رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«يا ريس عاوزين اللحمة».. مواقف المثقفين مع مبارك يرويها إبراهيم عبد المجيد

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

للرئيس السابق محمد حسني مبارك العديد من المواقف مع الأدباء وكان الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد حاضرا لبعض هذه اللقاءات مع المثقفين وواقف الرئيس الأسبق معهم، وفي كتابه "أيامي الحلوة فقط" الصادر حديثا عن دار بيت الياسمين يذكر إبراهيم عبد المجيد بعض هذه المواقف.

يقول عبد المجيد: "كثير من الحديث يمكن أن أقوله عن أيام المعرض وعن لقاء حسني مبارك بالمثقفين، ومن المهم أن أقول، ليس دفاعا عن أحد، أن كثيرا من المثقفين كانوا يسألون ويتحدثون في قضايا هامة ، لكن التليفزيون لم يكن يأتي بأكثر من ثلث ساعة من اللقاء ، يركز فيه على الطلبات التي تكاد تكون شخصية لبعض الناس، فأظهر المثقفين في صورة سيئة أو ساذجة.

يكمل عبد المجيد: الأولي عام 1997 حين تم اختيار روايتي "لا أحد ينام في الإسكندرية" كأحسن رواية في العام. كان من يتم اختيار كتابه يتقدم ليصافح الرئيس ويعود فقط لا غير، ويتسلم فيما بعد درعا من الهيئة بذلك أو شهادة. كنت أجلس جوار المرحوم الدكتور أحمد مستجير مصطفى، الشاعر والعالم في الهندسة الوراثية من ناحية، ومن الناحية الأخرى سمير غريب الكاتب والصحفي، وهو بالمناسبة ليس الشاب سمير غريب علي صاحب رواية الصقار، ولسمير غريب كتابات هامة في الفنون وشغل مناصب هامة في الوزارة، وفجأة سألني سمير: "كيف ستصافح الرئيس ولا ترتدي كرافته؟"، قلت له: "لا أحبها، لقد ارتديت بدلة وخلاص"، قال لي ضاحكا كعادته: "مايصحش دا بروتوكول يا إبراهيم كان لازم تعمل حسابك"، ولم أهتم لكن الدكتور أحمد مستجير قال لي: "معي كرافتة لا تحتاج لفكها أو ربطها، دائرتها حول العنق أستيك، وخلعها وقدمها لي قائلا: "ضعها حول عنقك وبعد أن تعود أعطها لي، أنت إبراهيم وأنا أحمد وبيننا سيكون واحد أو اثنين، أخذت الكرافتة ووضعتها حول عنقي ونادوا اسمي، فتقدمت وصافحت الرئيس وعدت، في طريق العودة نادوا عليه بعدي مباشرة، كان الموقف محيرا ومربكا لكني وقد اقتربت منه هو الذي يتقدم ناحيتي في الطريق إلى المنصة، خلعت الكرافتة وأعطيتها له فوضعها حول عنقه بين ضحك من يرانا وعدت إلى مكاني ضاحكا.

ويواصل: "المرة الثانية كانت عام 2005حين فزت بجائزة الدولة للتفوق في الآداب عن العام السابق. وهذه كان اللقاء فيها بالرئيس بعيدا عن المعرض،  كنا تسلمنا جميع الفائزين الميدالية والشيك من المجلس الأعلى للثقافة من قبل، بعد أيام أصدر حسني مبارك قرارا بمضاعفة الجائزة وعرفنا أننا سنحصل علي نفس القيمة السابقة مرة أخري، كانت الجائزة التقديرية خمسين ألفا صارت مائة الف والتفوق خمسة وعشرين ألفا صارت خمسين ألف والتشجيعية عشرة آلاف صارت عشرين ألفا، الصدفة كنت فائزا في المرة الثانية بالجائزة التقديرية عام 2007 وضاعف أيضا الجائزة لكن هذا حديث سيأتي في مناسبة أخري. المهم عرفنا أنه سيلتقي بنا يوزع علينا شهادات الجائزة بنفسه وكانت هذه أول مرة. لم يفعلها مبارك قط  قبل ولا بعد ذلك.

ويضيف: "المهم ذهبنا إلى القصر الجمهوري في شارع العروبة بمصر الجديدة كل الفائزين. وجدنا معنا بعض الفنانين الذين كان يحب أن يراهم وطبعا صحفيين سيغطون المسألة، بعد أن قام بتوزيع الشهادات علينا خرج من القاعة وخرجنا معه، وقفنا حوله في الحديقة وإذا بالشاعر عبد العزيز موافى يقول له "ياسيادة الريس احنا بنشكرك جدا على مضاعفة الجايزة لكن أحنا ما اخدناش قيمة المضاعفة لحد دلوقتي وفاضل كام يوم على العيد الكبير وعايزين نشتري لحمة للعيال" كان الكلام بالنسبة لنا غريبا جدا  فأدار معظمنا وجهه بعيدا يكاد يضحك، لكن فوجئنا بالرئيس مبارك ينادي الوزير فاروق حسني قائلا: "يا فاروق.. تعالَ"، تقدم فاروق حسني فسأله كيف لم نحصل على قيمة مضاعفة الجائزة، فقال له فاروق حسني: "يا أفندم الموضوع في يد رئيس الوزراء وهناك إجراءات تتم وستنتهي بسرعة"، فنادى حسني مبارك رئيس الوزراء أحمد نظيف قائلا "يا نظيف تعالَ". جاء أحمد نظيف فسأله نفس السؤال فأجاب نظيف أن الأمر يحتاج إلى موافقة مجلس الشوري وقد تمت وبقيت موافقة مجلس الشعب وستتم، ويتم الصرف بسرعة، فقال له الرئيس "باقول لك إيه ماتهرش مخي، الفلوس النهاردة"، قال نظيف: "حاضر يافندم"، انصرفنا بعدها وعاد معي عبد العزيز موافى الذي كان فائزا بالتشجيعية في سيارتي وإبراهيم أصلان الذي كان فائزا بالتقديرية وسألت عبد العزيز “كيف تقول للرئيس وتكسفنا أننا عايزين نشتري لحمة ما الفلوس حتيجي حتيجي؟” قال لي: "أنا كنت ضابط جيش وهذه هي اللغة التي يفهمها". ضحكنا ووصلت إلي البيت، وفي الساعة الرابعة عصرا وجدت جابر عصفور أمين المجلس الأعلى للثقافة يطلبني علي الموبايل يقول لي تعالي يا سيدي دلوقت خد شيك بفرق الجايزة من المجلس وضحكت.