رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نرمين يسر تكتب: التجارب المتواضعة لا تصنع سوى موسم هزيل

نرمين يسر
نرمين يسر

ثانية واحدة، احمد نوتردام، وديدو هي الأفلام الثلاثة التي شهدها موسم عيد الفطر هذا العام في حضور خجول لفكرة الذهاب إلى السينما في ظل الموجة الثالثة لوباء الكورونا ومواعيد دور العرض التي تغلق ابوابها في التاسعة مع سخافة الأجراءات الأحترازية التي تفسد طقس المشاهدة الجماعي واذدحام جمهور المراهقين والأسر على بوابات السينما وداخل قاعة العرض.

 

يمكن اعتبار أن الأفلام الثلاثة مستوحاة من أفلام اجنبية على درجات مختلفة، ربما كان انضجها ووأكثرها اختلافا على مستوى النوع هو ثانية واحد من تأليف مصطفى حمدي وإخراج اكرم فريد، خاصة انه ينتمي النوعية من الخيال الرومانتيكي اللطيف حيث تصدم فتاة شابة رجلا يصاب بحالة غريبة وهي فقدان الذاكرة مع تراجع عقلي يجعله يعيد معايشة مراحل الطفولة والمراهقة والشباب بينما لا تملك هي اي شئ سوى ان تتحول إلى أمه!

 

اما كل من أحمد نوتردام وديدو فكلاهما ينتميان للكوميديا الهزلية مع وجود بعض الخطوط الرومانسية التي توضع لمجرد أن تصبح هناك قصة حب بالمفهوم التقليدي لمعالجة السينما التجارية لهذا النوع من الأفلام الموسمية العابرة، وبينما يبدو ديدو خيالا علميا افسده الهزل الشديد، يأتي احمد نوتردام اقرب للمحاكاة الساخرة الساخرة التي فلتت من نضج الصياو وتحولت هي الاخرى إلى مجموعة مزحات وافيهات قصيرة العمر سوف تموت ومعها الفيلم بعد انتهاء الموسم بأسابيع قليلة. 

 

رامز نوتردام

 

الفيلم المستوحي عنوانه من رواية احدب نوتردام للكاتب الفرنسي فيكتور هوجو، التي تدور في اطار رومانسي بوقوع الاحدب في حب شابة جميلة ويحاول التضحية بحياته عدة مرات من اجلها ايمانا منه بان الجمال لابد ان يستمر حي فينشر نوره على العالم الذي رفض وجوده وسخر من عاهته وتشوهات الجسدية عدا ازميرالدا الجميلة التي عطفت عليه واعطته جم احاسيسها الصادقة وسط غرق الاحدب في شعور القهر المجتمعي الذي يعيشه

 

اما عن الفيلم المصري احمد نوتردام من بطولة رامز جلال وغادة عادل وبيومي فؤاد ومحمد ثروت وحمدي الميرغني ؟ سيناريو لؤي السيد واخراج محمود كريم، في ثان تعاون بين المؤلف والمخرج في تعارض اسماء الافلام كما فعلا في فيلمهما السابق رغدة متوحشة علي غرار فيلم رغبة متوحشة للمخرج الكبير خيري بشارة 

 

الفيلم يدور حول احمد/رامز جلال صحفي التحقيقات الذي يشاركه عمله حمدي الميرغني وشغفه بموضة العصر من نشر فيديوهات التحقيقات الصحفية والاخبار الساخنة على السوشيال ميديا واتباع التريند واللهاث خلف عدد المشاهدات، يواجه الزميلان قضية رأي عام مهمة للغاية وتتمثل في تكرار جرائم قتل متشابهة والمرجح انهم يطاردون قاتل متسلسل يحتفظ بجزء مختلف من اجساد الضحايا من  السيدات كمن يجمع جسد كامل، تتعرف على نية السفاح منذ رؤية هيئته المشوهة وساقه العرجاء ورواية احدب نوتردام التي يخط تحت جمل بعينها تحت السطور 

 

لم يختلف اداء رامز وطريقة القاء الافيهات الكوميدية عن برامجه الرمضانية والتي لا تثير سوى ضحكات جمهوره من المراهقين وكبار السن الشاعرين بالملل، على شاشة التليفزوين تحمل البرامج أسمه ووصف ماسيقدمه من خلالها مثل رامز قلب الاسد ورامز واكل الجو ورامز تحت الارض ورامز مريض نفسي الذي يعد اقرب الي اجواء فيلم نوتردام، والذي يقارب افلام السيكو دراما، تلك التي تدور حول السفاحين الدمويين المعقدين نفسيا مثل سلسلة افلام  saw الامريكية او السفاحين المختلين الهادئين مثل ميمي في الفيلم المصري سفاح النساء لنيازي مصطفي وربما بعض من من فيلم ديفيد فنشر الشهيرseven ، ولكن الاختلاف في ان رامز هذه المرة يشعر بالرعب من خياله متخليا عن دور صاحب المقالب الشهير، وفي المقابل لعب خالد الصاوي دور السفاح بشكل مقنع وجذاب فاستخدم طبقة صوت معذبة بعض الشئ يحاول من خلالها التغلب على عقدة نفسية جراء النبذ والابعاد الذى يعاني منهم من الاخرين فيطلق جملة "في موت احدهم خير للاخر" بينما يعذب ضحيته في اثناء ما يقرأ كتابا.

