رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«رسم غلاف روايته ومات».. حكاية حلم جميل للكاتب الراحل أحمد معوض

غلاف الرواية
غلاف الرواية

ربما لا يعرفه الكثيرون، لكنه راهن على موهبته وأنه سيكون يوما اسمًا يتردد على كل شفاه، كان ينظر للبعيد المحمل بالمستقبل الطيب والمبشر خاصة أنه يكتب بطريقة هادئة وواثقة، ولم تكن تزعجه فكرة الانتشار، فالانتشار آت حتمًا ولا ريب، هو أحمد معوض الذي توفى وسيطرح له في معرض الكتاب المقبل عملين جديدين هما "المربع صفر" عن الدار المصرية السودانية"، و"أيام العزلة" عن دار المسك".

بدأت حكاية أحمد معوض منذ صغره فقد تربى في دولة خليجية وقدم إلى مصر ليدخل جامعة القاهرة كلية الآداب قسم تاريخ، وهذا أفاده كثيرًا في مسألة الكتابة، وفي المجتمع من حوله كان أقاربه يكتبون فراح معوض يكتب ويكتب ويطرح ما كتبه على خاله الناقد عادل عبد الرازق، ولأن عبد الرازق كان صارما في رؤيته فكان يكيل له النقد ليطرح عمله برؤية أشمل وأكبر وتكون كتابته جيدة وتليق، وليس عادل عبد الرازق فقط وإنما هشام عيد الكاتب والروائي أيضًا، يقول هشام عيد لـ"الدستور":" كنا نقرا قصصه ونشير إلى مواطن الضعف، ولم يكن يتذمر أو يتضايق أو أي شئ، كان حلمه أن يكون كاتبًا قويا، ويتفق معه عادل عبد الرازق فيقول:" كانت بداياته تشي أنه موهبة وكنت أعرف أنه سيكتب ذات يوم".

بدأ معوض يرى بشاير حلمه تلوح في الأفق، وكانت فرحة طاغية، سيصبح كاتبا وسيقرأ الناس كلماته، وكان هذا بمثابة فرحة لها أجنحة راحت ترفرف فوق رأسه، فبعد أعوام قضاها قارئًا نهمًا سيمكن له التعبير عن ذاته ورؤيته وأفكاره وسيكتب، يقول هشام عيد:" كان موهوبًا بحق، ويتذوق ما يقرأه ويستشعر ما فيه من أدب، وفيما بعد أصبح قادرا على رؤية مواطن الضعف في كتابات الغير، وكان هذا بمثابة مؤشر قوي على نضجه".

راح معوض يهتم باللغة العربية وبناءها ومفرداتها، وكيف أن المفردة يمكن ان تتشكل وتتطوع لخدمة النص، فكلمة انظر تختلف عن شاهد وغيرها، ومن هنا تلعب المفردات دورًا هامًا في توصيل الجملة بشكل صحيح للقارئ، وتبرهن على إجادة الكاتب وامتلاكه لقاموسه اللغوي الخاص، يكمل عيد:" كان يستذكر اللغة العربية اولا بأول، ويعرف الفروق بين المفردات، حتى تظهر كتابته كأقوى ما يكون، كان يريد أن يبدأ كبيرًا ويشار إليه".

وقدم أحمد معوض إلى القاهرة للدراسة والتحق بكلية الآداب قسم تاريخ كان يدرك تمامًا أن أمامه مشوار طويل، فكان يقرأ أعماله لخاله الناقد عادل عبد الرازق، وحين أصدر الأخير مجموعته القصصية راى أحمد معوض أن جزء من حلمه يتحقق في مجموعة خاله، فبدأ يخطط للكتابة، وكيف سيكتب وماذا سيكتب، وراح يضع الخطوط العريضة لروايته "النقطة المميتة"، وبالفعل اكتمل بناء الرواية بعد شهور كثيرة على ما استذكره من وعي بعالم الرواية  وصدرت الرواية بالفعل عن دار "غريب"، يقول عادل عبد الرازق:" كانت مفاجأة جميلة فالرواية مكتملة البناء وتشي بكاتب قادم بقوة، وهذا الأمر أثلج صدري وبدأ أن هناك نجمًا يظهر ويلوح في الأفق، وبدا أن هناك حلم يقترب تحقيقه".

