رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تأبين مبكر لحقبة نتنياهو!

ماجد حبته
ماجد حبته

بالمقاعد الأربعة، التى حصلت عليها «القائمة العربية الموحدة»، فرع «جماعة الإخوان» فى الأرض المحتلة، أكمل يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، الـ٦١ صوتًا اللازمة لتشكيل حكومة جديدة، واكتملت تحالفات القوى المتنافرة، التى لا يجمعها غير الرغبة فى الإطاحة برئيس الوزراء المزمن، بنيامين نتنياهو، صاحب أطول فترة حكم فى تاريخ ذلك الكيان.

نجاح لابيد، فى الوصول إلى اتفاق على تشكيل ائتلاف حكومى، لا يعنى بالضرورة أنه سيتمكّن من إنهاء حقبة نتنياهو، لأن إفشال الائتلاف الجديد، ما زال ممكنًا، خاصة بعد فشله فى تغيير ياريف ليفين، رئيس البرلمان الإسرائيلى، «الكنيست»، المنتمى لليكود، لمجرد أن نائبًا واحدًا عن حزب «يمينا»، سحب توقيعه. وعليه، أكد محللون إسرائيليون كثيرون أنهم لن يقتنعوا بأن نتنياهو قد أطيح به فعلًا، إلا إذا شاهدوا الشاحنات تنقل أغراضه من مقر إقامته الحكومى فى شارع بلفور بالقدس الغربية إلى منزله الخاص فى قيسارية على شاطئ المتوسط!.

اجتماع «الكنيست» للتصويت على منح الحكومة الجديدة الثقة قد ينعقد الأسبوع المقبل، فى موعد ما زال مجهولًا. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس الكنيست، الليكودى، يحاول تأخير التصويت لبضعة أيام، أملًا فى حدوث انشقاقات فى المعسكر المناهض لنتنياهو. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عديدة أن نواب أحزاب اليمين: يمينا، أمل جديد، وإسرائيل بيتنا، يواجهون ضغوطًا شديدة، لعدم التصويت للحكومة لدى عرضها على الكنيست لنيل الثقة. وحال نجاح تلك الضغوط فى إقناع نائب واحد فقط من الأحزاب الثلاثة، فإن الحكومة الجديدة لن تحلف اليمين، وستستمر حالة الشلل السياسى، التى أنتجتها ٤ انتخابات غير حاسمة، خلال سنتين.

الصراع على المواقع وليس على المواقف. إذ إن بديل نتنياهو، أو رئيسى الحكومة المتناوبين المرتقبين، نفتالى بينيت ويائير لابيد، لا يختلفان سياسيًا عنه: نفتالى بينيت يدعم الاستيطان فى القدس، وترأس مجلس المستوطنات فيها، وأحد المدافعين عن ضم معظم الضفة الغربية المحتلة، ويرفض قيام دولة فلسطينية، ولو على جزء يسير من الأرض المحتلة. ويائير لابيد يؤيد إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، لكن فى إطار اتفاق يسمح بالاحتفاظ ببعض الكتل الاستيطانية فى الضفة الغربية والقدس الشرقية.

يشارك فى ذلك الائتلاف الهش، أيضًا، حزب «إسرائيل بيتينو»، إسرائيل بيتنا، الذى يقوده أفيجدور ليبرمان، الذى كان وزيرًا للدفاع، والمعروف بتطرفه ودفاعه عن حقوق المهاجرين اليهود الجدد، ومعارضته لإقامة دولة فلسطينية. وهناك حزب «كاحول لفان»، أو أزرق أبيض، الذى أسسه بينى جانتس، وزير الدفاع الحالى، الذى يؤيد التفاوض مع الفلسطينيين، لكنه يدافع عن المستوطنات فى غور الأردن وبعض الكتل الاستيطانية فى الضفة الغربية. 

إلى هؤلاء وغيرهم، انضم الإخوانى منصور عباس، وهو طبيب أسنان، كان يوصف بأنه سياسى مبتدئ، حين خاض الانتخابات لأول مرة، منذ سنتين، لكنه تمكّن من استغلال حالة الفوضى السياسية وانهيار التحالفات التقليدية، وخلق فرصة لحزبه: حزب «الحركة الإسلامية الجنوبية». وانشق عن «القائمة العربية المشتركة»، التى كانت تمثل التحالف العربى الرئيسى، قبل انتخابات ٢٣ مارس الماضى. 

وفور الإعلان عن الائتلاف، أعرب ممثل جماعة الإخوان فى الحكومة الإسرائيلية المرتقبة عن سعادته وقال: «أنا فخور بكونى مواطنًا فى دولة إسرائيل». وتكون واهمًا لو انتظرت أداءً مختلفًا لجماعة الإخوان، بمختلف فروعها وأذرعها وأشكالها.

لم تعلق «القائمة المشتركة»، التى فازت بستة مقاعد، على قرار مشاركة الإخوان فى الائتلاف. لكن الحزب الشيوعى والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، أعلنا عن رفضهما تلك الخطوة، وأوضحا، فى بيان مشترك، أن «دعم الحركة الإسلامية الجنوبية لحكومة لا تلتزم بوقف التطهير العرقى فى القدس الشرقية المحتلة والانتهاكات والاستفزازات فى المسجد الأقصى، بعد أن رفضها اليمين، يضفى الشرعية على سياسة التنكّر لحقوق الشعب الفلسطينى». 

الطريف أن نفتالى بينيت وصف منصور عباس خلال لقاء على القناة ١٢ الإسرائيلية، مساء الخميس، بـ«الزعيم الشجاع»، وتقدم له بالاعتذار عن وصفه سابقًا بـ«داعم الإرهاب». والأطرف، أن عباس، ظهر على القناة نفسها، فى فبراير الماضى، وتطاول على الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال، ووصفهم بالـ«مخربين»، ونفى أن يكون قد زارهم فى السجن، وبرر لقاءه بخالد مشعل، رئيس المكتب السياسى السابق لحركة «حماس»، بأنه كان فى إطار «مبادرة السلام الدينية» التى يشاركه فيها الحاخام ميخائيل مالكيئور، نائب وزير التعليم السابق!.

.. وأخيرًا، ربما يكون مكسب الفلسطينيين الوحيد من تغيير الحكومة الإسرائيلية، لو تغيرت، هو أن بينيت ولابيد، لا يملكان خبرات نتنياهو، وأقل منه قدرة على المناورة ومواجهة الضغوط. وبالتالى، حال عدم وجود هذه الضغوط، ولو لم يتمكن الأشقاء من استغلال تلك الفرصة، فإن القضية الفلسطينية ستظل تدور حول نفسها، وحول أجندات القوى الإقليمية التى تتاجر بالقضية!.