رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كورونا» يفتك بعدة دول في أمريكا الجنوبية

كورونا
كورونا

أدت الإستراتيجية المتساهلة في إجراءات مكافحة كوفيد-19 في أوروجواي، كما سياسة الاحتواء الصارم في الأرجنتين، إلى نتيجة واحدة، فالبلدان ومعهما باراجواي المجاورة، يسجلان حاليًا أعلى معدل وفيات في العالم.

بعد 15 شهرا على ظهور الفيروس في القارة، تشهد دول عدة من أمريكا الجنوبية أسوأ وضع حتى الآن، رغم أن بعض الدول تحرز تقدما في برامج التلقيح.

وتسجل أوروجواي أكبر معدل وفيات في العالم تليها باراغواي ثم الأرجنتين.

وسجلت خلال الأسبوعين الماضيين، الأوروجواي، 21,63 وفاة لكل 100 ألف شخص، والأرجنتين 14,73. كما تصنف ثلاث دول أخرى من أميركا الجنوبية هي كولومبيا والبرازيل والبيرو في قائمة الدول الست التي تسجل أعلى معدلات وفيات في العالم.

وعلى سبيل المقارنة فإن المعدل في الولايات المتحدة يبلغ 2,46 وفاة لكل 100 ألف شخص.
 

ويبرز السؤال: كيف يمكن لبلدين يطبقان استراتيجيتين على طرفي نقيض في مكافحة الوباء أن يسجلا نفس النتائج القاتمة والمروعة؟

أحد الأجوبة قد يكمن جزئيا في تصرفات الناس وسلوكهم.

ولطالما اعتبرت أوروغواي خلال القسم الأكبر من 2020 اعتُبرت نموذجا في إدارة الوباء دون اضطرارها لفرض إغلاق، ما تسبب في قلة اوعي للمخاطر وتراخ في السلوك.

ورغم تدابير إغلاق صارمة في الأرجنتين، لجأ مواطنون ضاقوا ذرعا إلى تصرفات متهورة مثل المشاركة في تجمعات اجتماعية إضافة إلى التمرد وإنكار خطورة الفيروس، بحسب إليسا إستنسورو العضو في لجنة خبراء تقدم الاستشارة للرئيس ألبرتو فرنانديز.

الناس في أوروغواي "لا يصدقون" أن الفيروس خطير، حسبما قال فرانسيسكو دومينغيز الذي يعمل في وحدة للعناية المركزة لوكالة فرانس برس.

وأوضح "لا يصدّقون، إلى أن يدخل أحد أفراد عائلتهم هذه الوحدة".

ويمكن فهم اللامبالاة في أوروغواي بشكل أفضل عند الأخذ بعين الاعتبار أنه حتى منتصف 2020، لم يتجاوز عدد الإصابات فيها 20 حالة، وفي بعض الأيام لم تسجل أي إصابة.

والآن يشهد هذا البلاد مستويات "تاريخية" من شغل الأسرّة في وحدات العناية المركزة.

وقال رئيس جمعية وحدات العناية المركزة في أوروغواي خوليو بونتيت لوكالة فرانس برس "لم يُسجل في تاريخ العناية المركزة في هذا البلد قبل الوباء شغل 600 سرير".

وجعل الرئيس لويس لاكاليه بو "الحرية المسؤولة" أولوية سعيا للحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد، وقاوم باستمرار ضغوط القطاع الصحي لفرض إغلاق.

والعروض والحفلات معلقة منذ مارس، والحدود لا تزال مغلقة لكن سُمح للنوادي الرياضية بفتح أبوابها مجددا فيما تعمل المطاعم والمتاجر بشكل طبيعي.

وحتى برنامج تلقيح ناجح جدا تلقى فيه 29 بالمئة من الناس اللقاح بالكامل و47 بالمئة جرعة على الأقل، لم يتمكن من إبطاء ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات.

السبت الماضي بدأت الأرجنتين تطبيق إجراءات عزل لتسعة أيام بعد ارتفاع أعداد الإصابات اليومية إلى 30 ألف والوفيات إلى 500.

وبحسب إستنسورو فإن السلوك غير المسؤول، والتطبيق المتأخر لقيود أكثر صرامة، وعدم توفر اللقاحات، وانتشار متحورات جديدة أكثر فتكا، كلها عوامل تسببت بالموجة الأخيرة التي تضرب البلد.

وقالت الخبيرة "هذا التفشي الرهيب والجامح للفيروس تعززه تصرفات الناس غير المنطقية: التجمعات، ناس من دون كمامات ... البعض يلتزم (بالقيود) والبعض الآخر في حالة إنكار أو تمرد".

وعم شعور بالملل عندما أمر فرنانديز بفرض تدابير عزل ومنع تجول وحجر صارمة وإغلاقا لجميع الأنشطة التجارية باستثناء الأساسية منها.

وقالت المتقاعدة ناديا مارييلا (73 عاما) بعد تلقيها جرعة لقاح في بوينوس ايريس "لم اعد استطيع التحمل، اضطرت لزيارة طبيب نفسي لأنني لا استطيع البقاء داخل المنزل".

تواجه المستشفيات نقصا في الأسرة والأكسجين فيما تعاني الطواقم من الإرهاق.

وقال الممرض في مستشفى دوراند في بوينس ايريس هكتور أورتيز "أمس لم يكن لدينا أي سرير. عندما يشغر سرير يكون السبب وفاة المريض".

رغم ذلك نزل آلاف المواطنين إلى الشارع الثلاثاء رفضا للقيود.

سجلت الأرجنتين ثلاث سنوات من الركود والعام الماضي تراجع الاقتصاد بنسبة 9,9%.

وعملية نشر اللقاح بطئية حيث تلقى أقل من 20 بالمئة من السكان البالغ عددهم 45 مليون نسمة، جرعة أولى، فيما تلقى ما يزيد بقليل عن 5 بالمئة الجرعتين.