 

وتشارك غادة عادل في دور طبيبة المشرحة مع فريق البحث احمد وشاكر الصحفيان وبيومي فؤاد "العبقري" الخربوطلي، فيتخذ سيناريو لؤي السيد شكل الافلام الاجنبية من مواقع تصوير معتادة في افلام الرعب والسيكودراما مثل محطة المترو الفارغة من الركاب والطرق والشوارع المظلمة والاضاءة الخافتة في منازل تلك المناطق النائية ونعيق الغربان حتي عبور الغزلان طريق السيارات! فقد ظهرت غزالة شاردة تعبر طريق سيارة رامز وغادة ليصطدما بشجرة مقطوعة ليلتقبا في احضان بعضهما البعض لخلق بداية من المواقف الرومانسية فيما بعد، وبالمناسبة فان غادة عادل تلعب دور متكرر من البطولة النسائية غير المؤثرة في الدراما سوي ان تقدم دور المرأة الجميلة التي تفرد الافية للبطل  بغير قصد او تتلقاه بعدم فهم لتفتح مجال الاضحاك مما يمكن معه استبدالها بأي ممثلة اخرى دون ان يكون أيشكل من اشكال التأثير او الأفتقاد بالنسبة للدور.

 

عزيزتي لقد قلصت الأطفال

 

يقرر ديدو واصدقائه سرقة اختراع العالم الفذ فننس، وهو الاختراع الذي عبارة عن جهاز لتصغير الاشياء والبشر، في اثناء زيارتهم لمنزل العالم يعمل الجهاز عن طريق الخطأ، ليتحول حجم الجميع الي عقلة اصبع يمكن للحشرات والزواحف مطاردتها وتناولها كوجبة خفيفة. 

 

تبدو فكرة الفيلم مثيرة ومفرحة ومحفزة ومقتبسة من فيلم honey I shrunk the kids  او عزيزتي لقد قلصت الاطفال 1989، فكرة التصغير لم تبارح خيال صناع الافلام لما تعطيه من مساحة شاسعة للخيال والابداع وتغيير اشكال الواقع لكن ذلك لم يحدث بشكل مرضي لفيلم مصري مصنوع كاملا بتقنية متطورة من الجرافيك تنقل احداث ومشاهد المخاطر التي يواجهها افراد العصابة امام الخنفساء والضفدع في ساحة المعركة بين حشائش حديقة منزل فننس، وما يواجهونه من مخاطر الكبار اللذين ظلوا بحجمهم الطبيعي واخرين خطرين علي عقل الاصابع عبارة عن مشاهير اللعب التي تتحدث وتتأمر وتضحك وتتفاعل مثل فيلم toy story  فتتكون جبهة عراك جديدة تواجه عصابة ديدو للحصول علي الاختراع لتحويل اجسادهم البلاستيكية الضئيلة الي احجام بشرية ويتخلصون اخيرا من تحمل نظرة العالم اليهم انهم مجرد ألعاب اطفال.

 

فيلم ديدو من الافلام التي كان من المتوقع ان تكون مبهرة وتحمل افكار جديدة بتقنيات لم يقدم بها عمل مصري كامل من قبل، لكن الكوميديا الهزلية المسفة افسدت المكموح المتمثل في المستوى الجيد للجرافيك والمؤثرات البصرية، فالكوميديا في الفيلم تكاد تكون متكررة الافيهات والمواقف، واما عن كريم فهمي فإصراره على ان يقدم ادواراكوميديا فيبدو اصرار غير موفق على مستويات كثيرة فهو لا يملك سوى اسلوب واحد في إلقاء الأفيهات، الأسلوب الجاد الذي يبدو معه الأفيه كأنه جملة عابرة، دون اي انفعال او تلون ملامحي او لغة جسد تناسب هزلية المواقف وخيالها الواسع، كريم فهمي بعيد عن الكوميديا وقد اختار من بداية طريقه تقديم الشخصية الجادة والرومانسية، واختياره لمشاركة هشام وشيكو واحمد شقيقه في الفيلم جاءت مشاركة غير مفهومة او لقطة عابرة لا نعلم من اين اتوا والي اين ذهبوا او لماذا، وهي نوعية لامشاهد التي يصورها صنعا الفيلم من أجل تتمنها الدعاية فيظن المتلقي الساذج انه الفيلم من بطولة هذه التوليفة من النجوم الشباب.

 

نور/ حمدي الميرغني وتوحيد/ محمد ثروت والبلطي/ احمد فتحي قدموا ادوارهم الكوميدية بالمساحة المعتادة كما في فيلم احمد نوتردام، الفيلم المنافس لديدو في موسم يد الفطر في العام الثاني لوباء الكورونا،ويعد كل منهم موهبة ثرية طموحة وقدرات تمثيلية متميزة فقط ينقصهم التنوع في اختيار الادوار والافيهات المسنهلكة المرتجلة احيانا.