كالة الأسوشيتد برس الأمريكية إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية أضافت اسم الحميقانى إلى لائحة الداعمين للإرهاب، وذلك لأنه استغل منصبه كرئيس لمنظمة خيرية يمنية من أجل جمع الأموال، وإرسالها إلى تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، كما أنه قام بتسهيل التحويلات المالية من داعمى القاعدة فى السعودية إلى اليمن. 

كان من بين ضيوف مرسى، أيضًا، سلمان بن فهد العودة، وهو من مواليد عام ١٩٥٦، ويشغل منصب الأمين العام المساعد لرابطة علماء المسلمين، وهو موجود بشكل دائم فى السعودية، مسجون الآن، ومن بين ما ينسب إليه أنه كثيرًا ما أدخل السياسة فى العمل الدعوى، ما أدى إلى سجنه فى مدينة الرياض، ولم يطلق سراحه إلا بعد تعهده بعدم الخوض فى المسائل السياسية، وينسب له أيضًا أنه طالب بحركة إصلاحات سعودية، تجاوز خلالها الخطوط المسموح بها هناك. 

وجود سلمان العودة فى هذا الاجتماع كان إشارة واضحة إلى خطة الإخوان وحلفائهم لتقويض النظام السعودى، وليس بعيدًا أن يكون وجوده كان من أجل دعمه فى هذا الاتجاه. 

من أساطين التطرف والإرهاب كان موجودًا أيضًا حسن ولد الداد الشنقيطى، وهو من مواليد نهايات شهر أكتوبر فى عام ١٩٦٣، وهو رئيس لجنة العضوية بالاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وكان يرأس وقتها مركز تكوين العلماء بموريتانيا، وقد بدا موقفه واضحًا من جماعة الإخوان، خلال أحد لقاءاته التليفزيونية بعد ثورة يونيو، حيث دعا إلى نصرة الإخوان ظالمين أو مظلومين، فهو لا يرى فيما يفعلونه شيئًا يستحق الخروج عليهم، وحتى لو فعلوا ذلك فلا بد من نصرتهم والجهاد من أجل قضيتهم. 

قائمة اللقاء ضمت أيضًا عجيل جاسم النشمى، وهو كويتى ينتمى إلى جماعة الإخوان، ويبدو أنه حضر اللقاء بهذه الصفة، بأكثر من حضوره بصفته عضوًا فى الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، ويبدو أن ثورة يونيو أصابته بارتباك هائل، وأفقدته أعصابه للدرجة التى جعلته يفتى بأن السيسى من خوارج العصر، ولم يكتف بذلك، بل أحل قطع عنقه، ويبدو أن إغلاق القنوات الدينية التى احترفت التحريض على الفتنة أغضبه، فاعتبر ذلك سببًا ومبررًا للتحريض على السيسى، الذى قال إنه لا تجب طاعته، بل يجب الخروج عليه. 

كان عبدالرحمن عبدالخالق المصرى، الذى اختار الكويت وطنًا ويعتبره البعض منظر السلفية السياسى الأول، حاضرًا أيضًا. 

يتم تعريف عبدالخالق على أنه أحد مشاهير علماء السلفية فى العالم، ورغم أنه ولد بمحافظة المنوفية فى عام ١٩٣٩، فإنه يحمل الجنسية الكويتية، ويتعامل معه السلفيون على أنه مرجعية كبرى من بين مرجعياتهم، وقد هلل السلفيون هنا فى مصر عند حصوله على الجنسية الكويتية التى ينعم بها. 

خطر عبدالرحمن عبدالخالق كان، ولا يزال، يتمثل فى أنه يقود الفكرة الأساسية التى يمكن أن يعمل بها السلفيون من أجل الوصول إلى الحكم، فهو صاحب مراجعات عديدة فى الفكر السلفى، ويكفى أن نعرف أنه صاحب فكرة أن يسهم السلفيون فى كل أشكال العمل السياسى دون الاعتراف بشرعيتها، لأنها ليست شرعية من الأساس، لكنها يمكن أن تكون وسيلة للاقتراب من الحكم، الذى يمكن أن يأتى بالتدريج، وهى فكرة خطيرة لا تختلف عن فكرة جماعة الإخوان المسلمين، الذين خططوا، ومبكرًا جدًا، للوصول إلى الحكم، لكن الفرق أن السلفيين يتعلمون من أخطاء الإخوان. 

هل بقى أحد فى القائمة المخفية؟ 

بقى لدينا أبوطلال السورى، وهو من قيادات جماعة الإخوان فى سوريا، ويقيم فى لندن، وهو من كوادر التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين، وتحديدًا عضو مجلس شورى التنظيم الدولى، ووجوده فى هذا الاجتماع كان إشارة واضحة إلى أن محمد مرسى لم يفتح قصر الاتحادية للإخوان فى الداخل فقط، ولكن لإخوان الخارج أيضًا، مدشنًا بذلك عصرًا جديدًا. 

لقد كانت هناك رغبة نفسية، وليست سياسية فقط، لدى الإخوان المسلمين من أجل أن يدخلوا قصور الحكم فى مصر، لقد مُنعوا منها وعنها كثيرًا، وكانوا يشعرون بأنها من حقهم، وبدلًا من أن يفكروا فى وسيلة لحكم مصر، فكروا فى طريقة للسيطرة والظهور فى كل الأماكن التى حرموا منها، دون أن يعرفوا أنهم سيخرجون منها وسريعًا جدًا. 

آخر من ظهر فى الصورة كان عبدالرحمن بن عمير النعيمى، وهو قطرى حصل على الدكتوراه فى التاريخ، وأستاذ سابق فى جامعة قطر، ويرأس منظمة الكرامة لحقوق الإنسان، وأمين سر الحملة العالمية لمقاومة العدوان، وتم إدراجه من قِبل الإدارة الأمريكية على لائحة الإرهاب الدولى، نظرًا لارتباطه بتنظيم القاعدة ودعم منظمات إرهابية. 

على هامش هؤلاء، الذين يمكن أن نعتبرهم الأكثر خطرًا، تواجد أيضًا سعد بن على الشهرانى، أمين عام الهيئة العالمية لعلماء المسلمين، وطارق الزمر، القيادى بالجماعة الإسلامية، والهارب الآن فى قطر، والسودانى الأمين الحاج محمد أحمد، رئيس رابطة علماء المسلمين وعضو التنظيم الدولى للإخوان، والشيخ أسامة الرفاعى، رئيس المجلس الإسلامى ورئيس رابطة علماء الشام، وعضو تنظيم الإخوان بسوريا. 

يمكن أن تعتبر اللقاء عاديًا، وفد جاء لتهئنة مرسى بتوليه الرئاسة، لكن عندما تعيد النظر مرة أخرى فى أسماء من اشتركوا فى التهئنة وخلفياتهم، ستدرك الجرم الذى فعله الرئيس الإخوانى، وكأنه لا يعرف إلا الإرهابيين، يعرفهم ويرحب بهم، ويبسط لهم جناحه.

 

اقرأ ايضا:

محمد الباز يكتب: 100 حكاية من قلب ثورة المصريين على الجماعة الإرهابية