رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دار«خطوط وظلال» تصدر ترجمة «هجرات» لكلوريا غرفيتز

ديوان هجرات لكلوريا
ديوان "هجرات" لكلوريا غرفيتز

صدر مؤخرا ديوان "هجرات" للشاعرة المكسيكية "كلوريا غرفيتز" عن دار "خطوط وظلال" للنشر والتوزيع، ترجمة مشتركة بين الشاعر والمترجم العراقي السويدى جاسم محمد، والشاعر الفلسطيني الأردني فخرى رطروط، وقد سبق أن تردد اسم الشاعرة المكسيكية في أوساط جائزة نوبل لعدة أعوام، وتم منحها جائزة "بابلو نيرودا" العالية الشأن فى أدب أمريكا اللاتينية عام 2019.

- المجموعة الشعرية الوحيدة لكلوريا كرفتز

و "هجرات" هي المجموعة الشعرية الوحيدة لكلوريا كرفتز المولودة عام 1943 في مدينة "مكسيكو سيتي"، وهي حفيدة لمهاجرَين من أوروبا الشرقية، صدر أول جزء منها بعنوان "شخاريت" عام 1979، ثم عادت لتصدر تحت العنوان الحالي بطبعات متتالية، لكن على أوجه أخرى، إذ أصبحتْ مشروعاً حياتياً لا ينقطع تطوره بشكل مستمر لتعاد طباعته بشكل موسع أكبر مع تطوير للقصائد بين فترة وأخرى، وكأنها لا تملك غير "الهجرة" مشكلة ولا منبعا لكتابة القصيدة! 

يشار إلى أن الشاعرة "كلوريا" قد شرعت بكتابة القصيدة في أغسطس عام 1976، وفي أنطولوجيا الشعر المكسيكي الحديث (1950 - 2005)، يشير الناقد الفنزويلي "ميغيل غوميز" إلى أنه يمكن تمييز الشعراء المكسيكيين عن بعضهم البعض ليس عبر أساليبهم الكتابية، بل عبر نظرة الشاعر إلى مكانه وتأريخية دوره، إذ إن الشعراء المكسيكيين يهتمون بالاستمرارية والتاريخ، وبعلاقتهم بمن سبقوهم، الخروج عنهم سبيل محتمل لكن ليس رغبة آنية.

- استشهاد بالشاعر رابي سوسيا

و تستشهد "كلوريا" فى مستهل ديوانها بالشاعر "رابي سوسيا" الذي قال قبل موته: "حين أقف على عتبة السماء سوف لن يسألوني: لمَ لم تصبح موسى؟ وإنما: لمَ لم تصبح كسوسيا؟ لمَ لم تصبح من كان بوسعك أن تكون؟، هذا ما تفعله القصيدة بالشاعر، يصبح شخصا آخر بعد كتابتاها، أليست الكتابة فى إحدى معانيها هجرة أخرى؟ فالهجرة فى جوهرها على كل الاتجاهات والذاكرة كذلك، ثمة شيء ما يحدث معنا حين نشرع بالكتابة أو التذكر إذ أن استرجاع الذاكرة ليس فقط تدوينا لزمن مضى أو لسيرة تاريخية إنما سبيلا لمعرفة ما آلت إليه الذات البشرية، سبيلا للارتقاء نحو ما يمكنها أن تؤول إليه، لذا لم يكن غريبا أن تذكر "كلوريا" في أحد الأحاديث معها عن مشروعها الشعرى أنها "اكتشفت ذاتى عبر القصيدة، أدخلتنى فى زمنها وتفاصيلها عنوةً، وأنا القليلةُ الصبرِ تعلمتُ الصبر".

و  ظلت "كلوريا" حبيسة نفسها حتى النهاية، تبدأ ديوانها مباشرة وهى قابضة على منبع قصيدتها فتقول "في هِجْرات القَرَنْفُلِ الأحمر"، كأنها تعترف منذ البداية أنها لولا الهجرة ما كتبت! فهي "حبيسة نفسي\ أتشبث بي\ وكل شئ يؤوب إلى نهايته"، وبصراحة شديدة الواقعية وشديدة الصدمة تقول في الصفحة التالية أننا "أبدا لم نصل إلى أبعد من أنفسنا"، تتسائل الشاعرة المكسيكية القلقة "إلى من يتحدث المرء قبل موته؟" وأقول لها إلى نفسك يا كلوريا التى لم تصلي إلى أبعد من سواها! لكنها تعلق على جوابي بسؤال صعب وبديع لا يمكن لأحد أن يجيبه سوى القدر "لا أملك بوصلة\ أين سيتوقف النبض؟"!