رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عودة البناء».. فرصة التجار الذهبية لتعويض خسائر «الإيقاف»

البناء
البناء

في مايو الماضي بدأ التطبيق التجريبي لاشتراطات البناء الجديدة في 27 مركزا ومدينة وحيا على مستوى الجمهورية، على أن يتم تطبيقها بشكل رسمي في أول يوليو المقبل، أي أقل من 30 يوم تقريباً.

ومع هذه البداية شهدت مواد البناء ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها تزامنًا مع عودة حركة البناء التي تشهدها المدن مع إصدار التراخيص. 

أظهره ذلك تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يوضح ارتفاع متوسطات أسعار مختلف أنواع مواد البناء خلال الربع الأول من العام الحالي 2021؛ تزامنًا مع إقرار الحكومة عدة اشتراطات جديدة لعودة تراخيص البناء بمختلف محافظات الجمهورية بعد توقف دام عدة أشهر.

تعويض خسائر تجار مواد البناء

يقول صبري الجندي، المستشار السابق لوزير التنمية المحلية، إن ارتفاع أسعار مواد البناء كان أمرًا متوقعًا خاصة مع عودة إصدار تراخيص البناء من جديد وفق اشتراطات البناء الجديدة وعودة حركة البناء من جديد بعد أن توقفت لما يقرب من العام تقريبًا، وبالتالي ستشهد كافة المستلزمات التي تستخدم في عملية البناء ارتفاع ملحوظ سواء في الحديد أو الأسمنت والرمل والزجاج  والادوات الصحية وأي منتج يستخدم في هذه العملية.

وأوضح الجندي، في تصريح لـ"الدستور"، أن من الطبيعي أن ترتفع أسعار هذه المواد لتعويض الخسائر التي تعرضت لها شركات مواد البناء والتجار كذلك خلال توقف عملية البناء، موضحًا أنهم استغلوا حاجة المواطنين للبناء ما دفعهم لرفع الأسعار نتيجة توقعاتهم لزيادة الاقبال على منتجاتهم "واللي بيبني مضطر يشتري عشان يبني خاصة أنه متوقف منذ عدة أشهر". 

وأكد أنه رغم هذا الارتفاع في مواد البناء والحديد لن يتوقف المواطنون عن بناء العقارات السكنية الخاصة بهم "خاصة في الأرياف والصعيد لأنهم معتادين على تملك العقارات السكنية لأنفسهم"، ولأنه رغم كل المجهود الذي بذلته الدولة في تنظيم حركة البناء ومئات الاف من الشقق السكنية التي وفرتها الدولة الا أن رعبة المواطنين في العيش في بيوتهم الخاصة أمر مفروغ منه ولن يحجمهم عن هذه العملية "الطابع العائلي للبناء في أسر عديدة مهم للغاية". 

ووصل متوسط سعر الحديد المبروم إلى حدود 13.354 ألف جنيه خلال شهر مارس من عام 2021 مقابل  10.414 ألف جنيه خلال الشهر المناظر من العام السابق عليه، بزيادة قاربت 3 آلاف جنيه خلال عام، وارتفع متوسط سعر بيع الأسمنت الأبيض إلى حدود 122.50 جنيه خلال شهر مارس الماضى مقابل 119 جنيه خلال الشهر نفسه من العام السابق عليه، كما ارتفع متوسط سعر أسمنت بورتلاندى عادى من 42 جنيه لـ 45.99 جنيه ، أسمنت حديدى من 54 جنيه لـ 55.04 جنيه خلال فترة المقارنة ذاتها.

انتهاء عصر تجار العقارات 

وأشار المستشار السابق لوزير التنمية المحلية إلى أن حركة البناء ستتأثر عند تجار المباني الذي يبنون أبراجا شاهقة الارتفاع "دول مش هيبنوا وهيخرجوا من المعادلة وهما دول المخالفين الأساسيين في مخالفات البناء"، موضحًا أنهم مع خروجهم من معادلة البناء لن يتعرضوا لأي خسائر لأنهم حققوا ملايين بل مليارات الجنيهات من العقارات المخالفة والدليل على ذلك أن بعضهم ممن تقدم للتصالح دفع مئات الملايين "لذلك إما يغيروا نشاطهم أو يكتفوا بهذا المعدل ويبنوا وفقًا للقواعد الجديدة في اشتراطات البناء".