وكتب بعدها مجموعته القصصية الثانية "مرت بجانبي"، لتصدر عن المكتبة العربية للنشر والتوزيع، وبعد نشر المجموعة حاول أحمد معوض أن يحذو حذو الكبار نهاد شريف وصبري موسى في أدب الخيال العلمي، وكتب روايته "مورافيا"، وتقدم بها في مسابقة لدار النخبة، وراح ينتظر، ولم ينتظر كثيرا، يقول عبد الرازق:" فاز في المسابقة، ونشرت الرواية بدار النخبة، وكانت فرحته طاغية لأن موافقة الدار على الطباعة تعني أنه يكتب بشكل جيد، وفوزه على الكثير من الأعمال المقدمة جعله يحلق في السماء، فها هو صار كاتبا محترفا يشار إليه بالبنان، وغدا يبدأ نجمه في العلو وسيكون له ما أراد".

أحمد معوض كان قد استقر منذ فترة كبيرة فتزوج وأنجب بنتين وولدين أكبرهما تدرس في الصف الثالث الثانوي، كانوا يتابعون مشروعه ويفرحون به، وكانوا يرون فيه أديبا سيظهر ويحتفلون معا بنجاحاته، واكمالا لفرحته راح معوض يخط تفاصيل الرواية التي سيطرحها في معرض الكتاب 2021، وعرف أن هناك مسابقتان للنشر في دار المسك والدار المصرية السودانية، فتقدم بروايته "المربع صفر" للدار المصرية السودانية، وتقدم أيضًا بمجموعته القصصية "ايام العزلة" لدار المسك للنشر والتوزيع، وراح ينتظر".

كان أحمد معوض يعمل بمكتب المستشار شريف محمود مع خاله الناقد عادل عبد الرازق، كان مسئولا عن أجهزة الكمبيوتر وكان يحب التصميم والديزاين، وراح يرسم أغلفة لأعماله القادمة، ومنها روايته التي تقدم بها لمسابقة الدار المصرية السودانية فرسم غلاف روايته "المربع صفر"، واختار لها أن تكون على شكل رجلين يحاولان جر عقارب الساعة كل في اتجاه، وكانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية إلا الربع".

7 أكتوبر 2020 وفي العاشرة صباحًا، اتصل أحمد معوض بزوجته ليقول لها:" خلي بالك من العيال"، وبعدها أخبر خاله أنه يشعر بوجع، فانتقل معه إلى مستشفى 6 أكتوبر بالدقي لتصعد روحه في تمام الثانية إلا ربع تماما كما ضبط الساعة على الغلاف الخاص بروايته " المربع صفر".

هل كان أحمد معوض يستشعر موته حين رسم الساعة تقف على الثانية إلا ربع، وهل كان يعلم ما يخبئه له القدر وهو يضع تفاصيل روايته ويخط فيها الكثير عن تفاصيل الموت، وحين هاتف زوجته في العاشرة صباحا.

ومات أحمد معوض عن 45 عامًا، وبعد موته فاز في مسابقة الرواية للدار المصرية السودانية، وزارت مها المقداد مديرة الدار بيت معوض لتبلغهم بنبأ فوزه وأن روايته "ألمربع صفر" ستطرح بمعرض الكتاب، وفاز ايضًا بمسابقة دار المسك عن مجموعته القصصية "أيام العزلة"، وسيشاركان بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الثانية والخمسين.

غلاف الرواية التي رسمها معوض
غلاف الرواية التي رسمها معوض
49202975_2174932419193165_6938555976341520384_n
49202975_2174932419193165_6938555976341520384_n
72475164_2655003747852694_1986199714705440768_n
72475164_2655003747852694_1986199714705440768_n
194508509_1963813433783041_8156748260498394307_n
194508509_1963813433783041_8156748260498394307_n
196078301_391466628791949_8150165989227118544_n
196078301_391466628791949_8150165989227118544_n
195627793_535050670989762_5860972646320714436_n
195627793_535050670989762_5860972646320714436_n
117376621_3379534298732965_5930450232374853737_n
117376621_3379534298732965_5930450232374853737_n