رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في الذكرى 54 للنكسة.. ماذا قال الروائي جمال الغيطاني عن حرب 67؟

جمال الغيطاني
جمال الغيطاني

على الرغم من أن أغلب المثقفين والمبدعين المصريين حولوا جولة مصر في حربها مع إسرائيل في 1967 إلي حائط مبكي، وصنعوا منه مأساة حتى الآن، وأرجعوا إليها كل مشاكل المجتمع المصري، إلا أن حارس الشخصية المصرية جمال الغيطاني غرد خارج السرب وكتب في مجلة "الوعي العربي" شهادته للتاريخ في هذا الصدد.

يقول الغيطاني:"بدأت الحرب يوم الاثنين الخامس من يونيو صباحا، أذكر كل لحظة وكأني أعيشها الآن، توالت البيانات باسقاط الطائرات، وما من بيانات عن تقدم قواتنا المسلحة عبر الحدود بل كانت عبارات غامضة عن معارك عنيفة تجري علي امتداد الجبهة، بادرت محاولا الاتصال بأصدقائي في ذلك الوقت، الأبنودي، صبري حافظ، صلاح عيسي، إسماعيل العادلي، كان السؤال علي ألسنتنا جميعا: ماذا نفعل؟ كيف؟ أين؟ توالت الاقتراحات، بدءا من التبرع بالدم إلي التطوع، لكن أين نتطوع وكيف؟، كانت مصادر المعلومات في تلك الأيام وسائل الاعلام المصرية خاصة الاذاعة، والاذاعة البريطانية الناطقة بالعربية، كان إرسالها ضعيفا ويبدو أنها كانت تتعرض لعملية تشويش".

يضيف الغيطاني:"مازلت أذكر تلك اللحظة، كنت عائدًا الي بيتنا في درب الطبلاوي حوالي الثانية والنصف. عند المدخل، أمام مسجد سيدي مرزوق سمعت أزيز طائرة، رفعت رأسي إلي السماء الصافية عميقة الزرقة، فوجئت بطائرة من طراز ميراج علي جناحيها نجمة داود، علي خط واحد مع المئذنة، رأيت القمرة الزجاجية وكافة التفاصيل، حتي خيل إلي أنني لمحت الطيار، أخذني الذهول".

في موضع آخر يقول الغيطاني: كان ذلك يوم الاثنين ليلا، اذكر تفاصيل اليوم الأول تماما، بل أذكر تفاصيل الأيام السابقة منذ أن بدأ الحديث عن حشود عسكرية علي سوريا 'فيما بعد أكد لي الفريق أول محمد فوزي والفريق عبدالمنعم رياض وإليهما يرجع الفضل في اعادة البناء العسكري الذي قدر لي أن أشهد وأعايش تفاصيله حتي عبور الجيش المصري قناة السويس في معركة لم ينقل ما دار فيها حتي الآن إلي الناس أكد لي كل منهما أنه لم تكن هناك أي حشود عسكرية علي الحدود السورية. وأكد ذلك الأستاذ محمد حسنين هيكل في ثلاثيته، حرب الثلاثين عاما، هنا أسئلة كثيرة عن موقف القيادة السورية وقتئذ ولماذا الادعاء بوجود حشود غير موجودة، ولماذا الحديث عن توريط مصر في حرب؟ أسئلة عديدة لاتزال بدون أجوبة، لعل التاريخ يكشف عنها يوما، لقد كان عبدالناصر متسقا مع نفسه كزعيم قومي، حشد الجيش لنجدة بلد عربي أكدت الأنباء والشواهد لديه أنه يتعرض لخطر، هكذا جري الحشد المعنوي، ثم العسكري، ثم توجيه الضربة الاسرائيلية التي كانت قاتلة ماديا إلي حين، لكنها لم تقتل الروح، وهذا ما تجلي ليلة التنحي.