واستكمل أن الفترة القادمة ستشهد انخفاضا ملحوظا في أسعار الأراضي المتاح البناء عليها "مين هيشتري أرض المتر بمئات الآف  كي يبني أرضي و3 أدوار كحد أقصى" ولن يستطيع تحقيق المكاسب الهائلة التي يعوض بها ثمن الأرض بل ومكاسب إضافية، موضحًا أنه بفضل هذا يتم الحفاظ على الثروة المعمارية "كثير من التجار كان يلجأ لشراء الفلل المبنى على طرز معمارية معينة ويهدمها ثم يقوم ببناء برج 12 او 13 دور أما الآن أصبح هذا الأمر منتهي".

وأكد الجندي أن مصر لن تتعرض لأزمة في نقص العقارات كما يدعي الكثيرين لأن سوق العقارات سيكون منظم ونقضي على العشوائية التي كانت منتشرها فيها،  وتشجيع العودة لنظام الإيجار من جديد وبالتالي أصحاب الشقق الذين كانوا يقفلونها دون أي استفادة لعرضها للسوق والاستفادة بها، وكذلك ما زال متبقي مئات العقارات المخزونة والتي لم تباع أو يتم تأجيرها يبدأ أصحابها في الاستفادة منها، تشيجع المواطنين كي تبني للإيجار. 

ارتفاع اسعار مواد البناء مع عودة إصدار التراخيص 

واتفق معه الدكتور محمود ربيع، خبير الإدارة العامة والمحلية، أنه مع إنطلاق منظومة اصدار تراخيص البناء وفقًا اشتراطات البناء الجديدة وسماح الدولة بعودة البناء مرة أخرى وفق قواعد ونظم محددة تحددها كي تمنع العشوائيات التي شوهت الثروة العقارية كان من الطبيعي أن ترتفع أسعار مواد البناء بشكل ملحوظ، متوقعًا أن ترتفع بشكل أكثر مع التطبيق الفعلي لمنظومة التراخيص في يوليو القادم وفتح المجال لكافة المحافظات لتعويض الخسائر التي تعرض لها التجار خلال توقف عملية البناء في الأشهر الماضية. 

وأوضح ربيع، في تصريح لـ"الدستور"، أن خروج اشتراطات البناء الموحد للنور كان له أثر في تغير سعر المنتج النهائي نتيجة زيادة الطلب على خامات الانتاج، موضحًا على سبيل المثال أن مصر  تنتج حوالي 7.9 مليون طن من حديد التسليح، وحوالي 4.5 مليون طن بليت، بينما تستورد 3.5 مليون طن بليت، بحسب بيانات غرفة الصناعات المعدنية، وسبب ارتفاع السعر صناعيًا هو ارتفاع سعر البليت عالميا، ويمثل الحديد أساس عملية البناء وبالتالي ترتفع اسعاره بهذا الشكل الهائل يصاحبها ارتفاع في باقي المواد الأساسية المكملة أيضًا. 

وأضاف ربيع أن القيادة السياسية سعت من خلال اشتراطات البناء الجديدة إنهاء حالة العشوائية التي حدثت في العقارات المصرية خلال العقود الماضية رغم صدور قانون البناء الموحد  رقم 119 لسنة 2008 والذي يمنع وجود أي بناء مخالف لتنظيم حركة العمران في مصر وهو ما لم يحدث، وبالتالي تسعى الدولة إلى عودة حركة البناء بشكل كامل وفقًا لمعايير واضحة تناسب الشكل الجمالي وتتوافق مع السلامة الإنشائية وبالتالي لن يبني الا من يحتاج العقار فقط، أما تجار العقارات الذين كانوا يتربحون وكانوا سببًا في مخالفات البناء  يتراجع دورهم عند هذا الحد. 

اشتراطات البناء الجديدة 

تتضمن اشتراطات البناء الجديدة عددًا من الشروط التي يُلزم بها الراغب في البناء، والتي تحل محل الاشتراطات التخطيطية والبنائية الواردة بالمخططات الاستراتيجية والتفصيلية المعتمدة للمدن، ولا تسري اشتراطات البناء الجديدة على المشروعات القومية التي تنفذها الدولة، أو على الأراضي الخاضعة لولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إضافة إلى عدم تطبيقها بالنسبة للبناء داخل القرى، والتي تعتمد على قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008.

وحظرت اشتراطات البناء الجديدة، البناء في المناطق ذات كثافات شديدة الارتفاع بشكل تام، بجانب حظر جزئي في المناطق ذات الكثافة متوسطة إلى مرتفعة.